كتاب الجراح هو بكسر الجيم جمع جراحة غلبت ; لأنها أكثر طرق الزهوق ، والجناية أعم منها ; ولذا آثرها غيره لشمولها القتل بسم أو مثقل أو سحر ، وجمعها لاختلاف أنواعها الآتية .
والقتل ظلما أكبر الكبائر بعد الكفر [ ص: 246 ] وموجب لاستحقاق العقوبة في الدنيا والآخرة ولا يتحتم دخوله في النار ولا يخلد ، وأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له وتقبل توبته .
وقال قح : لا يخفى أنه يجوز أيضا أن يكون الجراح مجازا عن الجناية التي هي وصف الجراح الأعم ، والقرينة عليه ما في كلامه مما بيناه في الحاشية الأخرى ، وهذا غير التغليب وإن كان هو أيضا مجازا فتأمله ، والفرق أنه على التغليب يكون المراد الجراح وغيره ، لكن غلب الجراح فعبر بلفظه عن الجميع ، وعلى غيره يكون المراد بالجراح مطلق الجناية ، ومما يدل على التغليب وأن المراد أعم سياقه لقوله الآتي جارح أو مثقل ، وقوله ومنه الضرب بسوط أو عصا ، والتغليب من قبيل المجاز ، وآثره ; لأنه أبلغ كما تقرر في محله انتهى
( قوله : لاختلاف أنواعها ) أي باختلاف أفرادها ع
( قوله : والقتل ظلما ) أي من حيث القتل ، وظاهره ولو كان المقتول معاهدا أو مؤمنا ، ولا مانع منه لكن ينبغي أن أفراده متفاوتة فقتل المسلم أعظم إثما من قتل الكافر ، وقتل الذمي أعظم من قتل المعاهد والمؤمن ، وقد يشهد لأصل التفاوت قوله لقتل مؤمن أعظم إلخ .
أما الظلم من حيث الافتيات على الإمام كقتل الزاني المحصن وتارك الصلاة بعد أمر الإمام له بها فينبغي أن لا يكون كبيرة فضلا عن كونه أكبر الكبائر .
فالأول قتل المرتد إذا لم يتب والحربي إذا لم يسلم أو يعطي الجزية .
والثاني : قتل المعصوم بغير حق .
والثالث قتل الغازي قريبه الكافر إذا لم يسب الله ورسوله أي فإن سبهما لم يكره ويكون قتله كقتل غيره من الحربيين .
والرابع قتله إذا سب أحدهما .
والخامس قتل الإمام الأسير فإنه مخير فيه كما سيأتي .
وأما قتل الخطأ فلا يوصف بحرام ولا حلال ; لأنه غير مكلف فيما أخطأ فيه فهو كفعل المجنون والبهيمة انتهى شرح الخطيب .
قلت : لكن ينبغي أن يراجع ما ذكره في قتل الإمام [ ص: 246 ] الأسير فإنه إنما يقتل بالمصلحة ، وحيث اقتضت المصلحة قتله احتمل أن يكون قتله واجبا إن ترتب على عدمه مفسدة ، ومندوبا إن كان فيه مصلحة يترجح على الترك بل يحتمل الوجوب مطلقا حيث ظهرت المصلحة في قتله
( قوله : وموجب ) أي محقق ومثبت لاستحقاق العقوبة ; إذ لا يجب عليه تعالى شيء ولا يلزم من استحقاق العقوبة حصولها ، ومن ثم قال ولا يتحتم إلخ
( قوله : دخوله ) أي القاتل
( قوله : ولا يخلد ) ولا ينافيه قوله تعالى { ومن يقتل مؤمنا متعمدا } الآية لحمل الخلود فيها على طول المدة وعبر به زجرا وتنفيرا ، أو محمول على من استحله
( قوله : وتقبل توبته ) أشار به للرد على من يقول : إنه لا تقبل توبته ويسقط بها حق الله تعالى .
أما حق الآدمي فلا على ما يأتي ( قوله : والأصل ) منه يعلم أن الآية سيقت للاستدلال على أصل الجناية .
( قوله : أن تقتل ولدك ) ليس بقيد ، أو يقال قيد به إشارة إلى أن قتله لما ذكر أعظم إثما من قتل غيره ، ثم قضية عطفه بثم يقتضي أن قتل الولد لما ذكر أعظم إثما من غير الشرك من بقية أنواع الكفر ، ولعله غير مراد ، وقد يقال : أراد بالشرك هنا مطلق الكفر ، وعبر به لكونه الأغلب في زمنه صلى الله عليه وسلم في مكة وما حولها ( قوله : { nindex.php?page=hadith&LINKID=86992من زوال الدنيا وما فيها } ) المقصود منه المبالغة في التنفير ( قوله : أو العفو ) شامل للعفو على الدية قح ، وبه صرح الشارح ( قوله : أو أخذ الدية ) أي في قتل لا يوجب القود ، وعليه فلو عفي عن القصاص مجانا أو على الدية سقط الطلب عن القاتل في الآخرة ، وظاهره ، وإن لم يأخذ الوارث منه الدية فليراجع ( قوله : لا تبقى مطالبة أخروية ) ظاهره لا للوارث ولا للمقتول .
قال ابن القيم :
والتحقيق أن القاتل يتعلق به ثلاثة حقوق : حق لله تعالى ، وحق للمقتول ، وحق للولي ، فإذا أسلم القاتل نفسه طوعا واختيارا إلى الولي ندما على ما فعل خوفا من الله تعالى وتوبة نصوحا سقط حق الله بالتوبة ، وحق الأولياء بالاستيفاء أو الصلح والعفو ، وبقي حق المقتول يعوضه الله عنه يوم القيامة عن عبده التائب ويصلح بينه وبينه ا هـ .
وهو لا ينافي قوله لا تبقى مطالبة أخروية لجواز حمله على أن عدم المطالبة [ ص: 247 ] لتعويض الله إياه ( قوله : من بقائها ) أي المطالبة الأخروية
( قوله : لا يفيد ) أي في التوبة
( قوله : على عدم العود ) أي لمثله
( قوله : الفعل كالجنس ) وفي نسخة للجنس : أي ولام الفعل للجنس ، ثم المراد أقسام الفعل ثلاثة ، وإلا فالجنس حقيقة واحدة لا تعدد فيها ولا تكثر
( قوله : لأنه يأتي له ) أي المصنف
( قوله : تقسيم ) وحينئذ فالاعتراض عليه في التقييد بالمزهق قح ، ولعل وجهه أنه الذي ثبت فيه القصاص والدية الآتية ، أما غيره فقد لا يجب فيه ذلك
( قوله : كذلك ) أي ثلاثة أقسام
( قوله : قتيل السوط ) هو بالجر بدل مما قبله
( قوله : في بطونها أولادها ) صفة كاشفة ففي المختار الخلف بوزن الكتف المخاض وهي الحوامل من النوق الواحدة خلفة بوزن نكرة
[ ص: 245 ] كتاب الجراح ( قوله : لشمولها ) لكنها تشمل غير المراد هنا كلطمة خفيفة وكالجناية على نحو المال ، فما آثره المصنف أولى [ ص: 246 ] لأن الترجمة لشيء ثم الزيادة عليه غير معيب ( قوله : كخبر الصحيحين إلى آخر الأخبار التي ساقها ) فيه أن غاية ما في هذه الأخبار أنها تدل على أن القتل من الكبائر ومن ثم ساقها في شرح الروض عقب قول المتن القتل ظلما أكبر الكبائر بعد الكفر فليست أصلا لما عقد له الباب من أحكام الجراح وغيره ، إنما جعل الأصل في الباب نحو قوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=31391لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث } إلخ . ( قوله : لا تبقى مطالبة أخروية ) أي من جهة [ ص: 247 ] الآدمي كما يعلم مما بعده ونبه عليه سم ( قوله : لا يفيد ) أي في حق الله بدليل ما بعده ، لكن هذا لا يحتاج للنص عليه لأن القود بنفسه لا يفيد كما قدمه ( قوله : لكنه لا مفهوم له ) أي بالنظر لمجرد قول المصنف عمد وخطأ وشبه عمد . أما بالنظر لما عرف به من العمد من تقييده بما يقتل غالبا فله مفهوم ، إذ القطع مثلا لا يعتبر منه كونه مما يقتل غالبا إذ لا قتل فيه ( قوله : لمفهوم الخبر ) انظره مع أن أحد الثلاثة هو منطوق الخبر ، على أن مفهومه لا يدل على خصوص شيء ، وإنما يدل على أن هناك شيئا آخر يخالف منطوقه فليتأمل ( قوله : فيه مائة من الإبل ) انظر ما موقع لفظ فيه في الخبر