[ ص: 503 ] باب ) ( في بيان أحكام الوصية ) ابن عرفة هي في عرف الفقهاء لا الفراض عقد يوجب حقا في ثلث عاقده يلزم بموته أو نيابة عنه بعده . قوله لا الفراض ، أي فإنها عندهم قاصرة على القسم الأول . قوله في ثلث إلخ أخرج ما يوجب حقا في رأس ماله مما عقده على نفسه في صحته .
وقوله : يلزم بموته أخرج تبرع الزوجة بثلث مالها ; إذ لا يتوقف لزومه على موتها . قوله أو نيابة عطف على قوله حقا ، أو تنويعية فكأنه قال الوصية في عرف الفقهاء نوعان ، أحدهما عقد يوجب حقا في ثلث عاقده يلزمه بموته ، والثاني عقد يوجب نيابة عن عاقده بعد موته وأورد أنه لا يشمل الوصية بدين لوجوبه من رأس المال .
وأجيب بأن هذا لا توجبه الوصية ، بل البينة أو الإقرار ، فالعقد المتعلق به إقرار لازم بمجرده لا وصية متوقف لزومها على موته . الحط لا خفاء في صدقه على التدبير . أحمد بابا لا خفاء في عدم صدقه عليه لخروجه بقوله : يلزم بموته للزومه بإنشائه ونحوه للرماصي والرصاع ، وهو ظاهر إن قيل : التدبير لا يلزم بإنشائه ، وإلا فلا يبطله الدين ، وإنما الممنوع منه الرجوع ، فالصواب ما للحط قلت : بل الصواب ما للجماعة ، وإبطاله الدين لا يقتضي عدم لزومه ، إنما هو لفقد الثلث الذي يلزم فيه ويدل على لزومه أنه لا يبطله في الحياة إلا ما يبطل العتق الناجز ، وهو الدين السابق ، أفاده البناني ، على أن قوله : لا يلزم ، وإنما الممنوع الرجوع عنه تناقض لا يخفى .
( صح إيصاء حر ) فلا يصح إيصاء رق ، ولو بشائبة حرية ، وهذا بيان لحكمه بعد نزوله ، وسكت عن حكم القدوم عليه . اللخمي وابن رشد حكمه الوجوب إن كان عليه [ ص: 504 ] دين ونحوه ، والندب ، وإن كان بقربة غير واجبة ، والحرمة إن كان بنحو النياحة والكراهة إن كان بمكروه أو في قليل مال ، والإباحة إن كان بمباح عبد الحق هو على ضربين واجب ومستحب ، فإن كان عليه أو له حق وجب ، وإلا استحب ، ونحوه nindex.php?page=showalam&ids=15140للمازري وبعض القرويين . وفي ضيح : إنما يجب فيما له بال ، وجرت العادة بالإشهاد عليه من حقوق الناس .
وأما يسيرها فلا يجب الإيصاء به للمشقة ، وفي صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم { ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين ، وفي رواية ثلاث ليال إلا ووصيته مكتوبة } فخصه بعض شيوخ عبد الحق بالموعوك . ابن رشد الصواب عمومه الصحيح ; لأنه قد يفجؤه الموت ، وإنفاذ ما عدا المحرم لازم . وقول ابن رشد إنفاذه يجري على الأحكام الخمسة مراده به إنفاذه من الموصي قبل موته .
( مميز ) بكسر الياء مثقلا فلا يصح إيصاء غير مميز لصغر أو جنون أو إغماء أو سكر .
ابن شاس تصح من كل حر مميز ، ولا تصح من العبد ولا من المجنون ( مالك ) للموصى به فلا يصح بمال الغير فضوليا أو مستفرق الذمة بالتبعات . إن كان رشيدا ، بل ( وإن ) كان ( سفيها أو صغيرا ) ابن عرفة تصح وصية الحر المالك التام ملكه .
فيها تجوز وصية المحجور عليه والسفيه والمصاب حال إفاقته لا حال خبله ، وتجوز وصية ابن عشر سنين ، وأقل منها مما يقاربها إذا أصاب وجه الوصية ، وذلك أن لا تكون في اختلاط . الباجي في المدنية عيسى روى ابن القاسم تجوز وصية اليافع وهو ابن عشر سنين أو اثنتي عشرة سنة . محمد أجاز nindex.php?page=showalam&ids=16867الإمام مالك وأصحابه رضي الله تعالى عنهم وصية من يعقل ما أوصى به ابن سبع سنين وشبهه . nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ تجوز وصية الصبي إذا عقل ما يفعل . اللخمي عنه تجوز وصيته إذا عقل الصلاة . nindex.php?page=showalam&ids=16867ولمالك رضي الله تعالى عنه في العتبية إذا أثغر وأدب على ترك الصلاة والصبيان يختلف إدراكهم وتمييزهم ، فمن علم تمييزه جازت وصيته فيما هي قربة لله تعالى أو صلة رحم ، وإن جعلها لمن يستعين بها في منهي عنه ردت .
( تنبيهات ) الأول : البناني الأولى إن لم يخلط بدل إن لم تتناقض لأن التناقض أخص من التخليط ولا يلزم من نفي الأخص نفي الأعم والتخليط أن لا يكون لكلامه محصول ، وأيضا إذا قال : أعطوا فلانا ثم قال : لا تعطوه فهو تناقض ، فهو غير مطروح .
الثاني : ابن مرزوق قوله : أو بقربة ، هذا وإن ذكره اللخمي ليس في كلامه ما يدل على أنه قصد به تفسير كلامها ، وإنما هو رأي له ، وكأنه أراد بالقربة ما ليس بمعصية بدليل مقابلتها بها ، وبهذا تعلم ما في صنيع المصنف .
الثالث : محل التأويلين قولها إذا أصاب وجه الوصية بدليل قول الأمهات . قلت لابن القاسم : ما معنى أصاب وجه الوصية ، قال : إذا لم يكن في وصيته اختلاط ، نقله ابن مرزوق ، والله أعلم .