وفي عدمه على كثرة فقد الماء لا بالسفر ، أو أقام في مفازة وطالت إقامته وصلاته بالتيمم فلا قضاء ، ولو استوى الوجود والعدم فالمتجه عدم القضاء ( إلا العاصي بسفره في الأصح ) كعبد آبق وامرأة ناشزة ، لأن عدم القضاء رخصة فلا يناط بسفر المعصية ، ولأنه لما لزمه فعله خرج عن مضاهاة الرخص المحضة ، قاله الإمام .
قيل ويؤخذ منه أن الواجب ليس برخصة محضة ، ومن ثم قال السبكي : هو رخصة من حيث قيام سبب الحكم الأصلي ، وعزيمة من حيث وجوبه وتحتمه ا هـ .
وبه يجمع بين من عبر في أكل المضطر الميتة بأنه رخصة ، ومن عبر بأنه عزيمة .
وأما تردد الإمام في موضع أن الوجوب هل يجامع الرخصة فيحمل على أن مراده هل يجامع الرخصة المحضة .
وقد يقال : الأوجه ما صرح به كلامهم أن الوجوب يجامع الرخصة المحضة وأنه لا ينافي تغيرها إلى سهولة ، لأن الوجوب فيها لما كان موافقا لغرض النفس من حيث إنه أخف عليها من الحكم الأصلي غالبا لم يكن منافيا لها لما فيها من التسهيل ، ويصح تيممه فيه إن فقد الماء حسا لا شرعا لنحو مرض وعطش .
والظاهر الأول وإن لم يلق به الحفر ، لأن مثل هذا يغتفر في جانب العبادة ( قوله : جرى على الغالب إلخ ) وينبغي أن يعتبر الإحرام بالصلاة إذا انتقل في بقيتها إلى محل يغلب فيه الفقد ( قوله : فالاعتبار إلخ ) .
[ تنبيه ] إذا اعتبرنا محل الصلاة فهل يعتبر في زمن الصلاة حتى لو وقعت في صيف وكان الغالب في صيف ذلك المحل العدم وفي شتائه الوجود فلا قضاء .
وإن كان الأمر بالعكس وجب القضاء أو في جميع العام أو غالبه أو جميع العمر أو غالبه .
فيه نظر ولعل الأوجه الأول .
وعليه فلو غلب الوجود صيفا وشتاء في ذلك المحل لكن غلب العدم في خصوص ذلك الصيف الذي وقعت فيه فهل يعتبر ذلك فيسقط القضاء ؟ فيه نظر .
ولا يبعد اعتباره ويجري جميع ذلك في محل التيمم إذا اعتبرناه ا هـ سم على حج .
ويستفاد أيضا أن ما ببعض الهوامش من أن العبرة في الفقد أو الوجوب بغالب السنة [ ص: 320 ] خلاف ما يفهم من كلام حج وما استقر به المحشي فتنبه له فإنه يغلط فيه كثيرا من ضعفة الطلبة ( قوله : على ندرة فقد الماء ) قالسم على حج : يحتمل تقييده ندرة فقد الماء بعدمه ، فإن كان لمانع حسي كسبع حائل وتأخر نوبته في بئر تناوبوه عن الوقت لم يبعد عدم القضاء م ر ( قوله فالمتجه عدم القضاء ) أي لأن الأصل براءة الذمة ( قوله : فلا يناط ) أي يعلق ( قوله : ولأنه إلخ ) هو تعليل لصحة الصلاة بالتيمم مع كونه رخصة وهي لا تناط بالمعاصي ، فكان مقتضى القياس بطلان التيمم حتى يتوب من معصيته ( قوله : فعله ) أي التيمم ( قوله : ويصح تيممه ) أي العاصي وقوله فيه أي السفر ( قوله : بالتوبة ) قضية ما ذكر أن عصيانه بالسفر مانع من تيمم المريض ، وفيه نظر لأن المرض الذي هو سبب للتيمم لم يعص به والسفر الذي عصى به ليس مقتضيا للتيمم حتى يقال إنه قادر على مانعه بالتوبة ، وأجاب بعضهم عنه بجواب ليس بشيء ( قوله ولو عصى ) أي شخص ( قوله : لأنه ) أي المحل الذي أقام به ( قوله : لا تقضى ) أي جمعة .
حاشية المغربي
( قوله وتعبيرهم بمكان التيمم إلخ ) كان ينبغي له أن يمهد لهذا ما يرتبه عليه [ ص: 320 ] قوله : ولأنه لما لزمه فعله إلخ ) هو تابع فيه للشهاب ابن حجر ولم يظهر له معنى هنا ; لأنه مساو لتعليل الثاني الآتي وتوقف فيه أيضا الشهاب ابن قاسم