وقوله :
قل إني على بينة من ربي ؛
[ ص: 256 ] أي : على أمر بين؛ لا متبع هوى؛
وكذبتم به ؛ هذه الهاء كناية عن البيان؛ أي : وكذبتم بالبيان؛ لأن البينة والبيان في معنى واحد؛ ويكون " وكذبتم به " ؛ أي : بما أتيتكم به؛ لأنه هو البيان؛ وقوله :
ما عندي ما تستعجلون به ؛ والذي استعجلوا به الآيات التي اقترحوها عليه؛ فأعلم - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك عند الله؛ فقال : " إن الحكم إلا لله يقض الحق وهو خير الفاصلين " ؛ هذه كتبت ههنا بغير ياء على اللفظ؛ لأن الياء أسقطت لالتقاء الساكنين؛ كما كتبوا :
سندع الزبانية ؛ بغير واو؛ وقرئت : " يقص الحق " ؛ وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس " يقضي بالحق " ؛ إلا أن القراء لا يقرؤون " يقضي بالحق " ؛ لمخالفة المصحف؛ و " يقضي الحق " ؛ فيه وجهان؛ جائز أن يكون " الحق " ؛ صفة للمصدر؛ المعنى : يقضي القضاء الحق؛ ويجوز أن يكون " يقضي الحق " : يصنع الحق؛ أي : كل ما صنعه - عز وجل - فهو حق؛ وحكمة؛ إلا أن
وهو خير الفاصلين ؛ يدل على معنى القضاء الذي هو الحكم؛ فأما " قضى " ؛ في معنى " صنع " ؛ فمثله قول
الهذلي :
وعليهما مسرودتان قضاهما ... داود أو صنع السوابغ تبع
[ ص: 257 ] أي : صنعهما
داود؛ ومن قرأ : " يقص الحق " ؛ فمعناه أن جميع ما أنبأ به؛ وأمر به؛ فهو من أقاصيص الحق.