فإن لم يبق من العصمة المعلق فيها شيء بأن طلقها ثلاثا أو ما بينها وتزوجها بعد زوج عادت إليه غير معلق طلاقها لاختصاصه بالعصمة الأولى ، فإن قيد بزمن انقضى وأبانها ثم تزوجها فلا شيء عليه لانحلال يمينه بمضي الزمن المعين ، ولو لم يبنها ولو أتى بأداة تكرار ككلما فعلت كذا فأنت طالق اختصت بالعصمة الأولى المعلق فيها . ولو قال كلما تزوجتك فأنت طالق فلا يختص بالعصمة الأولى ، فكلما تزوجها تطلق عقبه . والفرق أنه في الأولى علق الطلاق من عصمة مملوكة حال التعليق فاختص بها ، وفي الثاني علقه على عصمة مستقبلة فعم سائر العصم . [ ص: 70 ] وشبه في اعتبار حال النفوذ في ملك العصمة وما فرعه عليه واختصاص التعليق بالعصمة المعلق فيها فقال ( كالظهار ) فإن قال إن فعلت كذا فأنت علي كظهر أمي ففعل حال بينونتها فلا يلزم ، وإن تزوجها بعدها ففعل ، فإن بقي من العصمة المعلق فيها شيء لزمه وإلا فلا .
وأخرج من الاختصاص بالعصمة الأولى فقال ( لا ) تختص اليمين بالعصمة المعلق فيها بالنسبة لزوجة ( محلوف لها ) على عدم التزوج أو التسري عليها بطلاق التي يتزوجها عليها أو عتق التي يتسراها عليها ( ف ) يلزمه التعليق ( فيها ) أي العصمة المعلق فيها ( وغيرها ) من العصم المستقبلة ، فإن طلق المحلوف لها ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج عاد عليه التعليق فتطلق التي يتزوجها عليها وتعتق التي يتسراها عليها وهكذا أبدا ، وهذا ضعيف والمذهب اختصاصه بالعصمة المعلق فيها في المحلوف لها .
وأما المحلوف عليها فلا يختص التعليق بالنسبة لها بالعصمة المعلق فيها فيعمها وغيرها ، فإن كان له زوجتان عزة وزينب وقال إن وطئت عزة فزينب طالق ، فزينب محلوف بطلاقها ، وعزة محلوف على ترك وطئها ، فيلزمه التعليق فيها . ولو طلقها ثلاثا وتزوجها بعد زوج ما دامت زينب في العصمة المعلق فيها ، فإن طلقها ثلاثا وتزوجها بعد زوج فلا يعود عليه التعليق . ولا يخفى أن اللازم في عزة الإيلاء كما في المدونة لا الطلاق الذي الكلام فيه ، ولو أراد المصنف ذكر المسألتين على المعتمد لقال كمحلوف لها لا عليها ففيها وغيرها أفاده عب البناني قوله وهو ضعيف أي لأن المصنف تبع فيه اعتراض ابن عبد السلام على nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب والحق ما nindex.php?page=showalam&ids=12671لابن الحاجب . وحاصل ما لهم هنا أن المحلوف عليها اتفقوا على تعلق اليمين فيها بالعصمة الأولى وغيرها ، وأن المحلوف بطلاقها اتفقوا على اختصاص اليمين فيها بالعصمة الأولى . وأما المحلوف لها ففيها الخلاف فالذي في كتاب الأيمان منها أنها كالمحلوف بها في الاختصاص بالعصمة الأولى ، وعليه nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب ، واعترضه ابن عبد السلام قائلا [ ص: 71 ] أنكر ذلك ابن المواز وابن حبيب وغير واحد من المتأخرين المحققين ورأوا أن هذا الحكم إنما هو في المحلوف بطلاقها لا في المحلوف لها . ثم استدل بظاهر ما في الإيلاء منها حيث فرق في مسألة زينب وعزة بين المحلوف بها فخصها بالعصمة الأولى ، وبين المحلوف عليها فجعل حكمها مستمرا في العصمة الأولى وغيرها .
قال في تكميل التقييد ما لابن عبد السلام سبقه إليه عياض فذكره مرتين وصحح ما في كتاب الإيلاء ، وهذا هو الذي اعتمده المصنف هنا مخالفا nindex.php?page=showalam&ids=12671لابن الحاجب تبعا لما كان في كتاب الأيمان منها . لكن قال ابن عرفة تضعيف ابن عبد السلام رواية ما في كتاب الأيمان بظاهر ما في الإيلاء منها نقله بعض من تقدمه من الفاسيين .
وفرق بين المسألتين بأن الإيلاء مخالف للطلاق لأن الإيلاء لزم في الأجنبية ولا يزول بالملك ، والطلاق لا يلزم في الأجنبية ويزول بالملك ، وهذا الفرق ذكره أبو الحسن في كتاب الإيلاء . ونصه الفرق بينهما أنه في الإيلاء قصاراه أنها أجنبية والإيلاء في الأجنبية لازم . والضابط أن الملك الذي عقد فيه اليمين إما بالظهار أو بالطلاق ، أو علق طلاقها بالتزويج عليها متى طلقها ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج لا يعود عليه إلا أن يكون ظهارا مجردا ، أو بشرط وقد وقع الشرط ، أو يكون إيلاء فيلزم في الأجنبية .
ابن عرفة يدل على صحة فرق بعض الفاسيين وأن المدونة لا مخالفة فيها بين الكتابين قول ابن رشد في سماع ابن القاسم أصل nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رضي الله تعالى عنه في المدونة أن من شرط لامرأته طلاق الداخلة عليها تنحل عنه اليمين بخروج زوجته عن عصمته بالثلاث ، وهو خلاف رواية ابن حبيب nindex.php?page=showalam&ids=17098ومطرف ، وقول ابن الماجشون وابن أبي حازم من أنها لا تنحل عنه لأن الشرط في اليمين في الداخلة وليس هو فيها . ابن عرفة فلو كان عنده ما في كتاب الإيلاء خلافا لقال ومثل قول هؤلاء في كتاب الإيلاء وهو أذكر الناس لمسائل المدونة ا هـ طفي فظهر لك أن لا تخافي في كلامها وأن مسألة الإيلاء مباينة لمسألة الطلاق ، وأن كلام nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب هو الصواب .