الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم ؛ يعني: ما قدمت من كفرهم بالنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنهم كفروا وهم يعلمون أنه حق؛ وأنهم إن تمنوه ماتوا؛ ودليل ذلك إمساكهم عن تمنيه. وقوله - عز وجل -: والله عليم بالظالمين ؛ الله - عز وجل - عليم بالظالمين؛ وغير الظالمين؛ وإنما الفائدة ههنا أنه عليم بمجازاتهم؛ وهذا جرى في كلام الناس المستعمل بينهم؛ إذا أقبل الرجل على رجل قد أتى إليه منكرا؛ قال: " أنا أعرفك " ؛ و " أنا بصير بك " ؛ تأويله: أنا أعلم ما أعاملك به؛ وأستعمله معك؛ فالمعنى: إنه عليم بهم؛ وبصير بما يعملون؛ أي: يجازيهم عليه بالقتل في الدنيا؛ أو بالذلة؛ والمسكنة؛ وأداء الجزية؛ ونصب " لن " ؛ كما تنصب " أن " ؛ وقد شرحنا نصبها فيما مضى؛ وذكرنا ما قاله النحويون فيه؛ ونصب " أبدا " ؛ لأنه ظرف من الزمان؛ المعنى: لن يتمنوه في طول عمرهم إلى موتهم؛ وكذلك قولك: " لا أكلمك أبدا " ؛ المعنى: " لا أكلمك ما عشت " ؛ ومعنى " بما قدمت أيديهم " : أي: " بما تقدمه أيديهم " ؛ ويصلح أن يكون: " بالذي قدمته أيديهم " .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية