أما بيع ثمرة على شجرة مقطوعة أو جافة دونها فيجوز بلا شرط قطع لأن الثمرة لا تبقى عليها فنزل ذلك منزلة شرط القطع ، وخرج بقوله إن بيع ما لو وهب مثلا فلا يجب شرط القطع فيه ، وكذا الرهن كما يأتي قبيل بحث من استعار شيئا ليرهنه ( و ) بشرط ( أن يكون المقطوع منتفعا به ) كلوز وحصرم وبلح فيجوز حينئذ ، ودخل في المستثنى منه ما ينتفع به وبيع بغير شرط القطع أو بيع بشرطه معلقا كأن شرط القطع بعد يوم لأن التعليق يتضمن التبقية ، وما ( لا ) ينتفع به [ ص: 147 ] ( ككمثرى ) وجوز لا يصح بيعه لانتفاء شرطه وإن شرط القطع وذكر هذا الشرط المعلوم من شروط البيع قال الشارح : للتنبيه عليه ، وأجاب بعضهم بأنه إنما ذكره هنا لأن هذا الشرط المذكور ثم يكفي أن يكون حالا أو مآلا كالجحش الصغير وهنا يشترط أن يكون حالا ا هـ وإنما لم يكف هنا لعدم ترقبها مع وجود شرط القطع فلذلك اشترطت حالا .
والحاصل أن الشرط هنا وثم أن يكون فيه منفعة مقصودة لغرض صحيح .
وأما افتراقهما في كون المنفعة قد تترقب ثم لا هنا فغير مؤثر للاستحالة التي ذكرناها ( وقيل إن كان الشجر للمشتري والثمر للبائع كأن وهبه أو باعه ) بشرط قطعه ثم اشتراه منه أو باعها الموصى له من الوارث ( جاز ) بيع الثمرة له ( بلا شرط ) للقطع لاجتماعهما في ملك شخص واحد فأشبه ما لو اشتراهما معا ، وصحح هذا الوجه الرافعي والمصنف في المساقاة ، لكن المعتمد ما هنا لعموم النهي والمعنى إذ المبيع الثمرة ، ولو تلفت لم يبق في مقابلة الثمن شيء كما مر ( قلت : فإن كان الشجر للمشتري وشرطنا القطع ) كما هو الأصح ( لم يجب الوفاء به ، والله أعلم ) إذ لا معنى لتكليفه قطع ثمره عن شجره .
حاشية الشبراملسي
( قوله : أما بيع ثمرة على شجرة ) محترز وهو على شجرة نابتة ( قوله : فنزل ذلك إلخ ) يؤخذ منه جواز شرط القطع ا هـ سم على حج .
ويجب الوفاء به لتفريغ ملك البائع ما لو كانت مقلوعة وأعادها البائع أو غيره وحلتها الحياة هل يكلف المشتري القطع أو لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول لأن شراء الثمرة وهي مقطوعة ينزل منزلة شرط القطع فيكلفه وإن أعيدت .
وبقي أيضا ما لو كانت الشجرة جافة ولم تقطع ثم باع الثمرة التي عليها من غير شرط قطع ثم حلتها الحياة فهل يكلف القطع أو يتبين بطلان البيع من أصله ؟ فيه نظر ، والأقرب الثاني لأنه بناه على ظن وهو موتها فتبين خطؤه لأن عود الحياة إليها علامة ظاهرة على أن عروقها كانت حية ( قوله : وكذا الرهن ) ووجه جواز ذلك فيهما بدون شرط القطع أنه بتقدير تلف الثمرة بعاهة لا يفوت على المتهم شيء في مقابلة الثمرة ، وكذا المرتهن لا يفوت عليه إلا مجرد التوثق ودينه باق بحاله ، بخلاف البيع فإنه بتقدير تلف الثمرة بعاهة يضيع الثمن لا في مقابلة شيء فاحتيج فيه لشرط القطع ليأمن من ذلك ( قوله : وحصرم ) كزبرج الثمر قبل النضج ، وأول العنب ما دام أخضر ا هـ قاموس ( قوله : وبيع بغير شرط القطع ) أي فإنه باطل ( قوله : كأن شرط القطع بعد يوم ) هذا وإن لم يكن [ ص: 147 ] تعليقا صريحا لكنه تعليق معنى لأنه في قوة قوله إذا جاء الغد فاقطع الثمرة ( قوله : ككمثرى ) أي قبل بدو صلاحه ( قوله : لا يصح ) خبر لقوله وما لا ينتفع به ( قوله : لانتفاء شرطه ) وهو كونه منتفعا به ( قوله : وهنا يشترط أن يكون حالا ) ظاهره عدم الصحة ، ولو باعه لمالك الشجرة ولكن المشتري لا يريد إفساد ماله ، وفي هذه صار متمكنا من إبقائه فلا ييأس من النفع في المآل فالقياس فيه الصحة حينئذ ، ومقتضى إطلاقهم يخالفه ، ويمكن توجيه مقتضى الإطلاق بأن شرط القطع ترتب القطع عليه حالا فعمل بذلك ( قوله : وإنما لم يكف هنا لعدم ترقبها ) ينشأ منه المناقشة في نتيجة جوابه .
وذلك لأنه إذا عدم ترقبها كانت معدومة حالا ومآلا فلا حاجة حينئذ إلى كون الشرط المنفعة حالا لأن ذلك إنما يحسن لو كانت المنفعة متحققة مآلا لكنها لم تعتبر ، وليس كذلك كما تقرر ، فالوجه أن الشرط في المبيع هنا ، وثم المنفعة حالا أو مآلا ، ولكن لم يتحقق هذا الشرط في نحو الكمثرى ، إذ هو غير منتفع به مطلقا .
أما حالا فظاهر ، وأما مآلا فلأنه لا يبقى إلى أن يتهيأ للانتفاع لوجوب قطعه بمقتضى الشرط فلذا بطل البيع فيه ، فبطلانه فيه لانتفاء منفعته مطلقا لا لانتفائها حالا مع وجودها مآلا ، والمعتبر إنما هو الحال لا المآل ، فقوله : فلذلك اشترطت حالا الذي تبعه غيره فيه وجعله هو الجواب عن الاعتراض على المصنف غير محرر فتأمل ذلك فإنه مما يخفى ا هـ سم على حج . أقول : وقد يؤخذ من قول الشارح والحاصل أن إلخ أن المنفعة المالية منتفية هنا للاستحالة التي ذكرها فإن المراد من ذكره أن المنفعة المرادة هنا الحالية لعدم وجود غيرها ( قوله : ترقبها ) أي المنفعة المالية ( قوله : التي ذكرناها ) أي في قوله لعدم ترقبها إلخ ( قوله : كأن وهبه ) أي ولو بلا شرط قطع ( قوله : ثم اشتراه ) قد يقال كيف يصح شراؤه منه قبل قبضه المتوقف على قطعه إلا أن يجاب بما مر عن الجواهر من حصول قبضه بالتخلية ا هـ سم على حج ( قوله : لكن المعتمد ما هنا ) أي من عدم الصحة بدون شرط القطع ( قوله : وشرطنا القطع ) [ ص: 148 ] أي قلنا باشتراطه وشرطه البائع على المشتري فلا يقال مجرد القول باشتراطه لا يترتب عليه قوله لم يجب الوفاء به .
حاشية المغربي
. ( قوله : أو بيع بشرطه معلقا ) المناسب لقوله فيما مر حالا أن يقول هنا مؤجلا وهو تابع في هذا التعبير [ ص: 147 ] لشرح الروض ، وهو إنما عبر به لتعبير الروض بمنجز كما مر ( قوله : وإنما لم يكف هنا ) يعني النفع مآلا ، وكان يجب ذكره وترك ذكره تبعا لعبارة الشهاب حج ، لكن ذاك قدم في كلامه مرجع الضمير . ( قوله : والحاصل إلخ ) لا معنى لهذا الحاصل هنا وهو تابع في ذكره للشهاب حج ، لكن ذاك إنما ذكره ; لأنه اقتصر على الجواب الأول ، ثم أورد عليه معنى الجواب الثاني في صورة سؤال ثم دفعه ، ثم أردف الدفع بهذا الحاصل فهو حاصل دفع الجواب الثاني لا حاصله هو وعبارته ، وذكر هذا هنا ; لأنه قد يغفل عنه وإلا فهو معلوم مما مر في البيع .
فإن قلت : لا نسلم علمه منه ; لأنه يكفي ثم المنفعة المترقبة كما في الجحش الصغير لا هنا .
قلت : إنما لم يكف هنا لعدم ترقبها مع وجود شرط القطع فلذلك اشترطت حالا فالحاصل إلخ