( يستحب الالتقاط لواثق بأمانة نفسه ) لما فيه من البر ، بل قال جمع يكره تركه لئلا تقع في يد خائن ( وقيل يجب ) حفظ المال الآدمي كنفسه .
ورد بأنها أمانة أو كسب وكل منهما غير واجب ابتداء ، وما ذكره بعضهم من وجوبها حيث لم يكن ثم غيره ، ولو تركها تلفت صحيح قياسا على ما سيأتي في الوديعة بل أولى لأن مالكها موجود ينظر لها بخلاف ما هنا ، ولا ينافيه ما فيها أن شرط وجوبها أن يبذل لها المالك أجرة عمله وحرزه مع أنه لا يتأتى هنا لأن امتناع المالك من بذل ذلك مع حضوره يعد به مضيعا لماله فانتفى الحرج عن غيره حينئذ بخلاف مسألتنا ، ويؤيد ما قلناه ما سيأتي في الجعالة فيما لو مات رفيقه وترك مالا وتعين حمله طريقا لحفظه ، وزعم بعضهم تفريعه على قول الوجوب مطلقا وهم ، إذ فرق بعيد بين قولهم لا يجب أخذها وإن خاف ضياعها وقولنا تعين أخذها طريقا لحفظها .
نعم خص الغزالي الوجوب بما إذا لم يكن عليه تعب في حفظها ولا يضمن وإن أثم بالترك ( ولا يستحب [ ص: 428 ] لغير واثق بأمانة نفسه ) مع عدم فسقه خشية الضياع أو طرو الخيانة ، وقول ابن الرفعة : إن التعبير بخائف على نفسه يفارق هذا لأن الخوف أقوى في التوقع ، رده السبكي بأنه لا فارق بينهما : أي من حيث إن المدار كما هو ظاهر على أن يكون أو يطرأ عليه ما يتولد عنه عن قرب ولو احتمالا ضياعها ( ويجوز له ) مع ذلك الالتقاط ( في الأصح ) لأن خيانته لم تتحقق وعليه الاحتراز ، أما إذا علم من نفسه الخيانة فيحرم عليه قبولها كالوديعة ، وقد صرح بذلك ابن سراقة .
والثاني لا يجوز خشية استهلاكها .
حاشية الشبراملسي
( قوله لئلا تقع في يد خائن ) أي وللخروج من الخلاف في وجوبها .
( قوله : وما ذكره بعضهم من وجوبها ) الأولى تذكير الضمير لأن اللقطة اسم للعين والمراد هنا اللقط .
( قوله : حيث لم يكن ثم غيره ) أي أو كان وخشي ضياعها إذا تركها .
( قوله : صحيح ) أي خلافا لحج حيث قال ورد بأن شرط الوجوب ثم أن يبذل له المالك أجرة عمله وحرزه وهذا لا يتأتى ا هـ .
( قوله : لأن مالكها ) أي الوديعة .
( قوله : وتعين حمله طريقا لحفظه ) أي فإنه يجب عليه حمله مجانا ا هـ سم على حج .
وظاهره وإن خلف تركة وورثة وتمكن من مراجعة الحاكم ومن الإشهاد ، وقد يتوقف فيه ويقال .
بأن له مراجعة الحاكم أو الإشهاد والرجوع بما يصرفه على الحمل قياسا على ما قالوه في المضطر أنه لا يجب الدفع له بلا مقابل ( قوله : وقولنا تعين أخذها ) إذ معنى الأول عدم الحرج في الترك ومعنى الثاني وجوب الأخذ وترك الواجب ما تم .
( قوله : نعم خص الغزالي إلخ ) معتمد ، وقوله إذا لم يكن عليه تعب : أي عادة ، وقوله ولا يضمن : أي اللقطة : [ ص: 428 ] قوله : لغير واثق بأمانة ) أي ويكون مكروها خروجا من خلاف من حرمه .
( قوله : فيحرم عليه ) ظاهره وإن علم أنه لو تركها ضاعت على مالكها وقد تقدم أنه حيث علم ذلك وكان واثقا بأمانة نفسه وجب عليه أخذها ، ولا منافاة بينه وبين حرمة أخذها لأن ذاك مفروض في الأمين وهذا في غيره ، ولو قيل بوجوبه وحرمة الخيانة فيها لم يبعد .
( قوله : قبولها ) أي بمعنى أخذها ولو عبر به كان أنسب ، وبه عبر حج .
حاشية المغربي
( قوله : إذ فرق بعيد بين قولهم إلخ ) أي فقولنا بالوجوب إذا تعين أخذها طريقا لا ينافي قول القائلين بالصحيح لا يجب أخذها وإن خاف إلخ إذ التعيين المذكور أخص من خوف الضياع . ( قوله : نعم خص الغزالي الوجوب ) [ ص: 428 ] اعلم أن الوجوب الذي خصه الغزالي ليس مذكورا في عبارة الشارح كما يعلم من التحفة ، وعبارتها : وقال جمع : بل نقل عن الجمهور إن غلب على ظنه ضياعها لو تركها وجب وإلا فلا ، واختاره السبكي وخصه الغزالي بما إذا لم يكن تعب في حفظها إلخ .
ولا يصح أن يكون الوجوب الذي خصه الغزالي هو المذكور في قول الشارح وما ذكره بعضهم من وجوبها إلخ إذ البعض هو الزركشي وهو متأخر عن الغزالي بكثير