وقوله - جل وعز - :
لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ؛ و " إلا من ظلم " ؛ يقرأ بهما جميعا؛ فالمعنى أن المظلوم جائز أن يظهر بظلامته تشكيا؛ والظالم يجهر بالسوء من القول ظلما واعتداء؛ وموضع " من " ؛ نصب بالوجهين جميعا؛ لأنه استثناء ليس من الأول؛
[ ص: 126 ] المعنى : لا يحب الله الجهر بالسوء من القول؛ لكن المظلوم يظهر بظلامته تشكيا؛ ولكن الظالم يجهر بذلك ظلما؛ ويجوز أن يكون موضع " من " ؛ رفعا؛ على معنى " لا يحب الله أن يجهر بالسوء من القول إلا من ظلم " ؛ فيكون " من " ؛ بدلا من معنى " أحد " ؛ المعنى : " لا يحب الله أن يجهر أحد بالسوء من القول إلا المظلوم " ؛ وفيها وجه آخر؛ لا أعلم النحويين ذكروه؛ وهو أن يكون " إلا من ظلم " ؛ على معنى " لكن الظالم اجهروا له بالسوء من القول " ؛ وهذا بعد استثناء ليس من الأول؛ وهو وجه حسن؛ وموضعه نصب؛ وقد روي أن هذا ورد في الضيف إذا أسيء إليه؛ فله أن يشكو لك؛ وحقيقته ما قلناه؛ والله أعلم.