[ ص: 157 ] وببلدهم إقامة الحد وتخريب وقطع نخل ، وحرق : إن أنكى ، [ ص: 158 ] أو لم ترج والظاهر أنه مندوب : كعكسه ، ووطء أسير : زوجة ، أو أمة سلمتا ، وذبح حيوان ، وعرقبته وأجهز عليه ، [ ص: 159 ] وفي النحل إن كثرت ولم يقصد عسلها : روايتان ، وحرق إن أكلوا الميتة [ ص: 160 ] كمتاع عجز عن حمله وجعل الديوان ،
( و ) جاز ( تخريب ) لديارهم ( وقطع نخل وحرق ) لزرعهم وشجرهم ( إن أنكى ) [ ص: 158 ] أي ما ذكر بغير همز أي كان فيه نكاية للكفار ورجيت للمسلمين ( أو ) لم ينك و ( لم ترج ) لهم فالجواز في هاتين الصورتين ، فإن أنكى ولم ترج تعين التخريب أو القطع أو الحرق وإن لم ينك ورجيت وجب الإبقاء فلا تدخل هاتان الصورتان في كلامه .
( والظاهر ) عند ابن رشد ( أنه ) أي المذكور من التخريب والقطع ( مندوب ) إن لم يرج لنكايتهم . وشبه في الندب عند ابن رشد فقال ( كعكسه ) وهو الإبقاء مندوب إن رجي للمسلمين . البناني إنما تكلم ابن رشد على صورتين إذا أنكى ولم ترج فضل القطع ، وإن رجيت فضل الإبقاء ولم يتكلم على ما سواهما ، ولعل وجهه أن ذلك لا يكون إلا منكيا .
( و ) جاز ( وطء ) مسلم ( أسير ) في بلد العدو ( زوجة وأمة ) له مسبيتين معه إن أيقن أنهما ( سلمتا ) من وطء سابيهما ; لأن سبيهم المسلمة لا يهدم نكاحها إن كانت زوجة ، ولا يبطل ملكها إن كانت أمة . وقوله وهدم السبي النكاح في سبي المسلمين نساء الكافرين وأراد بالجواز عدم حرمته إذ هو مكروه لقول nindex.php?page=showalam&ids=16867الإمام مالك رضي الله تعالى عنه أكره ذلك لما أخاف من بقاء ذريته بأرض الحرب . ومفهوم سلمتا يقينا حرمته إن تيقن وطأها أو ظنه أو شك فيه ، وتيقن السلامة بعدم غيبة الكافر عليهما ، فإن غاب عليها فيحرم وطؤها ، ولا تصدق في عدمه
( و ) جاز ( ذبح حيوان ) مأكول أو غيره عجز عن الانتفاع به أي قطع حلقومه وودجيه ( وعرقبته ) الواو بمعنى أو أي أو قطع عرقوبيه ، وظاهره وإن كان لا نكاية فيه ويرجى للمسلمين . ولعل الفرق بينه وبين النخل أن هذا يمكن الانتفاع به بعد فعل ما ذكر به بخلاف القطع والتخريب ( وأجهز ) بضم الهمز وكسر الهاء ( عليه ) [ ص: 159 ] أي الحيوان والواو بمعنى أي أو فعل به ما يعجل موته ولو غير الذكاة الشرعية . في التوضيح إذا عجز المسلمون عن حمل مال الكفار أو عن حمل بعض متاعهم فإنهم يتلفونه لئلا ينتفع به العدو ، وسواء الحيوان وغيره على المشهور المعروف ، ثم قال وعلى المشهور .
اختلف بماذا يتلف الحيوان قال المصريون من أصحاب الإمام مالك رضي الله تعالى عنهم يعرقب أو يذبح أو يجهز عليه . وقال المدنيون منهم يجهز عليه وكرهوا عرقبته وذبحه . ابن حبيب وبه أقول لأن الذبح مثلة والعرقبة تعذيب . ا هـ ومثله للباجي وأبي الحسن وابن عبد السلام ، وبه تعلم أن المصنف درج على قول المصريين وهو مذهب المدونة ، وأن الواو في كلامه بمعنى أو أولا وثانيا كما في التوضيح وغيره ، فليس المراد اجتماع الثلاثة ، ولا اثنين منها إذ لم أر من قال ذلك ، ولا معنى له فقول الشراح وأجهز عليه عقب عرقبته إلخ غير صواب .
طفي ما هو إلا تهافت إذ لو كان يجهز عليه فما فائدة عرقبته فالجمع بينهما عبث فالصواب أن معناه ويجوز الإجهاز عليه ابتداء فهو عطف على ذبح وإن كان تغييره الأسلوب يشعر بما قالوه ، لكن يتعين ما قلنا ليطابق النقل . ابن عرفة في إتلافها بالعقر دون ذبح ، ولا نحر أو بما تيسر من ذلك أو تسريحها سالمة . رابعها ذبحها أحسن . وخامسها يكره كعرقبتها من الجهد عليها . وفي الشامل فيجهز عليه ، ولا يكره ذبحه وعرقبته على الأصح .
( وفي ) جواز إتلاف ( النحل ) بحاء مهملة بحرق ونحوه ( إن كثرت ) لنكايتهم به ( و ) الحال أنه ( لم يقصد ) بإتلافها ( عسلها ) أي أخذه وكراهته ( روايتان ) ومفهوم إن كثرت إن كانت قليلة ولم يقصد عسلها كره إتلافها ، ومفهوم لم يقصد عسلها أنه إن قصد عسلها فلا يكره إتلافها قلت أو كثرت ( وحرق ) بضم فكسر أي المذبوح والمعرقب والمجهز عليه وجوبا ( إن أكلوا ) أي استحل الكفار في دينهم أن يأكلوا ( الميتة ) ولو [ ص: 160 ] ظنا لئلا ينتفعوا به . تت والأظهر حرقه مطلقا لاحتمال أكلهم إياه حال الاضطرار إليه .
وشبه في الحرق فقال ( كمتاع ) لهم أو لمسلم ( عجز ) بضم فكسر ( عن حمله ) لبلد الإسلام وعن الانتفاع به فيحرق لئلا ينتفعوا به ( و ) جاز ( جعل ) بفتح الجيم أي اتخاذ ووضع وضمها أي مال ( الديوان ) بكسر الدال على المشهور وفتحها على خلافه أي الدفتر والمعنى على الأول يجوز للإمام أن يجعل ديوانا أي دفترا يجمع فيه أسماء الجند وعطاءهم . وعلى الثاني يجوز للشخص أن يأخذ الجعل الذي رتبه له الإمام على خروجه للجهاد من بيت المال وكتبه له في الديوان .
أبو الحسن إذا كان العطاء حلالا ويزاد كونه محتاجا له وكونه قدر حاجته المعتادة لأمثاله لا أزيد منها فيحرم ، بخلاف مرتب تدريس ونحوه فيجوز لمن هو عالم وقام بشرط الواقف أخذه ولو غنيا لقصد الواقف إعطاءه ، وإن كان غنيا دون مال بيت المال فلا يستحقه إلا محتاج بقدر حاجته . وظاهره ولو كان مرتبا لغيره واشتراه منه ; لأن الثمن الذي دفعه للبائع إنما هو في مقابلة رفع يده عنه ويحتمل جواز هذا مطلقا قرره عج أفاده عب . البناني قوله ويزاد إلخ ، لم أر من ذكر هذين القيدين فانظرهما ، والذي نقله ابن عرفة نصه سمع ابن القاسم لا أرى قبول سلاح أو فرس أعطيه في الجهاد ولا بأس به للمحتاج .
ابن رشد قبول المحتاج أفضل إجماعا ; لأنه من إعلاء كلمة الله تعالى بالقوة على الجهاد . ا هـ . وهذا يفيد أن الأولى للغني أن لا يستعين على الجهاد بمال غيره ، ولا يدل على تحريمه فإن أراد " ز " أنهما شرطان في الكمال ظهر كلامه ، وإن أراد أنهما شرطان في الجواز ففيه نظر والله أعلم . قلت فرض الله جل وعز الجهاد بالنفس والمال فقال { جاهدوا بأموالكم وأنفسكم } ومال بيت المال إنما يستحق بالحاجة إليه ، وكل محتاج له فيه حق فهو مشترك بين المحتاجين وهم غير محصورين فلا يحل لأحد إلا بقدر حاجته ، وهذا مشهور بين [ ص: 161 ] الفقهاء فلا وجه للتوقف فيه والله أعلم .
البناني قول " ز " ويحتمل جواز ما يشتري مطلقا قرره عج . . . إلخ فيه نظر ، بل هو غير صواب ; لأن شراءه حرام كما يؤخذ من كلام المدونة ، ونصها قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رضي الله تعالى عنه وإذا تنازع رجلان في اسم مكتوب في العطاء فأعطى أحدهما إلى آخر مالا على أن يبرأ إليه من ذلك الاسم فلا يجوز ; لأن الذي أعطى الدراهم إن كان صاحب الاسم فقد أخذ الآخر ما يحل له ، وإن كان الذي أخذ الدراهم هو صاحب الاسم فلا يجوز ; لأنه لا يدري ما باع قليلا أو كثيرا ، ولا يدري ما تبلغ حياة صاحبه فهذا غرر ، ولا يجوز ا هـ . قلت إن كان الشراء بنقد فإن كان من جنس المرتب ففيه ربا الفضل والنساء وإلا فالثاني فقط والله أعلم .