( وينقص مما وظف ) عليها ( إن لم تطق ) بأن لم يبلغ الخارج ضعف الخراج الموظف فينقص إلى نصف الخارج وجوبا وجوازا عند الإطاقة ، وينبغي أن لا يزاد على النصف ولا ينقص عن الخمس [ ص: 189 ] حدادي ، وفيه لو غرس بأرض الخراج كرما أو شجرا فعليه خراج الأرض إلى أن يطعم وكذا لو قلع الكرم . وزرع الحب فعليه خراج الكرم ، وإذا أطعم فعليه قدر ما يطيق ولا يزيد على عشرة دراهم ولا ينقص عما كان وكل ما يمكن الزرع تحت شجره فبستان ، وما لا يمكن فكرم ، وأما الأشجار التي على المسناة فلا شيء فيها انتهى : وفي زكاة الخانية قوم شروا ضيعة فيها كرم وأرض فشرى أحدهما الكرم والآخر الأراضي وأرادوا قسم الخراج ، فلو معلوما فكما كان قبل الشراء وإلا كأن كان جملة - [ ص: 190 ] فإن لم تعرف الكروم إلا كروما قسم بقدر الحصص قرية خراجهم متفاوت ، فطلبوا التسوية إن لم يعلم قدره ابتداء ترك على ما كان
( قوله وجوازا عند الإطاقة ) اعلم أن قول المصنف وغيره : وينقص مما وظف إن لم تطق يفهم منه إنها إن أطاقت لا ينقص منه وهو مخالف لما في الدراية من جواز النقصان عند الإطاقة . قال في النهر : ولو قيل بوجوبه عند عدم الإطاقة وبجوازه عند الإطاقة لكان حسنا وعليه يحمل ما في الدراية فتدبره . ا هـ . وحينئذ فالمفهوم من قول المصنف : إن لم تطق أنه لا يجب التنقيص عند الإطاقة فلا ينافي جوازه ، فقول الشارح وجوبا قيد لقول المصنف وينقص مما وظف لا لقوله في الشرح فينقص إلى نصف الخارج وقوله : وجوازا عطف على وجوبا فكأنه قال : وينقص وجوبا مما وظف إن لم تطق ، وجوازا إن أطاقت ، وهذا كلام لا غبار عليه ، وبه سقط ما قيل إن مقتضى هذا العطف أن الخارج من الكرم مثلا لو بلغ ألف درهم جاز أخذ خمسمائة ولا قائل به ، والمراد أنه إن بلغ الخارج ضعف الموظف أو أكثر جاز للإمام أن ينقص عن الموظف . ا هـ .
ووجه السقوط أن هذا إنما يراد لو كان قوله وجوبا قيدا لقوله فينقص إلى نصف الخارج فيصير معنى قوله وجواز أنه ينقص إلى نصف الخارج جوازا عند الإطلاق ، ولا موجب لهذا الحل فافهم ( قوله وينبغي أن لا يزاد على النصف إلخ ) هذا في خراج المقاسمة ولم يقيد به لانفهامه من التعبير بالنصف والخمس فإن خراج الوظيفة ليس فيه جزء معين تأمل .
قال في النهر : وسكت عن خراج المقاسمة ، وهو إذا من الإمام عليهم بأراضيهم ورأى أن يضع عليهم جزءا من الخارج كنصف أو ثلث أو ربع ، فإنه يجوز ويكون حكمه حكم العشر ومن حكمه أن لا يزيد على النصف وينبغي أن لا ينقص عن الخمس قاله الحدادي ا هـ وبه علم أن قول الشارح : وينبغي مذكور في غير محله لأن الزيادة على النصف غير جائزة كما مر التصريح به في قوله ولا يزاد عليه وكأن عدم التنقيص عن الخمس غير منقول فذكره الحدادي بحثا ، لكن قال الخير الرملي : يجب أن يحمل على ما إذا كانت تطيق ، فلو كانت قليلة الريع كثيرة المؤن ينقص ، إذ يجب أن يتفاوت الواجب لتفاوت المؤنة كما في أرض العشر ثم قال : وفي الكافي : وليس للإمام أن يحول الخراج الموظف إلى خراج المقاسمة . أقول : وكذلك عكسه فيما يظهر من تعليله ; لأنه قال لأن فيه نقض العهد وهو حرام . ا هـ .
قلت : صرح بالعكس القهستاني وقدمنا على الرملي أن المأخوذ من الأراضي الشامية خراج مقاسمة ، وكتبنا أن ما صار منها لبيت المال تؤخذ أجرته بقدر الخراج ويكون المأخوذ في حق الإمام خراجا ، فحيث كان كذلك [ ص: 189 ] تعتبر فيه الطاقة ، وبه يعلم أن ما يفعله أهل التيمار والزعامات من مطالبة أهل القرى بجميع ما عينه لهم السلطان على القرى كالقسم من النصف ونحوه ظلم محض لأن ذلك المعين في الدفاتر السلطانية مبني على أنه كان لا يؤخذ من الزراع ، سوى ذلك القسم المعين والفاضل عنه يبقى للزراع ، والواقع في زماننا خلافه فإن ما يؤخذ منهم الآن ظلما مما يسمى بالذخائر وغيرها شيء كثير ربما يستغرق جميع الخارج من بعض الأراضي ، بل يؤخذ منهم ذلك وإن لم تخرج الأرض شيئا وقد شاهدنا مرارا أن بعضهم ينزل عن أرضه لغيره بلا شيء لكثرة ما عليها من الظلم ، وحينئذ فمطالبته بالقسم ظلم على ظلم والظلم يجب إعدامه فلا يجوز مساعدة أهل التيمار على ظلمهم ، بل يجب أن ينظر إلى ما تطيقه الأراضي ، كما أفتى به الخير الرملي .
ونقل بعض الشراح عن شمس الأئمة من سيرة الأكاسرة إذا أصاب زرع بعض الرعية آفة عوضوا له ما أنفقه في الزراعة من بيت مالهم وقالوا التاجر شريك في الخسران كما هو شريك في الربح ، فإذا لم يعطه الإمام شيئا فلا أقل من أن لا يغرمه الخراج ( قوله فعليه خراج الأرض ) كذا في البحر عن شرح nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي قال ط : والأولى خراج الزرع كما نقله الشارح عن مجمع الفتاوى في باب زكاة الأموال أي فيدفع صاعا ودرهما ( قوله إلى أن يطعم ) بضم أوله وكسر ثالثه مبنيا للفاعل . قال في المصباح : أطعمت الشجرة بالألف أدرك ثمرها ( قوله فعليه خراج الكرم ) أي دائما لأنه صار إلى الأدنى مع قدرته على الأعلى ، قال في الفتاوى الهندية قالوا : من انتقل إلى أخس الأمرين من غير عذر ، فعليه خراج الأعلى كمن له أرض الزعفران فتركه وزرع الحبوب فعليه خراج الزعفران ، وكذا لو كان له كرم فقطع وزرع الحبوب فعليه خراج الكرم وهذا شيء يعلم ، ولا يفتى به كي لا يطمع الظلمة في أموال الناس كذا في الكافي ح قال في الفتح : إذ يدعي كل ظالم أن أرضه كانت تصلح لزراعة الزعفران ونحوه وعلاجه صعب . ا هـ . ( قوله وإذا أطعم ) معطوف على قوله إلى أن يطعم . قال في البحر وفي شرح nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : لو أنبت أرضه كرما فعليه خراجها إلى أن يطعم ، فإذا أطعم ، فإن كان ضعف وظيفة الكرم ففيه وظيفة الكرم ، وإن كان أقل فنصفه إلى أن ينقص عن قفيز ودرهم ، فإن نقص فعليه قفيز ودرهم . ا هـ . والقفيز صاع كما مر ، وهذا بناء على أنها كانت للزراعة ، فلو للرطبة فالظاهر لزوم خمسة دراهم فلذا قال الشارح ولا ينقص عما كان تأمل ( قوله وكل ما يمكن إلخ ) مكرر مع ما تقدم ح ( قوله على المسناة ) قال في جامع اللغة : المسناة العرم ، وهو ما يبنى للسيل ليرد الماء . ا هـ . ح . وحاصله : أنها ما يبنى حول الأرض ليرد السيل عنها ، وتسمى حافتا النهر مسناة أيضا
، والظاهر أن الحكم فيها كذلك لأن ذلك ليس محل الزرع فلا يسمى شاغلا للأرض فيكون تابعا لها ( قوله قوم ) أراد باسم الجمع الاثنين مجازا بقرينة قوله أحدهما وواو الجمع في شروا باعتبار صورة اسم الجمع ح ( قوله وفيها كرم ) أراد به الجنس كالذي بعده بقرينة الجمع فيما يأتي ح ( قوله فشرى ) عطف على شروا عطف مفصل على مجمل ح ( قوله فلو معلوما ) أي علم حصة الكروم وحصة الأراضي من الخراج المأخوذ ( قوله وإلا كأن كان جملة ) في بعض النسخ بأن كان جملة أي بأن كان خراج الضيعة يؤخذ جملة من غير بيان لحصة الكروم وحصة الأراضي [ ص: 190 ] قوله فإن لم تعرف إلخ ) يعني لم يعرف أحد أن الكروم كانت أراضي ، ولا أن الأراضي كانت كروما ح ( قوله قسم بقدر الحصص ) أي ينظر إلى خراج الكروم والأراضي ، فإذا عرف ذلك يقسم جملة خراج الضيعة عليها على قدر حصصها ح عن الخانية . قلت : والظاهر أن المراد أن ينظر إلى خراجهما خراج وظيفة بأن ينظر كم جريبا فيهما فإذا بلغ خراج الكروم مائة درهم مثلا وخراج الأراضي مائتين يقسم جملة خراج الضيعة عليهما ثلاثة ثلثه على الكروم وثلثاه على الأراضي ( قوله قرية ) المراد أهلها ; فلذا قال خراجهم ( قوله إن لم يعلم إلخ ) أي إن كان لا يعلم أن خراج أراضيهم كان على التساوي أم لا ترك كما كان . [ تنبيه ]