( قوله وعرف إلى أن علم أن ربها لا يطلبها ) معطوف على أشهد فظاهره أن التعريف شرط أيضا وأن الإشهاد لا يكفي لنفي الضمان وهكذا شرط في المحيط لنفي الضمان الإشهاد وإشاعة التعريف وحكي في الظهيرية فيه اختلافا فقال قال الحلواني أدنى ما يكون من التعريف أن يشهد عند الأخذ ويقول آخذها لأردها فإن فعل ذلك ثم لم يعرفها بعد ذلك كفى ومن المشايخ من قال يأتي على أبواب المساجد وينادي ا هـ .
وفي فتح القدير وعلى هذا لا يلزم الإشهاد أي التعريف وقت الأخذ بل لا بد منه قبل هلاكها ليعرف أنه أخذها ليردها لا لنفسه ا هـ .
وهو غير صحيح لأن الإشهاد لا بد منه على قول nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام عند الأخذ باتفاق المشايخ وإنما اختلفوا هل يكفي هذا الإشهاد عند الأخذ عن التعريف بعده أو لا ولم يقل أحد أن التعريف بعد الأخذ يكفي عن الإشهاد وقت الأخذ فليتأمل ولم يجعل للتعريف مدة اتباعا لشمس الأئمة السرخسي فإنه بنى الحكم على غالب الرأي فيعرف القليل والكثير إلى أن يغلب على رأيه أن صاحبه لا يطلبه بعد ذلك وصححه في الهداية وقال في البزازية والجوهرة وعليه الفتوى وهو خلاف ظاهر الرواية فإنه التقدير بالحول في القليل والكثير كما ذكره الإسبيجابي وفي الظهيرية ثم على قول من قدر بحول اختلف فيه قيل يعرفها كل جمعة وقيل كل شهر وقيل كل ستة أشهر قال السرخسي حكي أن بعض العلماء ببلخ وجد لقطة وكان محتاجا إليها وقد قال في نفسه لا بد من تعريفها ولو عرفتها في المصر ربما يظهر صاحبها فخرج من المصر حتى انتهى إلى رأس بئر فدلى رأسه في البئر وجعل يقول وجدت كذا فمن سمعتموه ينشد ذلك فدلوه علي وبجنب البئر رجل يرقع شملته وكان صاحب اللقطة فتعلق به حتى أخذها منه ليعلم أن المقدور كائن لا محالة فلا ينبغي له أن يترك ما لزمه شرعا وهو إظهار التعريف قال النبي صلى الله عليه وسلم { لا يكثر همك ما يقدر يكون وما ترزق يأتيك } ا هـ .
وهو خطأ من هذا الملتقط لأن هذا ليس بتعريف اتفاقا .
قال في الجوهرة ثم التعريف إنما يكون جهرا في الأسواق وفي أبواب المساجد وفي الموضع الذي وجدها فيه وفي الجامع وإن كانت شيئا لا يبقى عرفه حتى يخاف فساده فيتصدق به ا هـ .
وقدمنا أن الملتقط إذا كان صبيا عرفها وليه زاد في القنية أو وصيه ثم له أن يتصدق بها وسكت عن حكم تمليكها للصبي لو كان فقيرا لأنه يعلم بالأولى وينبغي أن لا تجوز الصدقة بها من وليه أو وصيه لما في ذلك من الإضرار على احتمال أن لا يجيز مالكها إذا حضر والعين هالكة من يد الفقير فإنه يضمنها من مال الصبي وليس في إمساكها أو تمليكها ضرر ثم رأيت بعد ذلك في شرح منظومة nindex.php?page=showalam&ids=13633ابن وهبان للمصنف أنه قال ينبغي على قول أصحابنا إذا تصدق بها الأب أو الوصي ثم ظهر صاحب اللقطة وضمنها أن يكون الضمان في مالهما دون الصبي ا هـ .
وإذا صح هذا البحث فلا إشكال في جواز تصدقهما حينئذ وفي القاموس التعريف الإعلام وفي التتارخانية قال أبو الحسن له أن يأمر غيره ويعطيها حتى يعرفها يريد إذا عجز عن التعريف بنفسه ا هـ .
فأفاد جواز الاستنابة [ ص: 165 ] في التعريف لكن في الحاوي القدسي لو دفعها إلى غيره بغير إذن القاضي ضمن ا هـ .
وأطلق المصنف في تعريفها وهو مقيد بما في الهداية فإن كانت اللقطة شيئا يعلم أن صاحبها لا يطلبها كالنواة وقشر الرمان يكون إلقاؤه إباحة حتى جاز الانتفاع به من غير تعريف ولكنه يبقى على ملك مالكه لأن التمليك من المجهول لا يصح وفي البزازية لو وجدها مالكها في يده له أخذها إلا إذا قال عند الرمي من أخذها فهي له لقوم معلومين ولم يذكر السرخسي هذا التفصيل وكذا الحكم في التقاط السنابل لكن أخذه بعد جمع غيره يعد دناءة وأطلق في الهداية في النواة وقشور الرمان وقيده في البزازية بأن يكون في مواضع متفرقة قال أما المجتمعة فهي من قبيل ما يطلبه صاحبه فيحفظه وإن وجد جوزة ثم وثم حتى بلغ المتقوم إن مجتمعا فهو من الثاني وإن متفرقا له قيمة اختلفوا قيل من الأول وقيل من الثاني وهو الأحوط وذكر في الفتاوى المختار أنه من النوع الأول التفاح والكمثرى إن وجد في الماء يجوز أخذه وإن كثيرا لأنه يفسد بالماء والحطب في الماء إن لم يكن له قيمة يأخذه وإن له قيمة فهو لقطة وجعل في الفتاوى الحطب كالتفاح بالماء أصابوا بعيرا مذبوحا في البادية قريبا من الماء ووقع في ظنه أن مالكه أباحه لا بأس بالأخذ والأكل وعن الثاني لو طرح ميتة فجاء آخر وأخذ صوفها له الانتفاع به ولو جاء مالكها له أن يأخذ الصوف منه ولو سلخها ودبغ الجلد يأخذه المالك ويرد عليه ما زاد الدباغ فيه ا هـ .
وفي المحيط أناخ رجل إبله في دار رجل يؤاجرها واجتمع من ذلك بعر كثير فإن كان من رأي صاحب الدار أن يجمع ذلك له فهو له لأنه أعد الدار للإحراز وإن لم يكن من رأيه أن يجمعه بل يترك ذلك على حاله فهو مباح فكل من أخذه فهو أولى ولو سيب دابته فأخذها إنسان فأصلحها ثم جاء صاحبها فإن كان قال عند التسييب جعلتها لمن أخذها فلا سبيل لصاحبها عليها لأنه أباح التمليك وإن لم يقل ذلك أن يأخذها وكذلك من أرسل صيدا له هكذا اختاره بعض مشايخنا فإن اختلفا فالقول قول صاحبها مع يمينه أنه لم يقل هو لمن أخذها لأنه ينكر إباحة التملك وإن برهن الآخذ أو نكل المالك عن اليمين سلمت للآخذ وذكر nindex.php?page=showalam&ids=11903الفقيه أبو الليث في نوازله إذا اجتمع للدهانين ما يقطر من الأوعية في إنائه فإن كان يسيل من خارج الأوعية يطيب له لأنه ليس للمشتري لأن ما انفصل عنها لا يدخل البيع وإن سال من الداخل أو من الداخل والخارج جميعا أو لا يعلم ينظر إن زاد الدهان من عنده لكل واحد من المشتري طاب له وإن لم يزد لا يطيب له ويتصدق به إلا أن يكون محتاجا لأن سبيله سبيل اللقطة ا هـ .
[ ص: 164 - 165 ] ( قوله فأفاد جواز الاستنابة في التعرف إلخ ) قال القهستاني عند قوله وعرفت وفي لفظ المجهول إشعار بأنه لو عرفها غيره بأمره جاز إذا عجز كما في الذخيرة وجاز دفعها إلى أمين وله استردادها منه وإن هلكت في يده لم يضمن كما في المنية ( قوله ولو سيب دابته إلخ ) قال في التتارخانية ولو أن رجلا ثاقب عليه دابته ولا قيمة لها من الهزال ولم يقل وقت الترك فليأخذها من شاء فأخذها رجل وأصلحها فالقياس أن يكون لآخذها كقشور الرمان المطروحة وفي الاستحسان تكون لصاحبها قال nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد لأنا لو جوزنا ذلك في الحيوان وجعلناه للأخذ لجوزنا في الجارية والعبد ترمى في الأرض مريضة لا قيمة لها فيأخذه رجل وينفق عليه حتى يصير ملكا له فيطأ الجارية ويجد ذلك من غير شراء ولا هبة ولا إرث ولا صدقة ويصح إعتاق الغلام من غير أن يملكه المالك وهذا أمر قبيح ا هـ .
وبه علم حكم ما ذكره الرملي مما كثر [ ص: 166 ] السؤال عنه وهو أن الحاج وغيره إذا أعيا بعيره تركه فيأخذه غيره حتى عاد لحاله .