صفحة جزء
كتاب الاعتكاف تنبيه : قوله ( وهو لزوم المسجد لطاعة الله تعالى ) . يعني على صفة مخصوصة ، من مسلم طاهر مما يوجب غسلا .

فائدة : قوله ( وهو سنة ، إلا أن ينذره فيجب ) . بلا نزاع ، وإن علقه أو قيده بشرط فله شرط ، وآكده عشر رمضان الأخير . ولم يفرق الأصحاب بين البعيد وغيره ، وهو المذهب ، ونقل أبو طالب : لا يعتكف بالثغر ; لئلا يشغله عن الثغر ، ولا يصح إلا بالنية ، ويجب تعيين المنذور بالنية ليتميز ، وإن نوى الخروج منه فقيل يبطل . قلت : وهو الصواب ، إلحاقا له بالصلاة والصيام ، وقيل : لا ; لتعلقه بمكان كالحج ، وأطلقهما في الرعاية الكبرى ، والفروع . ولا يصح من كافر ، ومجنون ، وطفل ، ولا يبطل بإغماء جزم به في الرعاية وغيرها ، واقتصر عليه في الفروع .

قوله ( ويصح بغير صوم ) . هذا المذهب ، وعليه الأصحاب ، وعنه لا يصح ، قدمه في نظم نهاية ابن رزين [ ص: 359 ] فعلى المذهب : أقله إذا كان تطوعا ، أو نذرا مطلقا ما يسمى به معتكفا لابثا ، قال في الفروع : وظاهره ولو لحظة ، وفي كلام جماعة من الأصحاب : أقله ساعة ، لا لحظة ، وهو ظاهر كلامه في المذهب ، وغيره . وعلى المذهب أيضا : يصح الاعتكاف في أيام النهي التي لا يصح صومها ، وعليه أيضا : لو صام ثم أفطر عمدا لم يبطل اعتكافه ، وعلى الثانية : لا يصح في ليلة مفردة ، كما قال المصنف ، ويحتمل قوله ( ولا بعض يوم ) أن مراده إذا كان غير صائم ، فأما إن صائما فيصح في بعض يوم ، وهو أحد الوجهين . قال في الفروع : جزم بهذا غير واحد . قلت : منهم صاحب الإفادات ، والرعايتين ، والحاويين ، والمحرر ، واختاره في الفائق ، ويحتمل أن يكون على إطلاقه ، فلا يصح الاعتكاف بعض يوم ، ولو كان صائما ، وهو الوجه الثاني ، اختاره أبو الخطاب ، وقدمه في المغني ، والشرح ، والفائق ، وكلامه في الهداية ، والمستوعب : ككلام المصنف هنا . قال المجد في شرحه : اشتراط كونه لا يصح أقل من يوم إذا اشترطنا الصوم اختيار أبي الخطاب ، وأطلقهما المجد في شرحه ، والفروع ، وجزم به في المستوعب والرعايتين ، والحاويين ، وغيرهم ، وعلى الرواية الثانية : إذا نذر اعتكافا وأطلق ، يلزمه يوم . قال في الفروع ومرادهم : إذا لم يكن صائما . انتهى .

قلت : قال في الفائق : ولو شرط الناذر صوما فيوم على الروايتين . ثم قال : قلت : بل مسماه من صائم . انتهى [ ص: 360 ] وعلى الرواية الثانية أيضا : لا يصح الاعتكاف في أيام النهي التي لا يصح صومها ، واعتكافها نذرا ونفلا كصومها نذرا ونفلا ، فإن أتى عليه يوم العيد في أثناء اعتكاف متتابع ، فإن قلنا : يجوز الاعتكاف فيه ، فالأولى : أن يثبت مكانه ، ويجوز خروجه لصلاة العيد ، ولا يفسد اعتكافه ، وإن قلنا : لا يجوز خرج إلى المصلى إن شاء وإلى أهله ، وعليه حرمة العكوف . ثم يعود قبل غروب الشمس من يومه لتمام أيامه .

فوائد . الأولى : على القول باشتراط الصوم : لا يشترط أن يكون الصوم له ، ما لم ينذره . بل يصح في الجملة ، سواء كان فرض رمضان ، أو كفارة ، أو نذرا ، أو تطوعا .

التالي السابق


الخدمات العلمية