قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ؛ المعنى: " بسؤاله نعجتك ليضمها إلى نعاجه " ؛
وإن كثيرا من الخلطاء ؛ من الشركاء؛ تقول: " فلان خليطي؛ وشريكي " ؛ في معنى واحد؛
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم ؛ أي: قليل هم؛ وقوله:
وظن داود أنما فتناه ؛ الآية؛ ويقرأ بالتخفيف: " فتناه " ؛ يعنى به الملكان؛ ومعنى " ظن " : أيقن؛ إلا أنه ليس بيقين عيان؛ أما العيان فلا يقال فيه إلا " علم " ؛
فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب ؛ مكث أربعين يوما ساجدا؛ لا يرفع رأسه؛ يستغفر الله من ذنبه؛ إلا لصلاة مكتوبة؛ وما لا بد له منه؛ ولا ترقأ دمعته.
[ ص: 328 ] ويروى في التفسير أن قصة
داود والملكين سببها أن إبليس - غضب الله عليه - تمثل له في صورة طير من ذهب؛ فسقط بقربه؛ فأوى إليه ليأخذه فتنحى؛ وطلبه حتى إذا قارب أن يتناوله تنحى؛ فبصر
داود في اتباع الطير بامرأة تغتسل؛ وبصرت به؛ فتجللت بشعرها؛ حتى سترها؛ ويقال: إنها امرأة
أوريا بن حنان؛ ويروى أنه كتب إلى صاحب جنده أن يقدم
أوريا في حرب كانت؛ فقدمه؛ فقتل؛ فتزوجها
داود؛ ويروى أن
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا - رضي الله عنه - قال: " من قال: إن
داود - عليه السلام - قارف من هذه المرأة ريبة جلدته مائة وستين جلدة؛ لأن من قذف غير النبي جلد ثمانين جلدة؛ ومن قذف نبيا جلد مائة وستين جلدة " ؛ وكان في التفسير أن
داود أحب أن يتلف
أوريا حتى يتزوج
داود بامرأته؛ وهذا - والله أعلم - إنما كان من
داود على جهة محبة أن يتفق له ذلك من غير أن يتعمد؛ أو يسعى في دم الرجل؛ فجعله الله له ذنبا لما أحبه؛ ويجوز أن يكون كتب في أن يقدم أمام التابوت هذا الرجل لبأسه؛ ونجدته في الحرب؛ ورجا كفايته؛ فاتفق مع ذلك أن أصيب؛ وبه حلت له امرأته؛ فعوتب على محبة امرأة رجل ليس له غيرها؛
ولداود تسع وتسعون امرأة؛ فكان ذلك من ذنوب الأنبياء؛ فلما بالغ في التوبة وجهد نفسه في الرغبة إلى الله في العفو؛ حتى كاد أن يتلف نفسه تائبا؛ ومتنصلا إلى الله من ذنبه؛ والله - عز وجل - قد وصف ذلك فقال:
واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب ؛ وقول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي - رضي اللـه عنه -: " صلى الله على
داود ورحمه " ؛ يدل على صحة هذا التأويل؛ والله أعلم.