( ولا ) يقطع من سرق ( من ) مال غريم له ( جاحد ) لحقه الذي له عليه قدره ( أو ) من غريم مقر بما عليه له ( مماطل ) أي مؤخر لدفع ما عليه مع قدرته عليه وطلبه منه لأن له شبهة قوية في مالهما ، وظاهره سواء كان ما سرقه من جنس حقه أم لا ، وقيده بعضهم بكونه من جنسه وإلا فيقطع ، ونظر فيه المصنف ، ولذا أطلق هنا . البساطي القطع يحكم به الحاكم وهو لا يحكم إلا بالظاهر ، فكيف يعلم الحاكم أنه جاحد حتى ينتفي القطع ، وجوابه أن المسروق منه قال جحدته كذبا ويرجع للحق . ا هـ . لا يقال هذا مخالف لقوله سابقا ولو كذبه ربه لأن أخذ المال في هذه الصورة لم يقع على وجه السرقة ، بل على أنه ماله . اللقاني هذا الجواب غير ظاهر ، لأن المعنى لا يقطع من سرق من آخر نصابا ترتب له على صاحب الحرز ، وتعذر على السارق إحضار بينته بترتبه عليه ، وأقام المسروق منه عليه بينة بالسرقة وترتب على السارق القطع فأقام بينة أن المال له ، وأن المسروق منه جحده فيه ، وكذا يقال في المماطل ، فإن لم يقم بينة بالجحد أو المطل فإنه يقطع ولا يعتبر قول المسر ، ومنه جحدته أو ماطلته لاتهامه برحمته ، وهذه من أفراد قوله ولو كذبه ربه أفاده عب . البناني ها هو الصواب ، وعليه اقتصر ابن عاشر وغيره ، والله أعلم . [ ص: 309 ] ونعت طفل وربع دينار وثلاثة دراهم وما يساويها ب ( مخرج ) بضم فسكون ففتح ( من حرز ) بكسر فسكون ، أي محل حفظ وصوره ( ب ) ذي ( أن ) بفتح فسكون مخففا ( لا يعد ) الشخص ( الواضع ) المال فيه ( مضيعا ) بضم ففتح فكسر مثقلا ، أي مكان لا ينسب من وضع المال فيه لتعريضه للضياع إن خرج السارق من الحرز ، بل و ( إن لم يخرج هو ) أي السارق من الحرز ، ويختلف الحرز باختلاف المال والسارق فرب مكان حرز لمال وليس حرزا لمال آخر ولسارق دون آخر ، فمن وضع مالا بكوة ببيته فهي حرزه بالنسبة للأجنبي لا بالنسبة لولده وزوجته وخادمه . ابن عرفة الحرز ما قصد بما وضع فيه حفظه به إن استقل بحفظه أو بحافظ غيره إن لم يستقل . البناني أي بمكان من شأنه أن يقصد بما شأنه أن يوضع فيه حفظه إلخ ، ولا بد من إخراج النصاب منه ولو تلف عقب خروجه من الحرز أو احترق في نار ، وهو ما استحسنه اللخمي ، وإذا أخرجه منه ورده إليه قطع لتحقق السرقة .
قال في الذخيرة الشرط السادس أن يكون محرزا ، ومعناه أن يكون في مكان هو حرز لمثله في العرف والعادة ، وذلك يختلف باختلاف عادات الناس في إحراز أموالهم وهو في الحقيقة كل ما لا يعد صاحب المال في العادة مضيعا له بوضعه فيه . ا هـ . فالمعتبر خروج المال لا السارق ، ولا يشترط دخول الحرز ، فإن أدخل عصاه مثلا وأخرج بها نصابا قطع وسيأتي الإشارة بالعلف لشاة مثلا فتخرج فيقطع فيها لو أخذ في الحرز بعد أن ألقى المتاع خارجا منه فقد شك فيه nindex.php?page=showalam&ids=16867الإمام مالك رضي الله تعالى عنه بعد أن قال يقطع وأنا أرى أن يقطع وشهره nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب .
( أو ابتلع ) السارق في الحرز ( درا ) بضم الدال المهملة وشد الراء جمع درة ، أي لؤلؤا يساوي ثلاثة دراهم ، وكذا كل ما لا يفسد بابتلاعه كذهب وفضة وخرج من الحرز فيقطع ومفهوم درا أنه لو ابتلع فيه ما يفسده الابتلاع كالطعام والشراب وخرج فلا يقطع [ ص: 310 ] وهو كذلك ، وإن ضمنه وأدب في العتبية لو ابتلع دينارا في الحرز وخرج لقطع لأنه خرج به وهو شيء يخرج منه فيأخذه وقاله ابن رشد . ابن شاس إن ابتلع درة وخرج قطع . ابن عرفة لا أعرف هذا بهذا النص إلا للغزالي ، لكنه مقتضى المدونة . قلت لا فرق بين الدينار والدر وابتلاع الدينار منصوص في العتبية ، ولكن شأن الإنسان النسيان " غ " والبناني العجب من ابن عرفة كيف خفي عليه هذا ، حتى قال لا أعرفها بنصها إلا الغزالي ، واحتاج إلى تخريجها على ما في المدونة من دهن الرأس واللحية .
( أو ادهن ) بفتح الدال المهملة والهاء مثقلا السارق في ظاهر بدنه ( بما ) أي طيب كزبد ( يحصل ) أي يجتمع ( منه ) ما قيمته ( نصاب ) ثلاثة دراهم إذا سلت من بدنه فيقطع ، فإن كان لا يحصل منه نصاب فلا يقطع فيها إذا دخل السارق الحرز فأكل الطعام فيه وخرج فلا يقطع ويضمنه ، وإن دهن رأسه ولحيته في الحرز بدهن وخرج ، فإن كان ما في رأسه من الدهن إذا سلت بلغ ربع دينار قطع وإلا فلا يقطع .