[ ص: 409 - 410 ] ( فصل ) تجوز المقاصة [ ص: 411 ] في ديني العين مطلقا ، إن اتحدا قدرا وصفة ، حلا أو أحدهما ، أم لا . وإن اختلفا صفة مع اتحاد النوع أو اختلافه ، [ ص: 412 ] فكذلك إن حلا ، وإلا فلا : كأن اختلفا زنة من بيع
[ ص: 410 ] فصل )
في بيان أحكام المقاصة
تت هذا الفصل بيض له المصنف وألفه العلامة بهرام ، قال واعلم أن عادة الأشياخ في الغالب أن يذيلوا هذا الباب بذكر المقاصة والشيخ رحمه الله تعالى لما يتعرض لذلك فأردت أن أذكر شيئا ليكون تتميما لغرض الناظر .
( تجوز المقاصة ) بضم الميم وبقاف وشد الصاد المهملة . ابن عرفة المقاصة متاركة مطلوب بمماثل صنف ما عليه لما له على طالبه فيما ذكر عليهما . قوله متاركة مفاعلة مقتضية مطلوب فاعلها ، ففيه حذف الواو ومعطوفها ، والأصل وطالب ، وقوله بمماثل تنازع فيه مطلوب وطالب وهو صفة لمحذوف أي حق . وقوله صنف فاعل مماثل وقوله ما عليه إظهار في محل الضمير ، والأصل صنفه ، ولم يظهر وجه لعدوله عنه مع اختصاره وأوضحيته . وقوله لما له صلة مماثل ، وقوله على طالبه صلة متعلق له ، وقوله فيما ذكر أي ما عليه وما له صلة متاركة ، وقوله عليهما حال مما ذكر احترز به عن متاركتهما فيما ذكر وهو على غيرهما لهما .
ابن عرفة ولا ينتقض طرده بمتاركة متقاذفين حديهما ولا بمتاركة متجارحين جرحين متساويين لأن المتماثلين عرفا ما صح قيام أحدهما بدل الآخر ، وهذا لا يصدق على حدي القذف ولا على الجرحين للإجماع على أن أحدهما لا يصح بدل الآخر بحال ، وإلا زيد في الرسم ماليا . وقولنا ما عليه خير من لفظ الدين لتدخل المقاصة فيما حل من الكتابة ونفقة الزوجة . البناني وفيه بحثان أحدهما : أنه غير جامع لعدم شموله المقاصة في الدينين المختلفين إلا أن يقال قصد تعريف المقاصة التي يقضى بها فقط وفيه نظر . الثاني . أن صوابه بمماثل صنفه بالضمير ، ويسقط لفظ ما عليه لعدم فائدته ، وتعبير [ ص: 411 ] المصنف بالجواز موافق لقول المدونة آخر بيوع الآجال هي جائزة ، وهذا باعتبار حق الله تعالى .
واختلف هل يقضى لطالبها بها وهو المشهور ، أو يقضى بعدمها لطالبه وهي رواية زياد عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رضي الله تعالى عنه ، وعبارة الشارح والجواز هنا بمعنى الإذن في الإقدام وهذا باعتبار حق الله تعالى . وهل يجب أن يعمل بها في حق الآدمي حتى يكون القول قول من دعا إليها وهو المشهور ، أو قول من دعا إلى عدمها وهي رواية زياد عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رضي الله تعالى عنه . وفي التوضيح في شرح قول nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب المقاصة جائزة اتفاقا ، والجواز هنا بمعنى الإذن وإلا فقد اختلف هل يجب أن يعمل على قول من دعا منهما إليها وهو المشهور ، أو القول قول من دعا إلى عدمها ، رواه زياد عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رضي الله تعالى عنه وأخذ من المدونة في الصرف والسلم الثاني والنكاح الثاني القول الثاني .
( في ديني ) بفتح الدال والنون مثنى دين حذفت نونه لإضافته إلى ( العين ) أي الدنانير والدراهم ( مطلقا ) عن التقييد بكونهما من بيع أو من قرض ، أو أحدهما من بيع والآخر من قرض ، ومحل جوازها ( أنه اتحدا ) أي دينا العين ( قدرا ) كعشرتين ( وصفة ) كمحمديين ويلزمها اتحاد النوع كذهبين سواء ( حلا ) بفتح الحاء المهملة وشد اللام أي دينا العين معا ( أو ) حل ( أحدهما ) دون الآخر ( أم لا ) بأن كانا مؤجلين معا بأجل واحد أو بأجلين عند ابن القاسم ، إذ ليست سلفا بزيادة ، ولا وضعا للتعجيل ، وإنما هي محض مبارأة . وفي عبارة المصنف العطف على ضمير الرفع المتصل بلا فاصل وهو ضعيف ، وأن قوله أم لا شامل لتأجيلهما وتأجيل أحدهما فالأولى حذف أو أحدهما ، وإن قوله مطلقا يغني عن قوله حلا إلخ .
( وإن اختلفا ) أي دينا العين ( صفة مع اتحاد النوع ) كمحمدية ويزيدية كلاهما ذهب أو فضة ( أو ) مع ( اختلافه ) أي النوع كدنانير محمدية ودراهم يزيدية . البناني لو قال [ ص: 412 ] وإن اختلفا صفة أو نوعا لكان أخصر ( فكذلك ) أي الدينين المتفقين نوعا وصفة في جواز المقاصة فيهما لكن لا مطلقا ، بل ( إن حلا ) أي دينا العين وهي مع اتحاد النوع مبادلة ما في الذمة ومع اختلافه صرف ما فيها وهما جائزان بشرط الحلول ( وإلا ) أي وإن لم يحلا بأن أجلا معا أو أحدهما ( فلا ) تجوز المقاصة لأنها مع اتحاده بدل مؤخر ، ومع اختلافه صرف مؤخر وكلاهما ممنوع . في التوضيح ينبغي أن يقيد بعدم بعد التهمة ، فإن بعدت جاز كما تقدم في بيوع الآجال من قوله إلا أن يكثر المعجل عن المتأخر جدا .
وشبه في الجواز إن حلا والمنع إن لم يحلا فقال ( كأن ) اتفقا نوعا و ( اختلفا ) أي دينا العين ( زنة ) حال كونهما ( من بيع ) فتجوز المقاصة فيهما إن حلا وإلا فلا ، فهو تشبيه تام على المعتمد كما عند ابن بشير وارتضاه ابن عرفة ، وكزيادة الزنة زيادة العدد بالأولى فلا يقال الأولى إبدال الزنة بالقدر ليشمل زيادة العدد . ومفهوم من بيع أنهما إن كانا من قرض منعت ولو حلا ، وإن كان أحدهما من بيع والآخر من قرض منعت إن لم يحلا ، وإن حلا فإن كان الأكثر دين البيع منعت ، وإن كان من قرض جازت ، هذه طريقة ابن بشير . ابن عرفة وهي أسعد بالذهب وطريقة غيره المنع مطلقا .