[ ص: 52 ] مثل من يثني ويعقل عقل مشاهدة
ومثل من عقله عقل مشاهدة بقلبه فقال عرفتك بهذه الخصال معرفة أشد من معرفتي بنفسي فإن معرفتي بك لا تصير نكرة أبدا فيقول له الملك إذا لا أجهلك علمك في ولا أجعل معرفتك لي نكرة أبدا ولا يقينك .شكا ولا بصرك عمى ولا هداك حيرة وضلالة وأوفي لك بجميع ما عرفتني إن عرفتني جوادا فجودي لك وإن عرفتني رحيما فرحمتي لك وإن عرفتني كريما فكرمي لك وإن عرفتني رءوفا فرأفتي لك وإن عرفتني لطيفا فلطفي لك وإن عرفت قدري فمحبتي لك ولك المزيد من فضلي ودوام هذه الأشياء وليس يحسن بي أن تعرفني بشيء فأريك من نفسي خلاف ذلك حتى تصير معرفتك لي نكرة أنا كما عرفتني حق المعرفة وأنا أوجب لك ما عرفتني به ليكون ما عرفتني به ظاهرا مكشوفا بارزا وهو قوله صلى الله عليه وسلم
لو عرفتم الله حق معرفته لزالت بدعائكم الجبال ولو خفتم الله خيفته لتعلمتم العلم الذي لا جهل معه فمن عرفه حق المعرفة عرفه بالقدرة ومن عرفه بالقدرة لم تعظم في عينه زوال الجبال عن مكانها ومن
[ ص: 53 ] عرف كرمه حقيقة لم تعظم في عينه أن تجاب دعوته في إزالة الجبال عن مكانها ومن خافه حق الخيفة زال عنه الجهل لأن نور الخوف من الذات فإذا أشرق ذلك النور خاف حق الخيفة وطار الجهل لأن القلب حيي بالله وإنما الجهل من الموت والعلم من الحياة