[ ص: 248 ] ( الشركة ) بفتح الشين مع سكون الراء وكسرها وبكسر الشين وسكون الراء ، والأولى أفصحها وهي لغة الاختلاط والامتزاج ، وشرعا ( إذن ) من اثنين فأكثر ( في التصرف لهما ) أي الآذنين في مالهما أو ببدنهما أو على ذمتيهما ( مع ) بقاء تصرف ( أنفسهما ) لهما فيهما ، أي أن يأذن كل منهما أو منهم للآخر في أن يتصرف في مجموع من مالهما أو ببدنهما أو على ذممهما وما ينشأ عن تصرفهما من الربح لهما والخسر عليهما ، فقوله : إذن جنس شمل الشركة وغيرها وقوله في التصرف فصل مخرج الإذن في غيره ، وقوله لهما صلة التصرف فصل ثان مخرج توكيل كل من شخصين الآخر على التصرف له في ماله ، وقوله مع أنفسهما فصل ثالث مخرج دفع كل من شخصين مالا للآخر ليتجر فيه بجزء من ربحه .
ابن عرفة الشركة الأعمية تقرر متمول بين مالكين فأكثر ملكا فقط ، والأخصية بيع مالك كل بعضه ببعض كل الآخر يوجب صحة تصرفه في الجميع فيدخل في الأولى شركة الإرث والغنيمة لا شركة التجر ، وهما في الثانية على العكس ، وشركة الأبدان والحرث باعتبار العمل في الثانية ونية عوضه في الأولى ، وقد يتباينان في الحكم ، فشركة الشريك بالأولى جائزة ، وبالثانية ممنوعة فيها ليس لأحدهما أن يفاوض شريكا دون إذن شريكه ، وله أن يشاركه في سلعة بعينها دون إذنه .
وقول nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب إذن في التصرف لهما مع أنفسهما قبلوه ، ويبطل طرده بقول مالك شيء لآخر أذنت لك في التصرف فيه معي ، وقول الآخر له مثل ذلك وليس شركة إذ [ ص: 249 ] لو هلك ملك أحدهما لم يضمنه الآخر وهو لازم الشركة ، ونفي اللازم ينفي الملزوم وعكسه بخروج شركة الجبر كالورثة وشركة المبتاعين شيئا بينهما ، وقد ذكرهما إذ لا إذن في التصرف لهما ، ولذا اختلف في كون تصرف أحدهما كغاصب أم لا ، سمع ابن القاسم ليس لأحد مالكي عبد ضربه بغير إذن شريكه وإن فعل ضمنه إلا في ضرب لا يتلف في مثله أو ضرب أدب . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون يضمنه مطلقا ولو بضربة واحدة كأجنبي .
nindex.php?page=showalam&ids=13170ابن رشد رأي nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رضي الله تعالى عنه شركته شبهة تسقط الضمان في ضرب الأدب ، وهو أظهر من قول nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون لأن ترك ضربه أدبا يفسده وعليه زرع أحد الشريكين وبناؤه في أرض بينهما بغير إذن شريكه في كونه كغاصب يقلع زرعه وبناؤه أو لا لشبه الشركة فله الزرع ، وإن لم يفت إلا بان وعليه الكراء لنصف شريكه وله قيمة بنائه قائما وعليه قول ابن القاسم في إيلاد العبد أمة بينه وبين حر نصف قيمتها جناية في رقبته ، وقول nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون هو دين في ذمته يتبع بما نقص ثمنها عن نصف قيمتها ا هـ .
وأجيب عن إبطال الطرد بتعليق لهما بالتصرف كما تقدم ، وعن إبطال العكس بأن سياق nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب دل على أن القصد حد شركة التجر ، وأنها المعقود لها الباب ، وذكر غيرها فيه استطراد والله أعلم . الحط انظر ما معنى تسمية الأولى أعمية مع خروج بعض أنواع الشركة عنها بما ذكر والله أعلم ، قلت إذا حذف قوله فقط ظهرت الأعمية والله أعلم .
الرصاع في استثنائه شركة التجر نظر لأن فائدة الأعم صدقه على الأخص ، فهي داخلة فيه وإلا انتفى عمومه ، فالأولى حذف ملكا فقط والله أعلم .
ابن عرفة وحكمها الجواز كجزأيها البيع والوكالة وعروض وجوبها بعيد ، بخلاف عروض موجب حرمتها وكراهتها ، ودليلها الإجماع في بعض صورها وحديث أبي داود بسنده إلى nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=6966إن الله يقول أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه ، فإذا خانه خرجت من بينهم } ، ذكره عبد الحق ، وصححه بسكوته عنه nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم في مستدركه ، وفيه خرجت من بينهما .