وقوله - عز وجل -:
قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس ؛ قيل لهم هذا لأنهم قالوا: "
لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى " ؛ وقالوا: "
نحن أبناء الله وأحباؤه " ؛ فقيل لهم: إن كنتم عند أنفسكم صادقين فيما تدعون؛ فتمنوا الموت؛ فإن من كان لا يشك في أنه صائر إلى الجنة؛ فالجنة عنده آثر من الدنيا؛ فإن كنتم صادقين فتمنوا الأثرة؛ والفضل.
وللنبي - صلى الله عليه وسلم - وللمسلمين في هذه الآية أعظم حجة؛ وأظهر آية؛ وأدلة على الإسلام؛ وعلى صحة تثبيت رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه قال لهم: " تمنوا الموت " ؛ وأعلمهم أنهم لن يتمنوه أبدا؛ فلم يتمنه منهم واحد؛ لأنهم لو تمنوه لماتوا من
[ ص: 177 ] ساعتهم؛ فالدليل على علمهم بأن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - حق أنهم كفوا عن التمني؛ ولم يقدم واحد منهم عليه؛ فيكون إقدامه دفعا لقوله: "
ولن يتمنوه أبدا " ؛ أو يعيش بعد التمني؛ فيكون قد رد ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فالحمد لله الذي أوضح الحق؛ وبينه؛ وقمع الباطل وأزهقه.