وصحتهما بالإسلام فيحرم ولي [ ص: 188 ] عن رضيع ، وجرد قرب الحرم ، ومطبق لا مغمى [ ص: 189 ] والمميز بإذنه ، وإلا فله تحليله ، ولا قضاء بخلاف العبد ، وأمره مقدوره وإلا ناب عنه ; [ ص: 190 ] إن قبلها : كطواف ، لا : كتلبية ، وركوع ، وأحضرهم المواقف وزيادة النفقة عليه ; إن خيف ضيعة ، وإلا فوليه : كجزاء صيد ، وفدية [ ص: 191 ] بلا ضرورة .
( وصحتهما ) أي : الحج والعمرة مشروطة ( بالإسلام ) فقط فلا يصحان من كافر ولو صبيا مرتدا ( فيحرم ) بضم فسكون فكسر ندبا ( ولي ) أي : أب أو وصيه أو مقدم قاض أو عاصب أو أم أو كافل وإن لم يكن لهم نظر في ماله نقله الأبي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وأقره [ ص: 188 ] عن ) شخص ( رضيع ) بأن ينوي إدخاله في الحج أو العمرة ، وليس المراد أن الولي يحرم بأحدهما نيابة عنه . ومثل الرضيع المفطوم غير المميز وخص الرضيع بالذكر للخلاف في صحة الإحرام عنه بدليل مقابلته بالمميز . ابن عرفة وفي صحته لغير المميز قولان لها وللخمي مع رواية nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب يحج بابن أربع لا رضيع .
( و ) يحرم ولي أيضا عن مجنون ( مطبق ) بضم فسكون ففتح الموحدة أي : متصل جنونه لا يفيق في وقت ما ولا يميز السماء من الأرض ولا الطول من العرض ، ومن لا يفهم الخطاب ولا يحسن رد الجواب وإن ميز الإنسان من الفرس أي ينوي ولي ماله أو كافله إدخاله في الحج أو العمرة ندبا بعد تجريده قرب مكة ، فإن لم يكن مطبقا بأن كان متقطع الجنون يجن في وقت ويفيق في غيره انتظرت إفاقته ليحرم هو عن نفسه ، فإن أحرم عنه وليه حيال جنونه فلا يصح إلا إذا خيف فواته الحج .
( لا ) يحرم ولي عن شخص ( مغمى ) بضم فسكون ففتح أي : مستور عقله بمرض ولو خيف فواته الحج ; لأنه مظنة الإفاقة قريبا . وإذا أفاق في زمن يدرك الوقوف فيه أحرم لنفسه ولا دم عليه لتعديه الميقات بلا إحرام لعذره بإغمائه . ابن عرفة وفي المجنون قولان [ ص: 189 ] لها ولتخريج اللخمي على الصبي . وقول الباجي عدم العقل يمنع صحته خلاف النص ، ثم قال : ولا يصح عن مرجو صحته .
( و ) يحرم الشخص الصغير ( المميز ) بكسر المثناة مثقلة الذي يفهم الخطاب ويحسن الجواب ( بإذنه ) أي الولي وجرد قرب الحرم إن لم يقارب البلوغ كابن ثمان ، فإن قاربه فمن الميقات قاله فيها فإن أحرم بإذنه فليس له تحليله ( وإلا ) أي : وإن يحرم بإذنه بأن أحرم بغير إذنه ( فله ) أي الولي ( تحليله ) أي : المميز من إحرامه بالنية والحلق أو التقصير بأن ينوي إخراجه مما أحرم به ، ويحلق رأسه أو يقصر شعره إن رأى المصلحة فيه فقط . وإن كانت في إبقائه على إحرامه فقط أبقاه عليه وجوبا فيهما ، وإن استوت مصلحتهما خير الولي فاللام للاختصاص لا للتخيير ( و ) إن حلله وليه ف ( لا قضاء ) عليه إذا بلغ ومثله في الاستئذان والتحليل وعدم القضاء السفيه أي : البالغ الذي لا يحسن التصرف في المال .
( بخلاف العبد ) أي : الرقيق البالغ إذا أحرم بغير إذن سيده وحلله منه فعليه قضاؤه إن أذن له سيده فيه أو عتق ، ويقدمه على حجة الإسلام لوجوبه فورا اتفاقا فإن قدمها على القضاء صحت . ومثل العبد الزوجة في تطوعها بدون إذن زوجها . والفرق بين الصغير والسفيه وبين العبد والزوجة أن الحجر على الأولين لحق نفسهما وعلى الأخيرين لحق غيرهما . وإن أذن للعبد في القضاء ثم أراد منعه منه قبل إحرامه ففي الشامل ليس له منعه على الأظهر . وقال أبو الحسن : له منعه وهو الموافق لما مر في الاعتكاف .
( وأمره ) أي : الولي المميز الذي أحرم بإذنه أو بغيره ورأى المصلحة في إبقائه محرما ( مقدوره ) أي : ما يقدر عليه من أفعال وأقوال الحج والعمرة ويلقنه التلبية إن قبلها ( وإلا ) أي وإن لم يكن مقدوره وكان غير مميز أو مطبقا ( ناب ) الولي فيه ( عنه ) أي : [ ص: 190 ] المحجور ( إن قبلها ) أي : الشيء المطلوب النيابة وهو الفعل .
( كطواف ) وسعي ورمي وفي جعله نائبا في الطواف والسعي نظر ، فإن حقيقة النيابة فعل النائب دون المنوب عنه والطواف والسعي يفعلهما الولي حاملا للمحجور ويقف به بعرفة والمشعر الحرام فحقه التمثيل بالرمي والذبح ( لا ) أن يقبلهما ( كتلبية وركوع ) أي : صلاة ركعتي الإحرام والطواف فيسقط . وضابط المسألة أن كل ما يمكن المميز فعله مستقلا يفعله ، وما لا يمكنه فعله مستقلا فعله به وليه كطواف وسعي ، وما لا يمكنه فعله مستقلا ولا أن يفعل به . فإن قبل النيابة كالرمي فعله وليه ، وإلا سقط كالتلبية والركوع .
( وأحضرهم ) أي الولي الرضيع والمطبق والمميز ( المواقف ) جمع موقف أي : محل الوقوف وهي عرفة والمشعر الحرام ومنى عقب الجمرة الأولى والثانية في أيام الرمي وجوبا في عرفة وندبا في الباقي ( وزيادة النفقة ) التي يحتاجها المحجور عليه صبيا كان أو غيره في السفر لحمله وأكله وشربه ولبسه كائنة ( عليه ) أي المحجور في ماله ( إن خيف ) عليه ( ضيعة ) أي : هلاك أو شدة ضرر بتركه في البلد ، إن لم يكن له كافل سوى من سافر به ; لأن سفره حينئذ من مصالحه ( وإلا ) أي : وإن لم يخف عليه ضيعة بتركه في البلد لوجود كافل سوى من سافر به ( فوليه ) أي : المحجور الذي سافر به ، هو الذي عليه تلك الزيادة أيا كان أو وصيه أو حاكما أو مقدمه أو حاضنا من أم أو جد أو غيرهما .
وشبه في الوجوب على الولي فقال ( كجزاء صيد ) قتله المحجور محرما في غير الحرم فهو على الولي مطلقا فالتشبيه ليس تاما ، وأما جزاء ما قتله في الحرم سواء كان محرما أو لا ففيه تفصيل زيادة النفقة ( و ) ك ( فدية ) تسببت عن تطيب المحجور أو لبسه أو [ ص: 191 ] نحوهما فيغرمها الولي من ماله مطلقا خاف عليه بتركه ضيعة أو لا على الأشهر ، وهو ظاهر المدونة ، وعزاه ابن عرفة للتونسي عن ثالث حجها . وحكى في التوضيح عن الكافي أنه الأشهر وبه قرر الشارح في الصغير والأقفهسي والبساطي ، وجعل الشارح في كبيره ووسطه التشبيه تاما وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الموازية ورجحه ابن يونس قائلا ; لأن ما يتخوف أن يطرأ في إحجاجه إياه من الجزاء والفدية أمر غير متيقن وإحجاجه طاعة وأجر لمن أحجه لا يترك لأمر قد يكون وقد لا يكون .
وتأول صاحب الطراز المدونة على ما في الموازية فحمل كلام المصنف على كل منهما صحيح ، لكن الظاهر من كلام الحط اختيار الأول وقوله ( بلا ضرورة ) ضعيف ; لأن ظاهر المدونة وهو المذهب أنها على الولي لضرورة أم لا ; لأنه هو الذي أدخله في الإحرام ، فلو حذفه كان أولى . وقول تت إن كانت لضرورة ففي مال الصبي على المشهور تبع فيه الشارح والبساطي ، ونسبه الشارح للجواهر ورده الحط بأن صاحب الجواهر لم يقل بأنه لضرورة في مال الصبي ، وإنما قال ما نصه ولو طيب الولي الصبي فالفدية على الولي إلا إذا قصد المداواة فيكون كاستعمال الصبي ا هـ . فلم يجعله في مال الصبي وإنما جعله كاستعمال الصبي وقد علمت أن الأشهر في استعماله كونه على الولي فكذلك إذا طيبه الولي ولو لضرورة .