( و ) إن قال لزوجته أنت طالق أو اعتدي وادعى أنه لم يرد به الطلاق ( صدق ) بضم فكسر مثقلا أي الزوج المتكلم لفظ الصريح أو باعتدي ( في ) دعوى ( نفيه ) أي عدم إرادة الطلاق به ( إن دل بساط ) أي حال مقارن للكلام ( على ) إرادة الأمر ب ( العد ) لنحو الدراهم كذا في نسخة الشارح فما بعده جملة مستقلة معطوفة بأو على ما يصدق فيه ، ولا شيء عليه ، وفي نسخة على العداء بألف عقب الدال ، أي التعدي والظلم .
على هذه النسخة قالوا وفي قوله ( وكانت ) المرأة ( موثقة ) بضم الميم وفتح المثلثة أي مقيدة بقيد أو كتاف للحال فليس في المتن إلا ألف واحدة فاحتملت الوجهين كونها مما قبلها أو مما بعدها ( فقالت أطلقني ) من وثاقي فقال أنت طالق ، وقال أردت من الوثاق فيصدق بلا خلاف إن سألته ولو في القضاء ، وعلى النسخة الأولى فإما مقدرة في الأول ، والأصل إن دل بساط إما على العد أو كانت موثقة إلخ ، إذ كونها موثقة من البساط وعطفه بدون تقدير إما يوهم أنه ليس منه ضرورة اقتضاء العطف المغايرة .
( وإن ) كانت موثقة و ( لم تسأله ) أي الزوجة الزوج أن يطلقها من وثاقها ، وقال لها أنت طالق ، وقال أردت من الوثاق ( ف ) في تصديقه بيمين وعدمه ( تأويلان ) [ ص: 76 ] أصلهما قولان ، قال nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف يصدق ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب لا يصدق فمنهم من حملها على الأول ومنهم من حملها على الثاني ، ومحلهما في القصاء . واتفقوا على تصديقه في الفتوى وإن لم تكن موثقة فلا يصدق اتفاقا . قوله وصدق في نفيه إلخ إشارة إلى أن اللزوم في الصريح وما ألحق به محله إذا لم يكن بساط دال على نفي إرادته ، فإن كان قبل منه ، فإن قيل الظاهر لزومه ولو سألته لأنها ليست كما قال ، بل موثقة فجوابه أنه يمكن كونه إخبارا باعتبار المآل أي : ستطلقين .
فإن قيل سبق في تخصيص العام وتقييد المطلق وتبيين المجمل تقديم النية على البساط ، وأنه تحويم عليها ، وهذا يقتضي صرف ألفاظ الطلاق الصريحة أو الكناية الظاهرة عنه بها بالأولى من البساط ، وقد صرحوا هنا بأنها لا تصرفها عنه ، وأن البساط يصرفها عنه قبل شرط تقديم النية مساواتها عرفا للموضوع له ، وهي هنا بعيدة بالنسبة له ، وانضم لهذا خفاؤها فاحتيط للفروج بإلغائها ، واعتبر البساط لظهوره والله أعلم أفاده عب البناني قول " ز " محلهما في القضاء إلخ هذا القيد حكاه في التوضيح بقيل ، وذلك أنه لما ذكر ما تقدم ، قال وقيل إن أتى مستفتيا صدق على كل حال إلا على مذهب من رأى أن مجرد لفظ الطلاق دون نيته يوجبه . ا هـ . واعتمده عج ومن تبعه ، وهو خلاف نصها .
ففي ابن يونس ما نصه ومن المدونة قلت لابن القاسم فيمن قال لزوجته أنت طالق وقال نويت من وثاق ولم أرد الطلاق ولا بينة عليه وجاء مستفتيا ، قال أرى الطلاق يلزمه ، وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رضي الله تعالى عنه فيمن قال لزوجته كلاما مبتدأ أنت برية ولم ينو به الطلاق فهي طالق ، ولا ينفعه ما أراد من ذلك بقلبه فكذلك مسألتك . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رضي الله تعالى عنه يؤخذ الناس في الطلاق بألفاظهم ولا تنفعهم نياتهم في ذلك إلا أن يكون جوابا لكلام كان قبله فلا شيء عليه . ابن يونس وقال nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف إذا كانت في وثاق فقال أنت طالق يعني من الوثاق دينته ونويته . ابن يونس ولا يخالف في ذلك ابن القاسم إن شاء الله .
وهذا صريح في جعل التأويلين في المستفتي فكيف يصح تقييدهما بالقضاء وقد سلم [ ص: 77 ] كلامها . ابن يونس واللخمي وعياض nindex.php?page=showalam&ids=12671وابن الحاجب وابن عبد السلام وابن عرفة وغيرهم ، وبحث فيه القرافي فقال إلزام الطلاق فيها لو قيل أنه خلاف الإجماع لم يبعد لأنه نظير من طلق امرأته ، فقيل له ما صنعت فقال هي طالق وأراد الإخبار ، فقال أبو الطاهر لا يلزمه في الفتوى إجماعا ، ثم قال القرافي فينبغي أن تحمل مسألة الوثاق على اللزوم في القضاء دون الفتوى . ا هـ . واعتمد طفي كلام القرافي ومال إلى تقييد عج كلام المصنف بالقضاء ، وهو غير صواب إذ كيف يعدل عن كلامها مع تسليمه الشيوخ إلى مجرد بحث القرافي ، وقد قدم طفي قريبا وما بالعهد من قدم عند قوله لا محلوف لها ففيها وغيرها أن كلامها حجة على غيره وإن لم يقل به أحد ، كيف وقد سلمه هنا الشيوخ .
نعم بحث ابن عبد السلام في كلام ابن القاسم المتقدم بأن مسألة nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رضي الله تعالى عنه التي قاس عليها ليس فيها نية مخالفة لظاهر اللفظ لقوله فيها ولم ينو به الطلاق ، ولم يقل ونوى به غير الطلاق ، ومسألة ابن القاسم فيها نية تمنع من وقوع الطلاق فلا يلزم من الحكم بالطلاق عند عدم المعارض الحكم به مع وجود المعارض ، ورده ابن عرفة بأن دعواه في قوله أنت برية أنه ليس فيه نية مزاحمة للطلاق باطلة ، لقوله فيها لا ينفعه ما أراده من ذلك بقلبه ، فقد نص على أنه أراد بقلبه شيئا غير الطلاق وحكم بعدم نفعه إياه .
فإن قلت المزاحم في أنت طالق بين وهو إطلاقها من الوثاق فيما هو في أنت برية .
قلنا هو كثير ككونها برية من الفجور ، أو الخير ، أو غيرهما ، قاله في تكميل التقييد .