( ولزم ) القضاء الشخص ( المتعين ) له لانفراده بشروطه فيلزمه طلبه وقبوله ، ولا يجوز له الامتناع منه ، ووجب على الإمام توليته وإعانته على الحق ( أو ) الشخص ( الخائف فتنة ) بعدم توليه بين المسلمين أو في نفسه أو ماله أو عياله والحال أنه لم ينفرد بشروطه ( أو ) الخائف ( ضياع الحق ) على مستحقه بتولية غيره فيلزمه ( القبول والطلب ) لتوليته ( و ) إن امتنع المتعين من القبول ( أجبر ) بضم الهمز وكسر الموحدة على القبول بغير ضرب ، بل ( وإن بضرب ) قيل nindex.php?page=showalam&ids=16867للإمام مالك رضي الله عنه أيجبر بالسجن الضرب ، قال نعم أبو عمر إنما يجبر على القضاء من لم يوجد غيره يجبر بالسجن والضرب . ابن عرفة قبول ولاية القضاء من فروض الكفاية إن كان بالبلد عدد يصلحون لذلك ، فإن لم يكن من يصلح لذلك إلا واحد تعين عليه ، وأجبر على الدخول فيه . nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري يجب على من هو أهله السعي في طلبه إن علم أنه إن لم يله ضاعت الحقوق أو تولية من لا يحل أن يولى ، وكذا إن ولي من لا تحل توليته ولا سبيل لعزله إلا بطلبه . [ ص: 268 ]
( وإلا ) أي وإن لم يتعين عليه ولم يخف فتنة ولا ضياع الحق ( فله ) أي من فيه شروطه ( الهرب ) بفتح الهاء والراء من توليته إن لم يعينه الإمام ، بل ( وإن عين ) بضم فكسر مثقلا من الإمام لتولية القضاء . ابن رشد الهروب عن القضاء واجب وطلب السلامة منه لازم لا سيما في هذا الوقت ، فروض الكفاية كلها تتعين بتعيين الإمام إلا القضاء لشدة خطره في الدين . ابن مرزوق هذا دليل على أن ولايته من أعظم المحن حيث جازت له مخالفة الإمام هنا ، ولم تجز له في الجهاد المؤدي للموت . ابن شاس للإمام إجباره وله هو أن يهرب بنفسه منه إلا أن يعلم تعينه له فيجب عليه القبول .
( تنبيهات )
الأول : إذا لزمه طلب القضاء فطلبه فمنع منه إلا ببذل مال فهل يجوز له بذله الظاهر أنه لا يجوز لقولهم إنما يلزمه القبول إذا تعين عليه إذا كان يعان على الحق ، وبذل المال في القضاء من أول الباطل الذي لم يعن على إبطاله ، فيحرم عليه حينئذ ، وقد يفهم من كلام ابن فرحون قاله الحط .
الثالث : في وثائق الجزيري القضاء محنة وبلية ومن دخل فيه فقد عرض نفسه للهلاك لأن التخلص منه عسر ، فالهرب منه واجب لا سيما في هذا الوقت وطلبه نوك ، وإن كان حسبة قاله الشعبي ورخص فيه بعض الشافعية إذا خلصت النية بأن يكون قد وليه من لا يرضى حاله ، والأول أصح لقوله عليه السلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=108819إنا لا نستعمل على عملنا من أراده } . ا هـ . في الصحاح [ ص: 269 ] النوك بالضم الحمق ، قال قيس بن الخطيم :
وداء النوك ليس له دواء
والنواكة الحماقة .
الرابع : ابن فرحون وأما تحصيل القضاء بالرشوة فهو أشد كراهة ، وقال أبو العباس في كتابه آداب القضاء من قبل القضاء بقبالة وأعطى عليه رشوة فولايته باطلة وقضاؤه مردود ، وإن كان قد حكم بحق وإن أعطى رشوة على عزل قاض ليولى مكانه فكذلك أيضا ، وإن أعطاها على عزله دون ولاية فعزل الأول برشوة ثم استقضى هو مكانه بغير رشوة نظر في المعزول ، فإن كان عدلا فأعطاه الرشوة على عزل حرام ولا ينعزل ويبقى على ولايته إلا أن يكون من عزله تاب ورد الرشوة قبل عزله ، وقضاء المستخلف أيضا باطل إلا أن يكون قبل الولاية فيصح قضاؤه ، فإن كان المعزول جائرا فلا يبطل قضاء المستخلف ، قال أبو العباس قلت هذا تخريجا على مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والحنفي .
الخامس : لم يتعرض المصنف لما تنعقد به الولاية ، وقال ابن بشير في التحرير لانعقاد الولاية شروط العلم بشرائط الولاية في المولى ، فإن لم يعلمها إلا بعد التقليد استأنفه . الثاني ذكر المولى له من القضاء أو الإمارة فإن جهل فسدت ، الثالث ذكر البلد الذي عقدت الولاية عليه ليمتاز عن غيره .
السادس : nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي الألفاظ التي تنعقد بها الولاية صريح وكناية فالصريح أربعة ألفاظ هي وليتك وقلدتك واستخلفتك واستتبتك ، والكناية ثمانية ألفاظ وهي اعتمدت عليك وعولت عليك ورددت إليك وجعلت إليك وفوضت إليك ووكلت إليك واستندت إليك وعهدت إليك ، وتحتاج الكناية إلى أن يقترن بها ما ينفي الاحتمال مثل احكم فيما اعتمدت عليك فيه وشبه ذلك .
السابع : ابن عرفة تثبت تولية الإمام قاضيه بإشهاده بها نصا والأصح ثبوتها بالاستفاضة الدالة بتواترها والقرائن على علم ذلك ومنع بعضهم ثبوتها بكتاب يقرأ على الإمام إن لم ينظر الشهود في الكتاب المقروء لجواز أن يقرأ القارئ ما ليس في الكتاب ، ولو قرأه [ ص: 270 ] الإمام صحت ، قلت سماع الإمام المقروء عليه مع سماعه وسكوته يحصل العلم ضرورة بتوليته إياه ، ونقل المتيطي وغيره عن المذهب ثبوت ولايته بشهادة السماع . ا هـ . قوله يقرأ على الإمام كذا في النسخة التي رأيت منه وهو الذي يقتضيه بحثه والذي في تبصرة ابن فرحون عن الإمام وهو الظاهر ، والله أعلم .
الثامن : ابن فرحون إذا كان المولى غائبا وقت توليته جاز قبوله على التراخي عند بلوغ التولية إليه ، وعلامة قبوله شروعه في العمل وبهذا جرى عمل الصحابة رضي الله تعالى عنهم ومن بعدهم إلى وقتنا هذا .
التاسع : في الذخيرة قال الشافعية يجوز انعقاد ولاية القاضي بالمكاتبة والمراسلة كالوكالة وقواعدنا تقتضيه ، قالوا فإن كانت التولية باللفظ مشافهة فالقبول على الفور لفظا كالإيجاب ، وفي المراسلة يجوز التراخي بالقبول ، قالوا وفي القبول بالشروع في النظر خلاف ، وقواعدنا تقتضي الجواز لأن المقصود هو الدلالة على ما في النفس .
الحادي عشر : nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب للإمام أن يستخلف من يرى غير رأيه في الاجتهاد والتقليد ولو شرط عليه الحكم بما يراه الإمام بطل الشرط ، وصحت التولية . خليل كالمالكي يولي شافعيا أو حنفيا ولو شرط أي الإمام على القاضي الحكم بما يراه الإمام من مذهب معين أو اجتهاد له بطل الشرط وصح العقد قاله nindex.php?page=showalam&ids=14703الطرطوشي . وقال غيره العقد غير جائز ينبغي فسخه ورده ، وهذا إذا كان القاضي مجتهدا وفرض nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري فيه المسألة قال وإن كان الإمام مقلدا وكان متبعا لمذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك واضطر إلى ولاية قاض مقلد فلا يحرم على الإمام أن يأمره أن يقضي بين الناس بمذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رضي الله تعالى عنه وأن لا يتعدى في قضائه مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رضي الله عنه لما يراه من المصلحة في أن يقضي بين الناس بما عليه أهل [ ص: 271 ] الإقليم والبلد هذا الذي القاضي ولى عليهم ، وقد ولى nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون رجلا سمع بعض كلام أهل العراق وأمره أن لا يتعدى الحكم بمذهب أهل المدينة الباجي في سجلات قرطبة لا يخرج عن قول ابن القاسم ما وجد nindex.php?page=showalam&ids=14703الطرطوشي هذا جهل عظيم منهم أراد أن الحق ليس في قول معين .