لحديث " { nindex.php?page=hadith&LINKID=108165أتاني الليلة آت من ربي وأنا بالعقيق فقال : يا آل محمد أهلوا بحجة وعمرة معا } " ولأنه أشق والصواب أنه عليه الصلاة والسلام أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة لبيان الجواز فصار قارنا ( ثم التمتع ثم الإفراد والقران ) لغة الجمع بين شيئين وشرعا ( أن يهل ) أي يرفع صوته بالتلبية ( بحجة وعمرة معا ) حقيقة أو حكما بأن يحرم بالعمرة أولا ثم بالحج قبل أن يطوف لها أربعة أشواط ، أو عكسه بأن يدخل إحرام العمرة على الحج قبل أن يطوف للقدوم [ ص: 531 ] وإن أساء ، أو بعده وإن لزمه دم ( من الميقات ) إذ القارن لا يكون إلا آفاقيا ( أو قبله في أشهر الحج أو قبلها ويقول ) إما بالنصب والمراد به النية ، أو مستأنف والمراد به بيان السنة ، إذ النية بقلبه تكفي كالصلاة مجتبى ( بعد الصلاة : اللهم إني أريد الحج والعمرة فيسرهما لي وتقبلهما مني ) ويستحب تقدم العمرة في الذكر لتقدمها في الفعل
باب القران
أخره عن الإفراد وإن كان أفضل لتوقف معرفته على معرفة الإفراد ( قوله هو أفضل ) أي من التمتع وكذا من الإفراد بالأولى ، وهذا عند الطرفين . وعند الثاني هو والتمتع سواء قهستاني ، والكلام في الآفاقي ، وإلا فالإفراد أفضل كما سيأتي ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك التمتع أفضل . وعند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي الإفراد أي إفراد كل واحد من الحج والعمرة بإحرام على حدة كما جزم به في النهاية والعناية والفتح خلافا للزيلعي . قال في الفتح أما مع الاقتصار على أحدهما فلا شك أن القران أفضل بلا خلاف .
وفي البحر : وما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد أنه قال : حجة كوفية وعمرة كوفية أفضل عندي من القران فليس بموافق لمذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فإنه يفضل الإفراد مطلقا nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد إنما فضله إذا اشتمل على سفرين ، خلافا لما فهمه الزيلعي من أنه موافق nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي ثم منشأ الخلاف اختلاف الصحابة في حجته عليه الصلاة والسلام . قال في البحر : وقد أكثر الناس الكلام وأوسعهم نفسا في ذلك nindex.php?page=showalam&ids=14695الإمام الطحاوي ، فإنه تكلم في ذلك زيادة على ألف ورقة ا هـ . ورجح علماؤنا أنه عليه الصلاة والسلام كان قارنا ، إذ بتقديره يمكن الجمع بين الروايات ، بأن من روى الإفراد سمعه يلبي بالحج وحده ، ومن روى التمتع سمعه يلبي بالعمرة وحدها ، ومن روى القران سمعه يلبي بهما ، والأمر الآتي له عليه الصلاة والسلام فإنه لا بد له من امتثال ما أمر به الذي هو وحي ، وقد أطال في الفتح في بيان تقديم أحاديث القران فارجع إليه . [ تنبيه ]
اختار العلامة الشيخ عبد الرحمن العمادي في منسكه التمتع لأنه أفضل من الإفراد وأسهل من القران ، لما على القارن من المشقة في أداء النسكين ، لما يلزمه بالجناية من الدمين ، وهو أحرى لأمثالنا لإمكان المحافظة على صيانة إحرام الحج من الرفث ونحوه فيرجى دخوله في الحج المبرور المفسر بما لا رفث ولا فسوق ولا جدال فيه ، وذلك لأن القارن والمفرد يبقيان محرمين أكثر من عشرة أيام ، وقلما يقدر الإنسان على الاحتراز فيها من هذه المحظورات سيما الجدال مع الخدم والجمال ، والمتمتع إنما يحرم بالحج يوم التروية من الحرم فيمكنه الاحتراز في ذينك اليومين فيسلم حجه إن شاء الله تعالى . قال شيخ مشايخنا الشهاب أحمد المنيني في مناسكه : وهو كلام نفيس يريد به أن القران في حد ذاته أفضل من التمتع ، لكن قد يقترن به ما يجعله مرجوحا ، فإذا دار الأمر بين أن يقرن ولا يسلم عن المحظورات وبين أن يتمتع ويسلم عنها ، فالأولى التمتع ليسلم حجه ويكون مبرورا لأنه وظيفة العمر . ا هـ .
قلت : وهو في شرح الآثار كذلك ، فإن كان ما ذكره الشارح مخرجا فيها ، وإلا فهو ملفق من هذين الحديثين وضمير فقال يعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا إلى الآتي ( قوله ولأنه أشق ) لكونه أدوم إحراما وأسرع إلى العبادة ، وفيه جمع بين النسكين ط عن المنح ( قوله والصواب إلخ ) نقله في البحر عن النووي في شرح المهذب ط ( قوله لبيان الجواز ) إنما قال ذلك لأنه مكروه كما يأتي ط وكذا هو مكروه عند الشافعية كما في البحر عن النووي ( قوله ثم التمتع ) أي بقسميه : أي سواء ساق الهدي أم لا ط ( قوله ثم الإفراد ) أي بالحج أفضل من العمرة وحدها ، كذا في النهر ط ( قوله لغة الجمع بين شيئين ) أي بين حج وعمرة أو غيرهما . قال في الصحاح : قرن بين الحج والعمرة قرانا بالكسر ، وقرنت البعيرين أقرنهما قرانا : إذا جمعتهما في حبل واحد وذلك الحبل يسمى القران ، وقرنت الشيء بالشيء : وصلته ، وقرنته صاحبته ومنه قران الكواكب ( قوله أي يرفع صوته بالتلبية ) تفسير لحقيقة الإهلال ، وإلا فالمراد هنا التلبية مع النية ، وإنما عبر عن ذلك بالإهلال للإشارة إلى أن رفع الصوت بها مستحب بحر ( قوله معا حقيقة ) بأن يجمع بينهما إحراما في زمان واحد ، أو حكما بأن يؤخر إحرام إحداهما عن إحرام الأخرى ويجمع بينهما أفعالا ، فهو قران بين الإحرامين حكما .
الأول : أن يحرم بالحج قبل طواف العمرة كله أو أكثره ، فلو أحرم به بعد أكثر طوافها لم يكن قارنا .
الثاني : أن يحرم بالحج قبل إفساد العمرة .
الثالث : أن يطوف للعمرة كله أو أكثره قبل الوقوف بعرفة ، فلو لم يطف لها حتى وقف بعرفة بعد الزوال ارتفعت عمرته وبطل قرانه وسقط عنه دمه ، ولو طاف أكثره ثم وقف أتم الباقي منه قبل طواف الزيارة .
الرابع : أن يصونهما عن الفساد ، فلو جامع قبل الوقوف وقبل أكثر طواف العمرة بطل قرانه وسقط عنه الدم ، وإن ساقه معه يصنع به ما شاء .
الخامس : أن يطوف للعمرة كله أو أكثره في أشهر الحج ، فإن طاف الأكثر قبل الأشهر لم يصر قارنا .
السادس : أن يكون آفاقيا ولو حكما ، فلا قران لمكي إلا إذا خرج إلى الآفاق قبل أشهر الحج .
السابع عدم فوات الحج ، فلو فاته لم يكن قارنا وسقط الدم ، ولا يشترط لصحة القران عدم الإلمام بأهله ، فيصح من كوفي رجع إلى أهله بعد طواف العمرة ، وتمامه فيه ( قوله قبل أن يطوف لها أربعة أشواط ) فلو طاف [ ص: 531 ] الأربعة ثم أحرم بالحج لم يكن قارنا كما ذكرناه ، بل يكون متمتعا إن كان طوافه في أشهر الحج ، فلو قبلها لا يكون قارنا ولا متمتعا كما في شرح اللباب ( قوله وإن أساء ) أي وعليه دم شكر لقلة إساءته ، ولعدم وجوب رفض عمرته ، شرح اللباب ( قوله أو بعده ) أي بعدما شرع فيه ولو قليلا أو بعد إتمامه ، سواء كان الإدخال قبل الحلق أو بعده ولو في أيام التشريق ولو بعد الطواف لأنه بقي عليه بعض واجبات الحج فيكون جامعا بينهما فعلا . والأصح وجوب رفضها وعليه الدم والقضاء ، وإن لم يرفض فدم جبر لجمعه بينهما كما في شرح اللباب وسيأتي تفصيل المسألة في آخر الجنايات ( قوله إذ القارن لا يكون إلا آفاقيا ) أي والآفاقي إنما يحرم من الميقات أو قبله ، ولا تحل مجاوزته بغير إحرام ; حتى لو جاوزه ثم أحرم لزمه دم ما لم يعد إليه محرما كما سيأتي في باب مجاوزة الميقات بغير إحرام ح .
والحاصل أنه يصح من الميقات وقبله وبعده ، لكن قيد به لبيان أن القارن لا يكون إلا آفاقيا . قال في البحر وهذا أحسن مما في الزيلعي من أن التقييد بالميقات اتفاقي ( قوله أو قبله ) أي ولو من دويرة أهله ، وهو الأفضل لمن قدر عليه ، وإلا فيكره كما مر ، وقوله أو قبلها : أي قبل أشهر الحج ، لكن تقديمه على الميقات الزماني مكروه مطلقا كما مر أيضا ، وهذا في الإحرام ; وأما الأفعال فلا بد من أدائها في أشهر الحج كما قدمناه آنفا ، بأن يؤدي أكثر طواف العمرة وجميع سعيها وسعي الحج فيها ، لكن ذكر في المحيط أنه لا يشترط في القران فعل أكثر أشواط العمرة في أشهر الحج ، وكأن مسنده ما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد : أنه لو طاف لعمرته في رمضان فهو قارن ، ولا دم عليه إن لم يطف لعمرته في أشهر الحج ، وأجاب في الفتح بأن القران في هذه الرواية بمعنى الجمع لا القران الشرعي ، بدليل أنه نفى لازم القران بالمعنى الشرعي وهو لزوم الدم شكرا ، ونفي اللازم الشرعي نفي لملزومه ، وتمامه في البحر ، لكن قال في شرح اللباب : ويظهر لي أنه قارن بالمعنى الشرعي كما هو المتبادر من إطلاق nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد وغيره أنه قارن ، بدليل أنه إذا ارتكب محظورا يتعدد عليه الجزاء ، وغايته أنه ليس عليه هدي شكر لأنه لم يقع على الوجه المسنون ا هـ تأمل .
( قوله إما بالنصب إلخ ) حاصله كما في البحر أن قوله ويقول إن كان منصوبا عطفا على يهل يكون من تمام الحد فيراد بالقول النية لا التلفظ لأنه غير شرط ، وإن كان مرفوعا مستأنفا يكون بيانا للسنة ، فإن السنة للقارن التلفظ بذلك ، وتكفيه النية بقلبه . وأورد في النهر على الأول أن الإرادة غير النية ، فالحق أنه ليس من الحد في شيء ا هـ يعني أن قوله إني أريد إلخ ليس نية وإنما هو مجرد دعاء ، وإنما النية هي العزم على الشيء والعزم غير الإرادة ، وهو ما يكون بعد ذلك عند التلبية كما مر تقريره في باب الإحرام تأمل . على أنه لو أريد به النية فلا ينبغي إدخالها في الحد لأنها شرط خارج عن الماهية . وقد يجاب بأن الماهية الشرعية هنا لا وجود لها بدون النية تأمل ، وقدمنا هناك الكلام على حكم التلفظ بالنية فافهم ( قوله ويستحب إلخ ) وإنما أخرها المصنف إشعارا بأنها تابعة للحج في حق القارن ، ولذلك لا يتحلل عن إحرامها بمجرد الحلق بعد سعيها قهستاني .