ابن عرفة بيوع الآجال يطلق مركبا إضافيا ولقبا ، فالأول ما أجل ثمنه العين وما أجل ثمنه غيرها سلم في سلمها الأول يجوز سلم الطعام في الفلوس ، وربما أطلق على ما أجل ثمنه العين أنه سلم بمجاز التغليب في سلمها الأول من أسلم ثوبا في عشرة أرادب من حنطة إلى شهر وعشرة دراهم لشهر آخر فلا بأس به ولو اختلف أجلهما ، وربما أطلق على ما أجل ثمنه غير العين إنه بيع في البيع منها لا بأس ببيع سلعة غائبة بعينها بسلعة إلى أجل أو بدنانير إلى أجل ا هـ قوله ، وما أجل ثمنه غيرها إلخ جعل المقدم هو المثمن سواء كان العين أو غيرها . وبعضهم قال : وما أجل مثمنه فهو سلم والكل قريب لأنه يطلق على كل من العوضين أنه ثمن ومثمن كما أنه يطلق على كل من العاقدين أنه بائع ومشتر . ثم قال ابن عرفة والثاني لقب لمتكرر بيع عاقدي الأول لأجل ولو بغير عين قبل انقضائه . البناني يفسد طرده بصدقه على عقدهما ثانيا بعد عقدهما أولا لغير أجل ، لكن رأيت [ ص: 77 ] في نسخة من ابن عرفة زيادة لأجل بعد قوله عاقدي الأول ، وبه يندفع البحث . ونقض الوانوغي أيضا الحد المذكور بأنه غير جامع لثبوت المحدود وانتفاء الحد في مسألة القراض والشركة إذا باع العامل بإذن رب المال لأجل أو أحد الشريكين فلا يجوز لرب المال ولا للشريك الآخر أن يبتاعه بأقل نقدا حسبما في المدونة وغيرها ، وكذا وارث البائع إذا مات بخلاف موت المشتري فيجوز للبائع شراء مبيعه من وارثه لحلول ديون المشتري كما صرح به غير واحد . قلت : يجاب بأن كون البيع أولا بإذن المشتري ثانيا مع أنه له حق في المبيع نزله منزلة الواقع منه فهو متكرر من عاقدي الأول حكما . وبدأ المصنف رحمه الله تعالى ببيان موجب فساد بيوع الآجال على وجه الإجمال فقال : ( ومنع ) بضم فكسر كل بيع جائز في الظاهر مؤد إلى ممنوع في الباطن كثر قصده فيمنع ( للتهمة ) لعاقديه على التوصل به لأن يحصل بينهما ( ما ) أي ممنوع ( كثر قصده ) من الناس ( كبيع و ) شرط ( سلف ) كبيع شيئين بدينار لأجل ثم يشتري البائع من المشتري قبل حلول الأجل أحدهما بدينار نقد ، وقاعدة مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأصحابه رضي الله تعالى عنهم أن ما يخرج من اليد ثم يعود إليها لا يعتبر فآل الأمر إلى أن البائع الأول خرج من يده عرض ودينار يأخذ من المشتري إذا حل الأجل دينارين ، أحدهما : ثمن العرض ، والآخر : قضاء عن الدينار ، فيتهمان على أنهما قصدا الجمع بين البيع والسلف بشرط ، وتوصلا إلى ذلك ببيع الشيئين بدينارين لأجل ، ثم شراء أحدهما بدينار حال لجواز هذا بحسب الظاهر . الحط واعلم أنه لا خلاف في منع صريح بيع وشرط سلف ، وكذلك ما أدى إليه وهو جائز في الظاهر لا خلاف في المذهب في منعه ، صرح بهذا ابن بشير وتابعوه وغيرهم . البناني الصور ثلاث بيع وسلف بشرط ولو بجريان العرف وهي التي ذكرها في البياعات الفاسدة للنهي عنها بقوله كبيع وسلف وبيع وسلف بلا شرط لا صراحة ولا حكما ، وهي التي أجازوها هناك ، وتهمة بيع وسلف بشرط وذلك حيث يتكرر البيع وهي التي تكلم المصنف عليها هنا . [ ص: 78 ] وأدخلت الكاف الصرف المؤخر والبدل كذلك والدين بالدين كما يأتي ( و ) ك ( سلف بمنفعة ) للمسلف مثال ثان للممنوع الذي كثر قصده ، فالبيع المؤدي إلى ممنوع اتفاقا كبيع سلعة بعشرة لأجل ثم شرائها بثمانية حالة إذ مآله إلى تسليف ثمانية بعشرة ، وكثر قصد الناس البيع والسلف والسلف بمنفعة لما فيهما من الزيادة والنفوس مجبولة على حبها ، ولا فرق بين أن يكون المتبايعان قصدا الممنوع وتحيلا عليه بالجائز في الظاهر أو لم يقصداه وإنما آل أمرهما إلى ذلك . قال في التوضيح المتهم به في هذا الباب كالمدخول عليه انتهى ، إلا أن الداخل عليه آثم آكل للربا كما أخبرت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله تعالى عنها لا يقال : ينبغي أن يكتفي بقوله سلف بمنفعة عن قوله بيع وسلف لأن هذا إنما منع لأدائه إلى السلف بمنفعة لأنا نقول : هو وإن كان مؤديا إليه إلا أنه أبين في بعض الصور لأنه بالمظنة فكان أضبط والله أعلم أفاده الحط . .