والثاني المنع إذ لمالك الأرض قلعهما فلا يدوم الانتفاع بهما .
قلنا يكفي دوامه إلى القلع بعد مدة الإجارة ، فلو قلع ذلك وبقي منتفعا به فهو وقف كما كان وإن لم يبق فهو يصير ملكا [ ص: 364 ] للموقوف عليه ، أو يرجع للواقف وجهان أصحهما أولهما ، وقول الجمال الإسنوي إن الصحيح غيرهما وهو شراء عقار أو جزء من عقار وهو قياس النظائر في آخر الباب ، ونقل نحوه الأذرعي فقال : ويقرب أن يقال يباع ويشترى بثمنه من جنسه ما يوقف مكانه محمول على إمكان الشراء المذكور ، وكلام الشيخين الأول محمول على عدمه ويلزمه بالقلع أرش نقصه يصرف على الحكم المذكور ، وخرج بنحو المستأجرة المغصوبة فلا يصح وقف ما فيها لعدم دوامه مع بقاء عينه ، وهذا مستحق الإزالة كما أفتى بذلك الوالد رحمه الله تعالى .
لا يقال : غاية أمره أن يكون مقلوعا وهو يصح وقفه لأنا نقول : وقفه في أرض مغصوبة ملاحظ فيه كونه غراسا قائما ، بخلاف المقلوع فغير ملاحظ فيه ذلك ، وإنما هو وقف منقول ، ويصح شرط الواقف صرف أجرة الأرض المستأجرة لهما من ريعهما إن لم تلزم ذمته الأجرة .
بخلاف ما لزم ذلك بعقد إجارة أو بدونه فلا يصح شرط صرفه منه لأنه دين عليه ، وعلى هاتين الحالتين يحمل الكلامان المختلفان
حاشية الشبراملسي
( قوله : أو فاسدة ) يتأمل فيه فإنه لا يستحق بالإجارة الفاسدة بناء ولا غراسا حتى لو فعل ذلك كلف القلع مجانا ، وعبارة المنهج وبناء وغراس وضعا بأرض بحق ا هـ .
والبناء في المستأجرة إجارة فاسدة لم يصدق عليه أنه وضع بحق ، هذا وقد مر للشارح أن ما قبض بالشراء الفاسد لو بني فيه أو غرس لم يقلع مجانا لأن البيع ولو فاسدا يتضمن الإذن في الانتفاع به كالمعار على ما قاله البغوي ، لكن قدم أن المعتمد خلافه ، فما هنا يمكن تخريجه على ما قاله البغوي لأن الإجارة الفاسدة تتضمن الإذن به ( قوله : لأنها بين ضدين ) زاد حج والاستحالة اجتماع حقيقتهما على شيء واحد ( قوله : بعد مدة الإجارة ) هو واضح في الإجارة الصحيحة لتعين بقائها ، أما الإجارة الفاسدة والعارية فالمالك متمكن من قلعهما حالا فلا بقاء لهما فأشبها المغصوب ا هـ حج بالمعنى .
أقول : وقد يقال يمكن الفرق بينهما وبين المغصوب بأن لمالك المغصوب قلع البناء والغراس مجانا ، ولا كذلك في العارية والإجارة الفاسدة على [ ص: 364 ] ما يفهمه قوله بعد ويلزمه بالقلع أرش نقصه .
فكان احتمال البقاء فيهما بالأجرة أقرب منه في المغصوب فصح وقفهما دونه ، ثم ما اقتضاه قوله ويلزمه إلخ من وجوب الأرش في الإجارة الفاسدة موافق لما نقل عن البغوي فيما لو غرس أو بنى في الأرض المقبوضة بالشراء الفاسد من أن المالك يخير فيها بين القلع وغرم أرش النقص والتملك بالقيمة والتبقية بالأجرة كالعارية ، ومخالف لما مر للشارح من أن مالك الأرض في الشراء الفاسد يقلع مجانا ( قوله : ويلزمه بالقلع ) أي المالك للأرض . وقوله أرش نقصه : أي القلع ( قوله : وهذا مستحق الإزالة ) ومنه ما لو بنى في حريم النهر بناء ووقفه مسجدا فإنه باطل لأنه مستحق الزوال ( قوله : وهو ) أي المقلوع ( قوله : إن لم تلزم ذمته ) أي بأن وجبت بعد الوقف ، بخلاف التي لزمت ذمته قبل فإنها دين عليه ، وشرط وفاء دين الواقف من وقفه باطل ا هـ سم على حج بالمعنى ( قوله : فلا يصح شرط صرفه ) أي بل ولا الوقف أيضا لاشتماله على شرط قضاء ما عليه من الدين من غلة وقفه
حاشية المغربي
[ ص: 363 ] قوله : وبقي منتفعا به ) أي : من الوجه الذي وقف له كما يدل عليه ما بعده فتأمل [ ص: 364 ] قوله : أو بدونه ) لعل صورته أنه ترتبت في ذمته أجرة في إجارة فاسدة ثم وقف وشرط صرفها من الوقف