باب بيع الأصول وهي الأرض والشجر ( والثمار ) جمع ثمر وهو جمع ثمرة .
وذكر في الباب غيرهما بطريق التبعية [ ص: 119 ] إذا ولو بئرا لكن لا يدخل الماء الموجود فيها وقت البيع إلا بشرطه ، بل لا يصح بيعها مستقلة وتابعة كما مر آخر الربا إلا بهذا الشرط ، وإلا لاختلط الحادث بالموجود وأدى لطول النزاع بينهما ( وشجر ) نابت رطب وإن كان شجر موز كما ذكره ( قال بعتك ) أو وهبتك ( هذه الأرض أو الساحة ) وهي الفضاء بين الأبنية أو العرصة ( أو البقعة وفيها بناء ) البغوي وصححه السبكي ( فالمذهب أنه ) أي ما ذكر من البناء والشجر ( يدخل في البيع ) لقوته فاستتبع ( دون الرهن ) لضعفه ، ويلحق بالبيع أخذا من العلة كل ناقل للملك كوقف ووصية وعوض خلع وإصداق وصلح وأجرة ، وبالرهن كل ما لا ينقله كعارية وإجارة وإقرار كما اقتضاه كلام الرافعي وهو الأقرب لبنائه على اليقين وإن أفتى القفال بأنه كالبيع .
والثاني يدخلان لأنهما للدوام فأشبها أجزاء الأرض ولهذا يلحقان بها في الأخذ بالشفعة ، [ ص: 120 ] ولو قال بما فيها أو بحقوقها دخل ذلك كله قطعا حتى في نحو الرهن أو دون حقوقها أو ما فيها لم يدخل قطعا .
أما فلا يدخل كما صرح به الشجر اليابس ابن الرفعة والسبكي وغيرهما ، وهو قياس ما يأتي من أن الشجر لا يتناول غصنه اليابس ، ولا شك أن دخول الغصن في اسم الشجر أقرب من دخول الشجرة في اسم الأرض ، ولهذا يدخل الغصن الرطب بلا خلاف ، ولا يشكل بتناول الدار ما أثبت فيها من وتد ونحوه كما سيأتي لأن ذلك أثبت فيها للانتفاع به مثبتا فصار كجزئها ، بخلاف الشجرة اليابسة ، ومثلها في ذلك المقلوعة لأنها لا تراد للدوام فأشبه أمتعة الدار . نعم إن عرش عليها عريش لعنب ونحوه أو جعلت دعامة لجدار أو غيره صارت كالوتد فتدخل في البيع ، مسيل الماء وشربها من القناة والنهر المملوكين إن لم يشرطه ، فإن شرطه كأن قال بحقوقها دخل ، والمراد الخارج من ذلك من الأرض ، أما الداخل فيها فلا ريب في دخوله ، نبه عليه ولا يدخل في بيع الأرض السبكي وغيره ، ويفارق ما لو اكتراها لغراس أو زرع حيث يدخل ذلك مطلقا بأن المنفعة لا تحصل بدونه .
قال الدميري : السواقي التي تشرب منها وأنهارها وعين ماء فيها كما مرت الإشارة إليه ، وعلم مما تقرر أن تعبير ومما يدخل في بيع الأرض المصنف بقوله فالمذهب الصحيح سائغ في العربية لأنه تقدمه شرط بالقوة وهو كاف في نحو ذلك ، فسقط [ ص: 121 ] القول بأنه غير سائغ فيها لعدم تقدم شرط عليه ولا ما يقتضي الربط ( وأصول البقل التي تبقى ) في الأرض ( سنتين ) وأكثر أو أقل وإن لم تبق فيها إلا دون سنة كما قاله جماعة .
منهم الروياني ، ونقله عن نص الأم : وقال الأذرعي : إنه المذهب ، وجزم به في الأنوار بحيث يجز مرة بعد أخرى فتعبيره جرى على الغالب ، والضابط ما قلناه ( كالقت ) بالقاف والتاء المثناة ، وهو ما يقطع للدواب ويسمى القرط والرطبة الفصفصة بكسر الفاءين وبالمهملة والقضب أيضا بمعجمة ساكنة ، وقيل مهملة ( والهندبا ) بالمد والقصر والقصب الفارسي والسلق المعروف ، ومنه نوع لا يجز إلا مرة واحدة والقطن الحجازي ، والنرجس والقثاء والبطيخ وإن لم يثمر اعتبارا بما من شأنه ذلك والنعناع [ ص: 122 ] والكرفس والبنفسج ( كالشجر ) لأن هذه المذكورات تراد للثبات والدوام فتدخل في نحو البيع دون نحو الرهن ، والثمرة الظاهرة والجزة الموجودة عند البيع للبائع كما فهم من قوله أصول البقل فيجب شرط قطعها وإن لم يبلغا أوان الجز والقطع لئلا يزيد فيشتبه المبيع بغيره ، بخلاف الثمرة التي لا يغلب اختلاطها فلا يشترط فيها ذلك : وأما غيرها فكالجزة كما يعلم مما يأتي .
وما ذكر من اشتراط القطع هو ما جزم به الشيخان كالبغوي وغيره ، واعتبار كثيرين وجوب القطع من غير اعتبار شرطه محمول على ذلك .
قال في التتمة إلا القصب : أي الفارسي فهو بالمهملة كما قاله الأذرعي وإن ضبطه الإسنوي بالمعجمة فلا يكلف قطعه : أي مع اشتراط قطعه حتى يكون قدرا ينتفع به .
قالوا لأنه متى قطع قبل أوان قطعه تلف ولم يصلح لشيء ، وقول جمع يغني وجوب القطع في غير القصب عن شرطه مردود ، إلا أن يؤول ، وشجر الخلاف كما قاله منه ما يقطع من أصله كل سنة [ ص: 123 ] فكالقصب ونحوه حرفا بحرف ، وما يترك ساقه وتؤخذ أغصانه فكالثمار . القاضي الحسين
قال ابن الأستاذ : وهو متجه .
قال الأذرعي : ويظهر تنزيل اختلاف كلام الإمام على هذا التفصيل ، وقد اعترض السبكي ما مر من استثناء القصب بأنه إما أن يعتبر الانتفاع في الكل أو لا يعتبر في الكل ، ورجح هذا وفرق بينه وبين بيع الثمرة قبل بدو الصلاح بأنها مبيعة بخلاف ما هنا ، واعترضه الأذرعي بأن ما ظهر وإن لم يكن مبيعا يصير كبيع بعض ثوب ينقص بقطعه وفرق الشيخ بأن القبض هنا متأت بالتخلية وثم متوقف على النقل المتوقف على القطع المؤدي إلى النقص ، ثم أجاب عن اعتراض السبكي بأن تكليف البائع قطع ما استثنى يؤدي إلى أنه لا ينتفع به من الوجه الذي يراد الانتفاع به بخلاف غيره ، ولا بعد في تأخير وجوب القطع حالا لمعنى بل قد عهد تخلفه بالكلية وذلك في بيع الثمرة من مالك الشجرة ا هـ .
وأبعد بعضهم فبحث أن وجه تخصيص الاستثناء بالقصب عدم الانتفاع بصغيره من كل وجه فلا [ ص: 124 ] قيمة له ولا تخاصم فيه فلم يحتج للشرط فيه لمسامحة المشتري بما يزيد قبل أوان قطعه ، بخلاف صغير غيره ينتفع به لنحو أكل الدواب فيقع فيه التخاصم فاحتيج للشرط فيه دفعا له .