[ ص: 355 - 356 ] باب ) صحة الوكالة [ ص: 357 ] في قابل النيابة [ ص: 358 ] من فسخ ، وقبض حق وعقوبة ; وحوالة وإبراء وإن جهله الثلاثة [ ص: 359 ] وحج
[ ص: 356 ] باب ) في بيان أحكام الوكالة
( صحة ) في بعض النسخ بصيغة المصدر ، وفي بعضها بصيغة الفعل الماضي ( الوكالة ) بفتح الواو وكسرها لغة الحفظ والكفاية والضمان ، قال الله تعالى { ألا تتخذوا من دوني وكيلا } قيل حافظا ، وقيل كافيا ، وقيل ضامنا قاله عياض . واصطلاحا قال ابن عرفة نيابة ذي حق غير ذي إمرة ولا عبادة لغيره فيه غير مشروطة بموته ، فتخرج نيابة إمام الطاعة أميرا أو قاضيا أو صاحب الصلاة والوصية ، فلا يقال لنيابة في حق ذي إمرة وكالة لقول اللخمي تجري الوكالة في إقامة الحدود لأن إقامة الحد مجرد فعل لا إمرة فيه ، هذا ظاهر استعمال الفقهاء .
وجعل ابن رشد ولاية الإمرة وكالة ونحوه قول عياض ، استعمال لفظ الوكالة في عرف الفقهاء في النيابة خلاف ذلك ومن تأمل وأنصف علم صحة ما قلناه لأنه المتبادر للذهن عرفا ، ويأتي لهم الفرق بين أن يقال فلان وكيلي أو وصيي . ويحتمل أن يقال النيابة مساوية للوكالة في العرف فتعريفها بها دور فيقال هي جعل ذي أمر غير إمرة التصرف فيه لغيره الموجب لحوق حكمه جاعله ، كأنه فعله فتخرج نيابة إمام الطاعة أميرا أو قاضيا أو إمام الصلاة ، لعدم لحوق حكم فعل النائب في الحكم أو في الصلاة الجاعل والوصية للحوق حكم فعل فاعلها غير الجاعل .
وتنازع صحة والوكالة ( في ) شيء ( قابل ) بموحدة أي صالح ( النيابة ) فيه . ابن عرفة اللخمي تجوز الوكالة فيما تصح فيه النيابة كالبيع والشراء والجعل والإجارة واقتضاء الدين وقضائه وعقد النكاح والطلاق وإقامة الحدود وبعض القرب ، وتبعه المازري ، إلا أنه أضاف ذلك للنيابة لا للوكالة . قال ولا تجوز النيابة في أعمال البدن المحضة كالصلاة والطهارة والحج إلا أنه تنفذ الوصية به وينقض قوله في أعمال الأبدان المحضة بقولها مع غيرها في العاجز عن الرمي لمرضه في الحج يرمي عنه نائبه .
nindex.php?page=showalam&ids=13612ابن هارون هو أن يوكله على أن يتكفل عنه لفلان بما على فلان . ابن عرفة هذا [ ص: 358 ] أقرب من الأول لأن الموكل في هذا المثال يصح منه الفعل ، وينبغي أن يزاد فيه أنه كان التزم لرب الدين الذي على فلان أن يأتيه بكفيل به عنه بحيث صار الإتيان بالكفيل حقا على الموكل المذكور ، وخرج nindex.php?page=showalam&ids=13612ابن هارون على الظهار الطلاق الثلاث . ابن عبد السلام الأقرب في الظهار أنه كالطلاق عليه ، لأن قول الوكيل زوجة موكلي عليه كظهر أمه ، كقوله امرأة موكلي طالق عليه ، وذلك أن الظهار والطلاق إنشاء مجرد كالبيع والنكاح . وأما اليمين فمتضمنة للخبر عن فعل الموكل ولا يدري الوكيل حقية ما يحلف عليه .
ابن عرفة يرد بعلمه ذلك بإخبار موكله بذلك ، ويرد قياسه الظهار على الطلاق وجمعه فيه بمجرد الإنشاء بالفرق بأن الطلاق يتضمن إسقاط حق الموكل ، بخلاف الظهار ، والاستقراء يدل على أن كل ما فيه حق للموكل أو عليه غير خاص به جاز فيه التوكيل وما ليس كذلك لا يصح . وقولنا غير خاص به احتراز ممن وجبت عليه يمين لغيره فوكل غيره على أدائها فإنها حق عليه ، ولا يجوز التوكيل فيه لأن حلف غيره غير حلفه فهو غير الحق الواجب عليه .
وفي نوازل nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ تصح في الإقرار ولم يحك ابن رشد فيه خلافا ابن عات في المكافئ nindex.php?page=showalam&ids=13332لأبي عمر جرى العمل عندنا أنه إذا جعل الموكل لوكيله الإقرار لزمه ما أقر به عليه عند القاضي . وزعم ابن خويز منداد أن تحصيل مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه لا يلزمه إقراره وهذا في غير المفوض إليه .