( قوله : وإن جعلت بستانا أو مسجدا أو حماما أو بيتا لا كهذا البيت فهدم أو بني آخر ) بيان لثلاث مسائل : الأولى لو حلف لا يدخل هذه الدار فخربت فجعلت بستانا أو مسجدا أو حماما أو بيتا لا يحنث بدخوله فيه ; لأنها لم تبق دارا لاعتراض اسم آخر عليه ، وكذا إذا غلب عليها الماء أو جعلت نهرا فدخله قيد بالإشارة مع التسمية ; لأنه لو أشار ، ولم يسم كما إذا حلف لا يدخل هذه ، فإنه يحنث بدخولها على أي صفة كانت دارا أو مسجدا أو حماما أو بستانا ; لأن اليمين عقدت على العين دون الاسم باقية كذا في الذخيرة .
وأشار إلى أنه لو دخله بعدما انهدم المبنى ثانيا من الحمام ، وما معه فإنه لا يحنث أيضا ; لأنه لا يعود إلى اسم الدارية بالتشديد ، وإلى أنه لو بني دارا بعدما انهدم ما بني ثانيا من الحمام وغيره فإنه لا يحنث أيضا ; لأنه غير تلك الدار التي منع نفسه من الدخول فيها . الثانية : لو حلف لا يدخل هذا البيت فدخله بعد ما انهدم فإنه لا يحنث لزوال اسم البيت فإنه لا يبات فيه حتى لو بقيت الحيطان وسقط السقف يحنث ; لأنه يبات فيه والسقف وصف فيه كما في الهداية ; لأن البيت الصيفي ليس له سقف ، وأشار المصنف إلى أنه لو كان البيت منكرا فإنه لا يحنث بالأولى . والحاصل أن البيت لا فرق فيه بين أن يكون منكرا أو معرفا فإذا دخله ، وهو صحراء لا يحنث لزوال الاسم بزوال البناء ، وأما الدار ففرق فيه بين المنكرة [ ص: 326 ] والمعينة كما قدمناه .
وفي البدائع لو انهدم السقف وحيطانه قائمة فدخله يحنث في المعين ، ولا يحنث في المنكر ; لأن السقف بمنزلة الصفة فيه ، وهي في الحاضر لغو ، وفي الغائب معتبرة . ا هـ . الثالثة : لو حلف لا يدخل هذا البيت فهدم وبني آخر فدخله لا يحنث ; لأن الاسم لم يبق بعد الانهدام ، وهذا المبنى غير البيت الذي منع نفسه من دخوله .
وأشار المصنف إلى جنس هذه المسألة من حيث المعنى ، وهو ما إذا حلف لا يجلس إلى هذه الأسطوانة أو إلى هذا الحائط فهدما ثم بنيا بنقضهما لم يحنث ; لأن الحائط إذا هدم زال الاسم عنه ، وكذا الأسطوانة فبطلت اليمين ، وكذلك لو حلف لا يكتب بهذا القلم فكسره ثم براه فكتب به لا يحنث ; لأن غير المبري لا يسمى قلما ، وإنما يسمى أنبوبا فإذا كسره فقد زال الاسم عنه فبطلت اليمين ، وكذلك إذا حلف على مقص فكسره ثم جعله مقصا آخر غير ذلك ; لأن الاسم قد زال بالكسر ، وكذلك كل سكين وسيف ، وقدر كسر ثم صنع مثله ، ولو نزع مسمار لنقص ، ولم يكسره ثم أعاد فيه مسمارا آخر حنث ; لأن الاسم لم يزل بزوال المسمار ، وكذلك إن نزع نصاب السكين وجعل عليه نصابا آخر ; لأن السكين اسم للحديد .