( قوله : ويبطل
بموت المقذوف ) أي بطل الحد ; لأنه لا يورث عندنا ولا خلاف في أنه فيه حق الشرع وحق العبد ، فإنه شرع لدفع العار عن المقذوف وهو الذي ينتفع به على الخصوص فمن هذا الوجه حق العبد ثم إنه شرع زاجرا ومنه سمي حدا ، والمقصد من شرع الزواجر إخلاء العالم عن الفساد وهذا آية حق الشرع وبكل ذلك تشهد الأحكام ، فإذا تعارضت الجهتان
nindex.php?page=showalam&ids=13790فالشافعي مال إلى تغليب حق العبد تقديما لحق العبد باعتبار حاجته وغنى الشرع ونحن صرنا إلى تغليب حق الشرع ; لأن ما للعبد من الحق يتولاه مولاه فيصير حق العبد مدعيا به ولا كذلك عكسه ; لأنه لا ولاية للعبد في استيفاء حق الشرع إلا نيابة وهذا هو الأصل المشهور الذي تتفرع عليه الفروع المختلف فيها منها الإرث إذ الإرث يجري في حقوق العباد لا في حقوق الشرع ومنها العفو ، فإنه لا يصح العفو عن المقذوف عندنا ويصح عنده ومنها أنه لا يجوز الاعتياض عنه ويجري فيه التداخل وعنده لا يجري وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف في العفو مثل قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ومن أصحابنا من قال : إن الغالب حق العبد وخرج الأحكام ، والأول أظهر كذا في الهداية واعلم أنهم اتفقوا على أنه يشترط الدعوى في إقامته ولم تبطل الشهادة بالتقادم ويجب على المستأمن ويقيمه القاضي بعلمه إذا علمه في أيام قضائه وكذا لو
قذفه بحضرة القاضي حده ، وإن علمه القاضي قبل أن يستقضي ثم ولي القضاء ليس له أن يقيمه حتى يشهد به عنده ويقدم استيفاؤه على حد الزنا ، والسرقة إذا اجتمعا ولا يصح الرجوع عنه بعد الإقرار به وهذا كله باعتبار حق العبد واتفقوا على أن الإمام يستوفيه دون المقذوف بخلاف القصاص ولا ينقلب مالا عند سقوطه ولا يستخلف عليه القاذف ويتنصف بالرق كالعقوبات الواجبة حقا لله تعالى ولا يباح القذف بإباحته ولا يحلف القاذف ولا يؤخذ منه كقيل إلى أن يثبت وهذا كله باعتبار حق الله تعالى ووقع الاختلاف في الفروع المذكورة أولا ثم اعلم أن
صدر الإسلام ، وإن صح أن الغالب حق العبد لم يخالف في الفروع من عدم الإرث وصحة العفو إلى آخره ، وإنما أجاب عنها كما في التبيين وأطلق بطلانه بموت المقذوف فشمل الكل ، والبعض حتى لو
ضرب القاذف بعض الحد فمات المقذوف لا يقام ما بقي وقيد بكونه قذفه حيا إذ لو قذفه ميتا فلأصله وفرعه المطالبة بطريق الأصالة لا بطريق الميراث .