ثم شرع في الكلام على الركن الثالث وهي الجناية فقال ( إن قصد ) المكلف غير الحربي الذي لم يزد بحرية ولا إسلام ( ضربا ) للمقتول الذي لا يجوز له ضربه على وجه الغضب ، أما إن قصد ضرب من يجوز له ضربه كحربي فتبين مسلما فهو الخطأ فيه الدية ، وقد قتل الصحابة مسلما يظنونه حربيا فوداه صلى الله عليه وسلم ولم يهددهم ، وإن قصده على وجه اللعب فقيل إنه خطأ وهو مذهب ابن القاسم ، وروايته عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في المدونة . وقيل عمد يقتص منه ، وثالثها إن تلاعبا فخطأ وإن لم يلاعبه فيه القود ، ولو اعتقد أنه زيد فإذا هو عمرو أو اعتقد أنه عمرو بن فلان فتبين أنه عمرو بن آخر لقتلهم قاتل خارجة معتقدا أنه nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص ولم يلتفتوا لقوله أردت عمرا وأراد الله خارجة ا هـ . [ ص: 18 ] عب البناني لزوم القود في هذه هو الصحيح ، وبه جزم ابن عرفة أولا خلاف ما نقله بعده عن مقتضى قول الباجي ، ووقع في الحط ، وتبعه الخرشي أنه إذا قصد ضرب شخص فأصابت الضربة غيره ، فإنه عمد فيه القود وهو غير صحيح ، وقد نص ابن عرفة وابن فرحون وغيرهما أن حكمه حكم الخطأ لا قود فيه ، وفهم من قوله إن قصد ضربا أنه لا يشترط قصد قتله ، وهو كذلك في المقدمات إن قصد الضرب ولم يقصد القتل وكان الضرب على وجه الغضب فالمشهور عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك المعروف من قوله أنه عمد وفيه القصاص . البناني عن ابن مرزوق عبارتهم تقتضي أن القصاص في العمد العدوان ، فنبه [ ص: 19 ] المصنف على العمد بقوله إن قصد إلخ ، وأما العدوان فالظاهر أنه أشار له بقوله وإلا أدب ا هـ .
واعلم أن القتل على أوجه : الأول : أن لا يقصد برميه شيئا أو يقصد حربيا فيصيب مسلما وهذا خطأ بإجماع فيه الدية والكفارة . الثاني : أن يقصد الضرب على وجه اللعب وهو خطأ على قول ابن القاسم ، وروايته في المدونة خلافا nindex.php?page=showalam&ids=17098لمطرف وابن الماجشون ، ومثله قصد الأدب الجائز . وأما إن كان للنائرة والغضب فالمشهور أنه عمد يقتص به إلا في الأب ونحوه فلا قصاص فيه وتغلظ فيه الدية . الثالث قصد القتل على وجه الغيلة فيتحتم فيه القتل فلا عفو عنه قاله في المقدمات ، ومثله في المتيطية .
هذا إن ضربه بما يقتل غالبا كسيف ورمح وسهم ، بل ( وإن ) ضربه ( بقضيب ) أي عود مقضوب من شجرة ونحوه مما لا يقتل غالبا فلا يشترط كونه بما يقتل غالبا . ابن شاس فأما إن لطمه أو وكزه فمات فتخرج على الروايتين في نفي شبه العمد وإثباته فعلى رواية النفي هو عمد يجب فيه القصاص وهو مذهب الكتاب ، وعلى الرواية الأخرى في إثباته الواجب فيه الدية . ا هـ . وشبه في إيجاب القصاص فقال ( كخنق ) لمعصوم حتى مات فعلى خانقه القصاص ( و ) ك ( منع طعام ) أو شراب عن معصوم حتى مات فعلى مانعه القصاص . ابن عرفة من صور العمد ما ذكر ابن يونس عن بعض القرويين إن منع فضل مائه مسافرا عالما أنه لا يحل له منعه ، وأنه يموت إن لم يسقه قتل به ، وإن لم يل قتله بيده ا هـ .
( و ) كضرب بشيء ( مثقل ) بضم الميم وفتح المثلثة وكسر القاف مثقلة ، أي راض للبدن بلا جرح كحجر وخشبة ومات المضروب فيقتص من ضاربه به ، فلا يشترط كون المضروب به له حد يجرح ( ولا قسامة ) في شيء من ذلك ( إن أنفذ ) الضرب ( مقتله ) بأن قطع ودجه أو ثقب مصيره أو نثر دماغه أو قطع نخاعه