( ولا يطالب كفيل ) أصيلا ( بمال قبل أن يؤدي ) الكفيل ( عنه ) لأن تملكه بالأداء ، نعم للكفيل أخذ رهن من الأصيل قبل أدائه خانية ( فإن لوزم ) الكفيل ( لازمه ) أي بلازم هو الأصيل أيضا حتى يخلصه [ ص: 316 ] ( وإذا حبسه له حبسه ) هذا إذا كفل بأمره ولم يكن على الكفيل للمطلوب دين مثله وإلا فلا ملازمة ولا حبس سراج .
وفي الأشباه أداء الكفيل يوجب براءتهما للطالب [ ص: 317 ] إلا إذا أحاله الكفيل على مديونه وشرط براءة نفسه فقط ( وبرئ ) الكفيل ( بأداء الأصيل ) إجماعا إلا إذا برهن على أدائه قبل الكفالة فيبرأ فقط كما لو حلف بحر .
( قوله : لأن تملكه بالأداء ) أي تملك الكفيل الدين إنما يثبت له بالأداء لا قبله فإذا أداه يصير كالطالب كما قررناه آنفا فحينئذ يثبت له حبس المطلوب .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف في النوادر يجوز ا هـ .
( قوله : وإذا حبسه له حبسه ) في حاشية المنح للرملي .
أقول : سيأتي في كتاب القضاء من بحث الحبس أن المكفول له يتمكن من حبس الكفيل والأصيل وكفيل الكفيل وإن كثروا ا هـ . مطلب فيما يبرأ به الكفيل عن المال .
( قوله : هذا إذا كفل بأمره إلخ ) تقييد لقول المصنف فإن لوزم لازمه إلخ ، وقيده أيضا في البحر بحثا بما إذا كان المال حالا على الأصيل كالكفيل وإلا فليس له ملازمته ا هـ ، وقيده في الشرنبلالية أيضا بما إذا لم يكن المطلوب من أصول الطالب ، فلو كان أباه مثلا ليس له حبس الكفيل لما يلزم من فعل ذلك بالمطلوب وهو ممتنع ، أي لأنه لا يحبس الأصل بدين فرعه ، وإذا امتنع اللازم امتنع الملزوم .
واعترضه السيد أبو السعود بمنع الملازمة وبأنه مخالف للمنقول في القهستاني فلا يعول عليه وإن تبعه بعضهم ا هـ .
قلت : وعبارة القهستاني : وإن حبس حبس هو المكفول عنه إلا إذا كان كفيلا عن أحد الأبوين أو الجدين فإنه إن حبس لم يحبسه به يشعر قضاء الخلاصة ا هـ ولا يخفى أن المتبادر من هذه العبارة ما إذا كان الطالب أجنبيا والمطلوب : أي المدين أصلا للكفيل لا للطالب ، وهذا غير ما في الشرنبلالية ، وهو ما إذا كان المطلوب أصلا للطالب لا للكفيل ، فما في الشرنبلالية تقييد لقولهم إن للطالب حبس الكفيل ، وما في القهستاني تقييد لقولهم للكفيل حبس المكفول إذا حبس : أي إذا كان المكفول أصلا للكفيل فللطالب الأجنبي حبس الكفيل وليس للكفيل إذا حبس أن يحبس المكفول لكونه أصله ، بخلاف ما إذا كان المكفول أصلا للطالب فإنه ليس للطالب حبس الكفيل ; لأنه يلزم من حبسه له أن يحبس هو المكفول فيلزم حبس الأصل بدين فرعه .
وقد ذكر ذلك الشرنبلالي في رسالة خاصة ، وذكر فيها أنه سئل عن هذه المسألة ولم يجد فيها نقلا ، وحقق فيها ما ذكرناه ، لكن ذكرالخير الرملي في حاشية البحر في باب الحبس من كتاب القضاء أنه وقع الاستفتاء عن هذه المسألة .
ثم قال : للكفيل حبس المكفول الذي هو أصل الدائن ; لأنه إنما حبس لحق الكفيل ، ولذلك يرجع عليه بما أدى فهو محبوس بدينه ، فلم يدخل في قولهم لا يحبس أصل في دين فرعه ; لأنه إنما حبسه أجنبي فيما ثبت له عليه ا هـ ملخصا ، ومفاده أن للطالب الذي هو فرع المكفول حبس الكفيل الأجنبي ; لأن الكفيل لا يحبس المكفول ما لم يحبسه الطالب ، ولا يخفى أن المكفول إنما يحبس بدين الطالب حقيقة فيلزم حبس الأصل بدين فرعه وإن كان الحابس له مباشرة غير الفرع ، نعم يظهر ما ذكره الخير الرملي على القول بأن الكفالة ضم ذمة إلى ذمة في الدين ، لكن علمت أن الكفيل لا يملك الدين قبل الأداء فبقي الدين للطالب ولزم المحذور ، والله سبحانه أعلم فافهم .
( قوله : يوجب براءتهما ) أي براءة الكفيل والأصيل وقوله للطالب قيل متعلق بأداء . [ ص: 317 ]
قلت : وفيه بعد ، والأظهر تعلقه بمحذوف على أنه حال من براءة : أي منتهية إلى الطالب على أن اللام بمعنى إلى ، ونظيره قوله الآتي برئت إلى فافهم .
( قوله : إلا إذا أحاله ) فإن الحوالة كما يأتي نقل الدين من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه ، فهو في حكم الأداء فصح الاستثناء فافهم .
( قوله : وشرط براءة نفسه فقط ) فحينئذ يبرأ الكفيل دون الأصيل وللطالب أخذ الأصيل أو المحال عليه بدينه ما لم ينو المال على المحال عليه ، وبدون هذا الشرط يبرأ الأصيل أيضا ; لأن الدين عليه والحوالة حصلت بأصل الدين فتضمنت براءتهما كما في البحر عن السراج .
( قوله : وبرئ الكفيل بأداء الأصيل ) وكذا يبرأ لو شرط الدفع من وديعة فهلكت .
( قوله : إلا إذا برهن ) أي الأصيل على أدائه قبل الكفالة فيبرأ : أي الأصيل فقط أي دون الكفيل ; لأنه أقر بهذه الكفالة أن الألف على الأصيل ، وبهذا يظهر أن الاستثناء منقطع ، لما في البحر من أن هذا ليس من البراءة ، وإنما تبين أن لا دين على الأصيل ، والكفيل عومل بإقراره ، أي لأن البينة لما قامت على الأداء قبل الكفالة علم أن ما كفل به الكفيل غير هذا الدين ، بخلاف ما إذا برهن أنه قضاه بعد الكفالة ، ففي البحر أنهما يبرآن .
( قوله : بحر ) صوابه نهر .
فإنه نقل عن القنية براءة الأصيل إنما توجب براءة الكفيل إذا كانت بالأداء أو الإبراء ، فإن كانت بالحلف فلا ; لأن الحلف يفيد براءة الحالف فحسب ا هـ ، والظاهر أنه مصور فيما إذا كانت الكفالة بغير أمره ، وإلا فقوله : اكفل عني لفلان بكذا إقرار بالمال لفلان كما في الخانية وغيرها ، وحينئذ فإذا ادعى عليه المال فأنكر وحلفه برئ وحده ، وإنما قلنا كذلك ; لأنه لو ادعى الأصيل الأداء فعليه البينة لا اليمين تأمل .