( و ) جاز ( إجارة بيت بسواد الكوفة ) أي قراها ( لا بغيرها على الأصح ) وأما الأمصار وقرى غير الكوفة فلا يمكنون لظهور شعار الإسلام فيها وخص سواد الكوفة ، لأن غالب أهلها أهل الذمة ( ليتخذ بيت نار أو كنيسة أو بيعة أو يباع فيه الخمر ) وقالا لا ينبغي ذلك لأنه إعانة على المعصية وبه قالت الثلاثة زيلعي .
( قوله وجاز إجارة بيت إلخ ) هذا عنده أيضا لأن الإجارة على منفعة البيت ، ولهذا يجب الأجر بمجرد التسليم ، ولا معصية فيه وإنما المعصية بفعل المستأجر وهو مختار فينقطع نسبيته عنه ، فصار كبيع الجارية ممن لا يستبرئها أو يأتيها من دبر وبيع الغلام من لوطي والدليل عليه أنه لو آجره للسكنى جاز وهو لا بد له من عبادته فيه ا هـ زيلعي وعيني ومثله في النهاية والكفاية ، قال في المنح : وهو صريح في جواز بيع الغلام من اللوطي ، والمنقول في كثير من الفتاوى أنه يكره وهو الذي عولنا عليه في المختصر ا هـ .
أقول : هو صريح أيضا في أنه ليس مما تقوم المعصية بعينه ، ولذا كان ما في الفتاوى مشكلا كما مر عن النهر إذ لا فرق بين الغلام وبين البيت والعصير " فكان ينبغي للمصنف التعويل على ما ذكره الشراح فإنه مقدم على ما في الفتاوى . نعم على هذا التعليل الذي ذكره الزيلعي يشكل الفرق بين ما تقوم المعصية بعينه وبين ما لا تقوم بعينه ، فإن المعصية في السلاح والمكعب المفضض ونحوه إنما هي بفعل الشاري فليتأمل في وجه الفرق فإنه لم يظهر لي ولم أر من نبه عليه . نعم يظهر الفرق على ما قدمه الشارح تبعا لغيره من التعليل ، لجواز بيع العصير بأنه لا تقوم المعصية بعينه ، بل بعد تغيره فهو كبيع الحديد من أهل الفتنة ، لأنه وإن كان يعمل منه السلاح لكن بعد تغيره أيضا إلى صفة أخرى . وعليه يظهر كون الأمرد مما تقوم المعصية بعينه كما قدمناه فليتأمل ( قوله وأما الأمصار ) الأنسب في التعبير كالأمصار إلخ ط ( قوله فلا يمكنون ) أي من اتخاذ البيع والكنائس وإظهار بيع الخمور ونحو ذلك ( قوله أو كنيسة أو بيعة ) الأول معبد اليهود والثاني معبد النصارى ذكره في الصحاح ومن ظن عكس هذا فقد سها ا هـ ابن كمال لكن تطلق الكنيسة على الثاني أيضا كما يعلم من القاموس والمغرب والبيعة بالكسر جمعه بيع كعنب .