وقوله :
ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن ؛ المعنى - والله أعلم - : فيقال لهم :
يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس ؛ المعنى : قد استكثرتم ممن أضللتموهم من الإنس؛
وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض ؛ جاء في التفسير أن استمتاع الإنس بالجن أن الرجل كان إذا سافر سفرا فخاف؛ أو أصاب صيدا؛ قال : أعوذ برب هذا الوادي؛ وبصاحب هذا الوادي؛ يعني به الجن؛ واستمتاع الجن بالإنس أن الإنسي قد اعترف له بأنه يقدر أن يدفع عنه؛ والذي يدل عليه اللفظ - والله أعلم - هو قبول الإنس من الجن ما كانوا يغوونهم به؛ لقوله :
استكثرتم من الإنس ؛ فأما من كان يقول هذا؛ أعني يستعيذ بالجن؛ فقليل؛
قال النار مثواكم ؛ " المثوى " : المقام؛
خالدين فيها ؛ منصوب على الحال؛ المعنى : " النار مقامكم في حال خلود دائم " ؛ وقوله :
إلا ما شاء الله ؛ معنى الاستثناء عندي ههنا - والله أعلم - إنما هو من يوم القيامة؛ لأن
[ ص: 292 ] قوله :
ويوم يحشرهم جميعا ؛ هو يوم القيامة؛ فقال : " خالدين فيها مذ يبعثون إلا ما شاء ربك من مقدار حشرهم من قبورهم؛ ومقدار مدتهم في محاسبتهم " ؛ وجائز أن يكون " إلا ما شاء الله أن يعذبهم به من أصناف العذاب " ؛ كما قال - جل وعز - :
لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك ؛ فيجوز - والله أعلم - " إلا ما شاء ربك من مقدار حشرهم؛ ومحاسبتهم " ؛ ويجوز أن يكون " إلا ما شاء ربك مما يزيدهم من العذاب " ؛ وقوله :
إن ربك حكيم عليم ؛ أي : هو حكيم فيما جعله من جزائهم؛ وحكيم في غيره.