( و ) خامسها ( طهارة النجس ) الذي لا يعفى عنه ( في الثوب والبدن ) ولو داخل فمه أو أنفه أو عينه أو أذنه ( والمكان ) أي الذي يصلي فيه فلا تصح صلاته مع شيء من ذلك ، وإن كان جاهلا بوجوده أو ببطلانها به لقوله تعالى { وثيابك فطهر } ولخبر الصحيحين { nindex.php?page=hadith&LINKID=9470إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة ، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي } ثبت الأمر باجتناب النجس ، وهو لا يجب في غير الصلاة فيجب فيها ، والأمر بالشيء نهي عن ضده ، والنهي في العبادات يقتضي فسادها . نعم يحرم التضمخ به خارجها في البدن بلا حاجة ، وكذا الثوب كما في الروضة كأصلها ، وما في التحقيق من تحريمه في البدن فقط مراده به ما يعم ملابسه ليوافق ما قبله ، ولو رأينا في ثوب من يريد الصلاة نجاسة لا يعلم بها وجب علينا إعلامه بها ; لأن الأمر بالمعروف لا يتوقف على العصيان ، قاله ابن عبد السلام وبه أفتى الحناطي ، كما لو رأينا [ ص: 17 ] صبيا يزني بصبية فإنه يجب علينا المنع ، وإن لم يكن عصيان ، ويستثنى من المكان ما لو كثر ذرق الطيور فإنه يعفى عنه في الأرض ، وكذا الفرش فيما يظهر لمشقة الاحتراز عنه ، وإن لم يكن مسجدا فيما يظهر بشرط أن لا يتعمد المشي عليه كما قيد العفو في ذلك في المطلب . قال الزركشي : وهو قيد متعين ، وأن لا يكون رطبا أو رجله مبتلة كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى ، ومع ذلك لا يكلف تحري غير محله .
حاشية الشبراملسي
( قوله : والأمر بالشيء نهي عن ضده ) أي يفيد النهي عن ضده ، وإلا فليس الأمر بالشيء عين النهي ولا يستلزمه على الصحيح ( قوله : ليوافق ما قبله ) قضية هذا الحمل عدم حرمة تنجيس ثوب غير ملبوس له ، ولعل هذه القضية غير مرادة بل المراد ما من شأنه أن يلابسه بدليل قوله ليوافق ما قبله ( قوله : وجب علينا إعلامه بها ) أي وينبغي أن محل ذلك حيث كانت تمنع من صحة الصلاة عنده وعلمنا بذلك ، وإلا فلا لجواز كونه صلى مع علمه بذلك لعدم اعتقاده البطلان معه ( قوله : وبه أفتى الحناطي ) قد يشعر هذا بأن الحناطي كان متأخرا عن ابن عبد السلام فأفتى بما قاله ، [ ص: 17 ] وليس مرادا بل ابن عبد السلام متأخر عنه ، ومما يدل على ذلك قول الإسنوي في طبقاته في ترجمة الحناطي : قدم بغداد في أيام nindex.php?page=showalam&ids=11976الشيخ أبي حامد ، وقال في ترجمة nindex.php?page=showalam&ids=11976الشيخ أبي حامد : إنه مات سنة اثنين وثمانين وأربعمائة ، وقال في ترجمة ابن عبد السلام : إنه مات سنة ستين وستمائة ، فقوله هنا وبه أفتى الحناطي : معناه أن ابن عبد السلام قاله تبعا للحناطي ، أو قاله فوافقه قول الحناطي ، وقوله : الحناطي قال الإسنوي في طبقاته : هو الحسين بن أبي جعفر محمد الطبري ، وهو بالحاء المهملة والنون : معناه الحناط كالخباز والبقال ، ولكن العجم يزيدون عليه ياء النسب أيضا فيعبرون مثلا عن الذي يقصر الثياب بالقصار مرة وبالقصاري أخرى . قال ابن السمعاني : لعل أن بعض أجداده كان يبيع الحنطة . ا هـ باختصار .
( قوله : وأن لا يكون رطبا ) أي فمع الرطوبة من أحد الجانبين لا يعفى عنه ، وظاهره ، وإن تعذر المشي في غير ذلك من موضع طهارته كأن توضأ من مطهرة عم ذرق الطير المذكور سائر أجزاء المحل المتصل بها ، ونقل عن nindex.php?page=showalam&ids=13333ابن عبد الحق العفو . أقول : وهو قريب للمشقة ( قوله : ومع ذلك ) أي مع اجتماع الشروط المذكورة ( قوله : لا يكلف تحري غير محله ) أي فحيث كثر في المسجد أو غيره بحيث يشق الاحتراز عنه لا يكلف غيره حتى لو كان بعض أجزاء المسجد خاليا منه ويمكنه الصلاة فيه لا يكلفه بل يصلي كيف اتفق ، وإن صادف محل ذرق الطير ، وهو ظاهر حيث عم الذرق المحل ، فلو اشتمل المسجد مثلا على جهتين إحداهما خالية من الذرق والأخرى مشتملة عليه وجب قصد الخالية ليصلي فيها إذ لا مشقة كما يعلم مما ذكره في الاستقبال فليراجع .
حاشية المغربي
( قوله : ثبت الأمر باجتناب النجس إلخ ) هذا لا يظهر ترتبه على الآية والخبر المذكورين ; لأن الأمر فيهما إنما هو بالتطهير والغسل لا باجتناب النجس وإن استفيد منهما باللازم على أن الأمر في الخبر مقيد بالصلاة فلا يتأتى قوله : وهو لا يجب في غير الصلاة إلخ ، والشهاب حج [ ص: 17 ] رتب هذا على خبر { nindex.php?page=hadith&LINKID=16966تنزهوا من البول } وهو ظاهر ( قوله : بشرط أن لا يتعمد المشي عليه ) لا يخفى أن الكلام في الصلاة ; لأن هذا استثناء من اشتراط طهارة مكانها ، وأيضا اشتراط عدم تعمد المشي عليها مع الجفاف لا معنى له إلا فيها ، وحينئذ لا وجه للتعبير بالمشي هنا إذ لا مشي في الصلاة ، ولا يصح إرادة المشي إلى محل الصلاة ; لأن النجاسة إن كانت رطبة فالكلام عليها سيأتي ، وإن كانت جافة فإن علقت برجله خرج عن فرض المسألة من نجاسة المحل إلى نجاسة البدن وإن لم تعلق برجله فلا تضره في صلاة وإن كانت غير معفو عنها . واعلم أن الشارح ذكر هذه العبارة بعينها في شرحه لإيضاح المصنف في المناسك بالنسبة للطواف ، فلعله نقل العبارة برمتها إلى هنا ، ولم يغير لفظ المشي لسبق القلم أو نحوه ، وستأتي له هذه العبارة أيضا في كتاب الحج من هذا الشرح في الكلام على [ ص: 18 ] الطواف ، وعبارة الشهاب حج هنا : ولم يتعمد ملامسته