وقوله :
إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ؛ أي : إبراؤه الأكمه والأبرص وإتيانه بالآيات المعجزات ليس بأنه إله؛ إنما أتى بالآيات كما أتى
موسى بالآيات؛ وكما أتى
إبراهيم بالآيات؛
وأمه صديقة ؛ أي : مبالغة في الصدق؛ والتصديق؛ وإنما وقع عليها " صديقة " ؛ لأنه أرسل إليها
جبريل؛ فقال الله - عز وجل - :
وصدقت بكلمات ربها وكتبه ؛
[ ص: 197 ] و " صديق " : " فعيل " ؛ من أبنية المبالغة؛ كما تقول : " فلان سكيت " ؛ أي : مبالغ في السكوت " ؛ وقوله :
كانا يأكلان الطعام ؛ هذا احتجاج بين؛ أي : إنما يعيشان بالغذاء؛ كما يعيش سائر الآدميين؛ فكيف يكون إلها من لا يقيمه إلا أكل الطعام؟! وقوله :
انظر كيف نبين لهم الآيات ؛ أي : العلامات الواضحة؛
ثم انظر ؛ أي : انظر بعد البيان؛
أنى يؤفكون ؛ أي : من أين يصرفون عن الحق الواضح؛ وكل شيء صرفته عن شيء؛ وقلبته عنه؛ تقول : " أفكته آفكه إفكا " ؛ و " الإفك " : الكذب؛ إنما سمي لأنه صرف عن الحق؛ و " المؤتفكات " : الرياح التي تأتي من جهات على غير قصد واحد؛