وينتقض بقتال ، [ ص: 225 ] ومنع جزية ، وتمرد على الأحكام ، وبغصب حرة مسلمة ، وغرورها وتطلعه على عورات المسلمين ، وسب نبي بما لم يكفر به ، قالوا : كليس بنبي ، [ ص: 226 ] أو لم يرسل ، أو لم ينزل عليه قرآن ، أو تقوله ، أو عيسى خلق محمدا ، أو مسكين محمد يخبركم أنه في الجنة ما له لم ينفع نفسه حين أكلته الكلاب ، وقتل إن لم يسلم .
( وينتقض ) عقد الذمة ( بقتال ) أي إظهار الخروج عن الذمة على وجه المحاربة لا دفعه [ ص: 225 ] عن نفسه من يريد قتله ( ومنع جزية وتمرد على الأحكام ) الشرعية بإظهاره عدم المبالاة بها مستعينا على ذلك بجاره أو استمالة ذي جراءة من المسلمين يخشاه الحاكم على نفسه أو ماله أو عرضه . ( وغصب حرة مسلمة ) على الزنا بها وزنى بها بالفعل ، ولا بد من ثبوته بأربعة شهداء رأوه كالمرود في المكحلة وقيل يكفي اثنان لأنها شهادة على نقض العهد وهما لابن القاسم والراجح الأولى لأنه الذي رجع إليه ولأن النقض إنما جاء من جهة الزنا . تت ولها صداق مثلها من ماله وولدها منه على دينها لا أب له ، وكذا إن زنى بها طائعة كما في الشاذلي على الرسالة وابن ناجي على المدونة . وقولهم الولد تابع لأبيه في الدين والنسب محله في المنسوب لأبيه وولد الزنا مقطوع عن الزاني ( وغرورها ) أي الحرة المسلمة أي إخباره بأنه مسلم وتزوجها ووطئها فإن تزوجها عالمة به ووطئها فليس ناقضا ، ويفرق بينهما كزناه بها طائعة وزناه بأمة مسلمة ولو مكرهة إلا أن يعاهد على أنه إن أتى بشيء من ذلك انتقض عهده . ( وتطلعه على عورات المسلمين ) أي واطلاع الحربيين عليها بكتابتها وإرسالها لهم بأن كتب لهم أن الموضع الفلاني للمسلمين لا حارس به ليأتوا منه . وفي المواق عن nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون إن وجدنا في أرض الإسلام ذميا كاتبا لأهل الحرب بعورات المسلمين قتل ليكون نكالا لغيره ( وسب نبي ) مجمع على نبوته عندنا وإن أنكرها اليهود كداود وسليمان ، بخلاف ما اختلف فيه عندنا كالخضر ( بما لم يكفر به ) أي بما لم يقر على كفره به ، فإن سب بما أقر على كفره به كلم يرسل إليهم أو عيسى إله فلا ينتقض عهده لهذا الإقرار عليه بعقد الذمة نعم يؤدب لإظهاره .
( قالوا ) أي أهل المذهب مثال ما لم يكفر به ( كليس بنبي ) تبرأ منه لأنه مما [ ص: 226 ] كفروا به قاله تت . وقال أحمد نسبته لغيره ليست للتبرؤ من التمثيل به بل لقبحه فالضمير للكافرين وهو تمثيل لما لم يكفر به ، وهذا بعيد من عبارة المصنف لو أراده لقال كقولهم ليس إلخ ( أو لم يرسل ) بفتح السين ( أو لم ينزل ) بضم المثناة وفتح النون والزاي مثقلا أو سكون النون مخففا أو بفتح فسكون فكسر ( عليه ) صلى الله عليه وسلم ( قرآن أو تقوله ) بفتحات مثقلا أي قال القرآن من عند نفسه
( أو عيسى ) صلى الله عليه وسلم ( خلق محمدا ) صلى الله عليه وسلم لم يستحي هذا القائل من الكذب فإنه يزعم أن اليهود قتلوا عيسى قبل ولادة محمد بقرون عديدة ( أو مسكين محمد ) عليه الصلاة والسلام ( يخبركم أنه ) صلى الله عليه وسلم ( في الجنة ما له ) عليه الصلاة والسلام ( لم ينفع نفسه ) صلى الله عليه وسلم ( حين أكلته ) عليه الصلاة والسلام أي عضت ساقه ( الكلاب ) البساطي ينبغي أن قولهم مسكين إلخ ليس داخلا تحت التبرؤ إذ لا شك أنه ليس مما كفروا به .
( وقتل ) بضم فكسر الساب بما لم يكفر به وجوبا وغاصب وغار المسلمة ( إن لم يسلم ) بضم فسكون ، وأما المطلع على عورات المسلمين فيرى فيه الإمام رأيه بقتل أو استرقاق والمقاتل كذلك بزيادة الجزية والفداء والمن ، وكذا مانع الجزية والمتمرد على الأحكام . ومفهوم إن لم يسلم أنه إن أسلم إسلاما غير فار به من القتل كما في المعيار فلا يقتل لقوله تعالى { قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } تت لا يقال له أسلم ولا يقتل إذا أسلم مع أن المسلم الساب يقتل ولو تاب ، لأنا علمنا بغض الكافر النبي وتنقيصه إياه بقلبه ، ومنعناه من إظهاره فلم يزدنا سبه إلا مخالفته الأمر ونقضه العهد . فإذا أسلم سقط عنه ذلك بنص الكتاب العزيز بخلاف المسلم فإنا ظننا باطنه كظاهره فأبدى لنا خلاف ذلك أفاده عب . [ ص: 227 ] البناني أما وجوب القتل في السب فقد اقتصر عليه في الرسالة وصدر به في الجواهر وحكى عليه عياض في الشفاء الاتفاق ، وأما في غصب المسلمة فقد صرح به في الجواهر وهو ظاهر نقل ابن عرفة عن nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ وغيره عن ابن حبيب ، إلا إنهما عللا وجوب قتله بالنقض وهو لا يوجبه ، وإنما يوجب الرجوع للأصل ، ويدل على هذا نص ابن شاس وباع نصراني من أهل الجزية بتونس ولدا مسلما لأهل الحرب النازلين بها بأمان للتجارة فأفتى ابن عبد السلام بصلبه وقتله ، وأفتى غيره بنقض عهده ، ونظر الإمام فيه برأيه . والحاصل أن غير السب يوجب الرجوع للأصل من التخيير بين الأمور السابقة والله أعلم .