( وإن استلحق ) شخص شخصا ( وارثا غير ولد ) لمستلحقه بالكسر كأخ وعم وأب وأم فلا يثبت نسبه له و ( لم ) الأولى ولا ( يرثه ) أي المستلحق بالفتح المستلحق بالكسر ( إن كان ) أي وجد ( وارث ) للمستلحق بالكسر " غ " كذا في النسخ الصحيحة بالشرط المثبت ، ولا يصح غيره الحط اختلفت النسخ ، ففي بعض النسخ الصحيحة إن يكن بلفظ المضارع وإسقاط لم ، وكتب عليها صاحبها أنه كذلك في نسخة مقابلة على نسخة بخط المصنف ، وفي بعضها إن كان وارث وهي صحيحة أيضا موافقة لما قبلها ، وهذا هو [ ص: 485 ] الموافق للنقل ، ولما قدمه المصنف في فصل اختلاف الزوجين ، وفي بعضها إن لم يكن بثبوت لم وهي غير صحيحة لأنها تؤدي عكس المراد ، والمعنى على النسخة الصحيحة أن من استلحق غير ولد فلا يرث المستلحق الذي هو غير ولد الذي استلحقه إن كان هناك وارث ( وإلا ) أي وإن لم يكن هناك وارث ( ف ) في إرثه ( خلاف ) هذا الذي فرضه أهل المذهب في صورة هذه المسألة ، وإن كان ظاهر كلام nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب عكس هذا ، فقد قال ابن عبد السلام إنما هذا إذا كان المقر ذا مال ، ومسألة المصنف يعني nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب في العكس فتأمل ا هـ .
ولكن الذي يظهر أنه لا فرق بينهما لأنه إذا قال هذا أخي وصدقه الآخر ، فكل منهما قد استلحق غير ولد ، ولذا ترك المصنف الكلام عليها ، وشرح تت نسخة إن لم يكن وارث على ظاهرها فقال ولم يرثه إن لم يكن وارث غيره ، وإلا بأن كان هنا وارث غيره فخلاف هل يرث معه أو لا ، هذا ظاهر كلامه ، وعليه قرره الشارحان ، ثم تعقبه الشارح بأنه عكس ما عليه أصحابنا ، وهو أن الخلاف إنما هو مع عدم الوارث ، وأما مع وجوده فلا . ا هـ . وما تعقبه الشارح مثله للمصنف في أثناء فصل التنازع في الزوجية حيث قال وفي الإقرار بوارث وليس ثم وارث ثابت النسب خلاف ، والعجب من الشارحين كونهما لم ينبها على ذلك . " ق " لا شك أن العبارة خانته هاهنا ، وقد قاله بهرام ابن عرفة إقرار من يعرف له وارث يحيط بإرثه ولو بولاء لغو اتفاقا ، ومن ترجمة الإقرار بالولد من فرائض ابن يونس إن أقرت المرأة بزوج أو الرجل بزوجة وصدق الآخر صاحبه فقال أهل المدينة إن كانا غريبين طارئين قبل قولهما ، خلافا لأهل العراق في قبول قولهما مطلقا ، وإن أقر الرجل أو المرأة بمولى فقال هذا مولاي أعتقني فإجماع أهل المدينة وأهل العراق أن إقراره يثبت ، وهو وارثه بالولاء إلا أن يتبين كذبه ، فهؤلاء الأربعة الذين يجوز إقرارهم ويورثون فإن استلحق أحد غير هؤلاء مثل أخ أو ولد ابن أو جد أو غيرهم من الأقارب لم يجز استلحاقه ، لكن إن مات المقر أو المقر به ، فإن كان للميت وارث معروف يحيط بالمال لم يكن للمقر له [ ص: 486 ] شيء عند جميع الناس ، وإن كان المعروف ذا فرض لا يستوعب المال ، فإنه يأخذ فرضه ويكون ما يبقى لبيت المال إلا في قولة شاذة ، وهو أحد قولي ابن القاسم ، فإنه جعل ما بقي للمقر له إذا كان من العصبة ، وبأن لم يكن للميت وارث معروف من عصبة وذي سهم إلا أن له ذا رحم مثل الخال والخالة ، فإن المال لبيت المال إلا في القولة الشاذة لابن القاسم ، فإنه جعل المال للمقر له .
وقال أهل العراق المال لذي الرحم دون المقر له ودون بيت المال ، وإن لم يكن للميت ذو سهم ولا عصبة ولا ذو رحم كان لبيت المال عند أهل المدينة إلا في قول ابن القاسم ، فإنه جعل المال للمقر له ، وهذا أحد قولي nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون أن المال لبيت المال دون المقر به . ابن عرفة وقاله nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب ابن يونس وقال nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون وأصبغ إن أقر بأخ أو ابن عم ونحوه وليس له وارث معروف ولا موالي غير هذا المقر به فإنه يجوز إقراره به ، ويستوجب بذلك ميراثه ولا يثبت به نسبه أبو عمرو قاله nindex.php?page=showalam&ids=16867الإمام مالك " رضي الله تعالى عنه " وجمهور أصحابه . ابن رشد وقاله ابن القاسم في المدونة وغيرها . أبو بكر استحب في زمننا هذا إذا لم يكن له وارث معروف أن المقر له أولى من بيت المال ، إذ ليس ثم بيت مال يصرف في مواضعه ، وسئل ابن عتاب عمن أقرت بابن عم أبيها في عقد فقال فيه علة لعدم رفع العاقد نسبها لجد يجمعهما ، وأرى له مصالحة صاحب المواريث وإلا فعليه اليمين ويرث وأفتى غيره بثبوت إرثه بلا يمين ، فقد تحصل من هذا أن المذهب عند ابن يونس لا إرث بإقرار . وقال ابن رشد مذهب المدونة الإرث بالإقرار وعزاه الباجي nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك وجمهور أصحابه رضي الله تعالى عنهم .
( وخصه ) أي الخلاف في إرث المقر به من المقر إذا لم يكن له وارث معروف ( المختار ) أي اللخمي فهو اسم فاعل هنا ( بما إذا لم يطل الإقرار ) بالوارث ، وأما مع الطول فلا خلاف عنده في الإرث به لدلالته على صدقه " ق " اللخمي إن قال هذا أخي ، فإذا لم يكن له ذو نسب ثابت يرثه فقيل المال لبيت المال ، وقيل المقر له أولى ، وهذا [ ص: 487 ] أحسن لأن له بذلك شبهة ، ولو كان الإقرار في الصحة وطالت المدة وهما على ذلك يقول كل واحد منهما للآخر أخي ، أو يقول هذا عمي ويقول الآخر ابن أخي ومرت على ذلك . السنون ولا أحد يدعي بطلان ذلك لكان حوزا . قيل nindex.php?page=showalam&ids=15968لسحنون لو أن رجلا كان مقرا في حياته أن فلانا مولاه فلما مرض قال فلان ابن عمي لرجل ولا وارث له غيره ، أو قال ابن عمي ولم يقل لأب وأم ثم مات فقال لا يكون له شيء ولا يرث بالشك والميراث للمولى لأنه قد انعقد له الولاء قيل له فإن قال فلان مولاي في مرض ثم قال بعد ذلك فلان ابن عمي لا وارث لي غيره ، ثم مات فقال يؤخذ بإقراره للمولى ولا يكون للذي أقر بأنه ابن عمه شيء .
( تنبيهات ) الأول : الحط ظاهر قوله وارث أنه إذا كان له وارث معروف لا يرثه المقر به اتفاقا ، وإن كان الوارث المعروف غير محيط بإرثه وليس كذلك . ابن عرفة إقرار من له وارث يحيط بإرثه ولو بولاء لغو اتفاقا وإن لم يكن له وارث أو كان ولم يحط كذي بنت فقط ، ففي إعمال إقراره قولان لابن القاسم في سماعه من الاستلحاق مع ابن رشد عن قوله فيها مع غيرها nindex.php?page=showalam&ids=15968وسحنون في نوازله والباجي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وجمهور أصحابه رضي الله تعالى عنهم وأصبغ وأول قولي nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون ، وثانيهما مع nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب ، وعلم من هذا قوة القول بالإرث ، وإن جعله المتيطي شاذا لأن ابن عرفة عزا مقابله nindex.php?page=showalam&ids=15968لسحنون في قوله الثاني مع nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب ، وعزا القول بالإرث للجماعة المذكورين قبله . وقال في مختصر الحوفي وبه أفتى ابن عتاب وقال به العمل ، وقال المتيطي هو شاذ واستحسنه بعض القرويين في زمانه قائلا ليس ثم بيت مال .
الثاني : ابن عرفة المعتبر في ثبوت الوارث وعدمه ، إنما هو يوم موت المقر لا يوم الإقرار قاله nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ في نوازله ، ولم يحك ابن رشد غيره .
الثالث : ظاهر كلام المصنف أن الميراث المقر له على القول به بلا يمين وهو كذلك على [ ص: 488 ] قول ، فإن ابن رشد قال قد قيل إن الميراث لا يكون له إلا بعد يمينه أن ما أقر به المتوفى حق ويقوم ذلك من كتاب الولاء ، وذكر ابن سهل أن ابن مالك كان يفتي به ، وحصل ابن عرفة آخر كلامه في ذلك ثلاثة أقوال فصل في ثالثها بين بيان المقر وجه اتصال نسبه بالمقر له في رجل معين فلا يمين وعدمه فتجب اليمين .
الرابع : إن بين المقر وجه نسبة المقر به إليه كقوله هذا أخي شقيقي أو لأبي أو لأمي فواضح ، وإن أجمل كقوله هذا أخي أو ابن عمي فقال ابن عرفة في ذلك اضطراب ابن رشد الذي أقول به على مذهب ابن القاسم إذا قال فلان وارثي ولم يفسر حتى مات أن له جميع الميراث إن كان المقر ممن يظن به أنه لا يخفى عليه من يرثه ممن لا يرثه ، وإلا فلا يرثه بقوله فلان وارثي حتى يقول عمي أو ابن عمي الشقيق أو للأب أو مولاي أعتقني أو أبي أو أعتق من أعتقني أو ما أشبه ، وكذا إن قال فلان أخي قاصدا للإشهاد له بالميراث ، كقوله أشهدكم أن هذا أخي يرثني ، أو يقال له هل لك وارث فيقول نعم هذا أخي وشبه ذلك . وأما إن قال على غير سبب هذا أخي أو فلان أخي فلا يرث إلا السدس لاحتماله كونه أخاه لأمه ، ولو لم يقل فلان أخي أو هذا أخي ، وإنما سمعوه يقول يا أخي فلا يجب له بذلك ميراث ، لأن الرجل قد يقول أخي أخي لمن لا قرابة بينه وبينه إلا أن تطول المدة والسنون ، وكل واحد يدعو صاحبه باسم الأخ أو العم فيتوارثان .
الخامس : إن مات المقر به في حياة المقر ثم مات المقر وقام أولاد المقر له بهذا الإقرار فلا يجب لهم به ميراث المقر ، إذا لم يقر للميت ، إلا أن يشهد أنه إن لم يكن باقيا حين موته فولده الذكور بنو ابن عمه وورثته المحيطون بميراثه قاله في المتيطية . ابن سهل أفتى أكثر أهل بطليوس إن الولد يرث المقر وإن غير واحد من أهل بطليوس وابن مالك وابن عتاب أفتوا بأنه لا يرث والله أعلم .
السادس : ابن رشد لا يجوز الإقرار بوارث إذا كان وارث معروف النسب أو الولاء إلا في خمسة مواضع ، الإقرار بولد أو ولد ولد أو أب أو جد أو زوجة معها ولد ، فإن أقر [ ص: 489 ] بولد لحق به نسبه ، وإن أقر بولد الولد فلا يحق به إلا أن يقر به الولد فيكون هو مستلحقه ، أو يكون قد عرفه أنه ولده فيكون استلحق هو الولد ، وإذا أقر بأب فلا يلحق ويرثه إلا إذا أقر به الأب فيكون الأب هو الذي استلحقه وإن أقر بجد فلا يلحق به إلا أن يقر الجد بابنه ، ويقر أبوه به ، فيكون كل واحد منهما قد استلحق ابنه ، وإن أقر بزوجة لها ولد أقر به فإقراره بالولد يرفع تهمة إقراره بها فترثه ، وإن لم تثبت الزوجية ولا عرفت وبالله تعالى التوفيق .