قوله ( وشرطهما كون الثمن الأول مثليا ) لأنه إذا لم يكن له مثل لو ملكه ملكه بالقيمة ، وهي مجهولة ، والمثلي الكيلي ، والوزني ، والمعدود المتقارب ، وعبارة المجمع أولى ، وهي ، ولا يصح ذلك حتى يكون العوض مثليا أو مملوكا للمشتري ، والربح مثلي معلوم . ا هـ .
ولكن لا بد من التقييد بالمعين للاحتراز عن الصرف فإنه لا يجوزان فيهما ، وتقييد الربح بالمثلي اتفاقي لجواز أن يرابح على عين قيمته مشار إليها ، ولذا قال في فتح القدير أو بربح هذا الثوب ، وقيد الربح بكونه معلوما للاحتراز عما إذا باعه بربح بغلي يازده لا يجوز له لأنه باعه برأس المال ، وببعض قيمته لأنه ليس من ذوات الأمثال كذا في الهداية ، ومعنى قوله بغلي يازده أي يربح مقدار درهم على عشرة دراهم فإن كان الثمن الأول عشرين كان الربح بزيادة درهمين ، وإن كان ثلاثين كان الربح ثلاثة دراهم فهذا يقتضي أن يكون الربح من جنس رأس المال لأنه جعل الربح مثل عشر الثمن ، وعشر الشيء يكون من جنسه كذا في النهاية يعني فإذا كان رأس المال قيميا مملوكا للمشتري لا يجوز لجهالة الربح .
وأما إذا كان الربح شيئا مشارا إليه مجهول المقدار فإنه يجوز فقوله والربح مثلي معلوم شرط في القيمي المملوك للمشتري كما لا يخفى ، وفي البناية ، ولفظه بغلي بفتح الدال وسكون الهاء اسم للعشرة بالفارسية ويازده بالياء آخر الحروف ، وسكون الزاي اسم أحد عشر بالفارسية . ا هـ .
ومن مسائل بغلي يازده ما في المحيط اشترى ثوبا بعشرة ، وباعه بوضعية بغلي يازده على ثمنه فالثمن تسعة دراهم ، وجزء من أحد عشر جزءا من درهم ، والوضعية عشرة أجزاء من أحد عشر جزءا من درهم واحد ، ومعرفته اجعل كل درهم على أحد عشر جزءا فيصير العشرة مائة ، وعشرة أجزاء من أحد عشر جزءا ثم اطرح من كل سهم جزءا فيكون المطروح عشرة بقي مائة جزء ، وذلك تسعة دراهم ، وعشرة أجزاء من أحد عشر جزءا من درهم ، وإن باعه بوضيعة بغلي يازده فالثمن ثمانية دراهم ، وثلث درهم ، والوضيعة درهم ، وثلثا درهم ، وتخريجه على نحو ما مر ، وإن باعه بوضيعة عشرة فاجعل كل درهم على عشرة أجزاء ثم اطرح جزءا من كل درهم فيكون المطروح عشرة أجزاء يبقى تسعون جزءا فيكون تسعة دراهم ، وعلى هذا القياس إن باعه بوضيعة تسع أو ثمان ا هـ .
وفي فتح القدير اشترى عبدا بعشرة على خلاف نقد البلد ، وباعه بربح درهم فالعشرة مثل ما نقد ، والربح من نقد البلد إذا أطلقه لأن الثمن الأول يتعين في العقد الثاني ، والربح مطلق فينصرف إلى نقد البلد فإن نسب الربح إلى رأس المال فقال بعتك بربح العشرة أحد عشر أو بربح بغلي يازده فالربح من جنس الثمن لأنه عرفه بنسبته إليه ، وفي المحيط اشترى بنقد نيسابور ، وقال ببلخ قام علي بكذا ، وباعه بربح مائة أو بربح بغلي يازده فالربح ورأس المال على نقد بلخ إلا أن يصدقه المشتري أنه نقد نيسابور أو تقوم بينة ، وإذا كان نقد نيسابور في الوزن والجودة دون نقد بلخ ، ولم يبين فرأس المال ، والربح على نقد نيسابور ، وإن كان على عكسه ، واشتراه ببلخ بنقد نيسابور ، ولم يعلم أنه أوزن وأجود فهو بالخيار إن شاء أخذ ، وإن شاء ترك ، واعلم أن المعتبر في المرابحة ما وقع العقد [ ص: 119 ] الأول عليه دون ما وقع عوضا عنه حتى لو اشترى بعشرة فدفع عنها دينارا أو ثوبا قيمته عشرة أو أقل أو أكثر فإن رأس المال هو العشرة لا الدينار والثوب لأن وجوب هذا بعقد آخر ، وهو الاستبدال ا هـ . ما في فتح القدير .
ويرد عليه ما في الظهيرية لو اشترى بالجياد ، ونقد الزيوف قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة يرابح بالزيوف ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف يرابح بالجياد فقوله والجياد إنما هو على قول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ، ولكن جزم في المحيط من غير خلاف بأنه يرابح بالجياد .
وأشار بالثمن أي جميعه إلى بيع جميع المبيع فلو اشترى ثوبين وقبضهما ثم ولى رجلا أحدهما بعينه لم يجز ، وكذا لو أشركه في أحدهما بعينه لم يجز ، ولو كان المشتري قبض أحد الثوبين من البائع ثم أشرك رجلا فيهما جازت الشركة في نصف المقبوض ، وكذا لو ولاهما رجلا جازت التولية في المقبوض ، ولو اشترى جاريتين بألف درهم وقبضهما وباع أحدهما ثم ولاهما رجلا فالمولى بالخيار إن شاء أخذ التي لم تبع بحصتها ، وإن شاء ترك إذا لم يعلم ببيع أحدهما ، وكذلك لو أشرك فيهما جازت الشركة في نصف التي لم تبع ، وإن لم يبع أحدهما ولكنه أعتق أحدهما أو ماتت ثم ولاهما رجلا أو أشركه فيهما جاز في الأمة والحية منهما كذا في الظهيرية ، وفي السراج الوهاج لو كان مثليا فرابح على بعضه جاز كقفيز من قفيزين لعدم التفاوت بخلاف القيمي ، وتمام تفريعه في شرح المجمع ، وفي المحيط ، وإن كان ثوبا ، ونحوه لا يبيع جزءا منه معينا لأن الثمن ينقسم عليه باعتبار القيمة ، وإن باع جزءا شائعا جاز ، وقيل يفسد البيع قوله ( وله أن يضم إلى رأس المال أجر القصار والصبغ والطراز والفتل وحمل الطعام وسوق الغنم ) لأن العرف جار بإلحاق هذه الأشياء برأس المال في عادة التجار ، ولأن كل ما يزيد في المبيع أو قيمته يلحق به هذا هو الأصل ، وما عددناه بهذه الصفة لأن الصبغ وأخواته يزيد في العين ، والحمل يزيد في القيمة إذ القيمة تختلف باختلاف المكان .
والطراز بكسر الطاء وتخفيف الراء العلم في الثوب كذا في المغرب ، والفتل هو ما يصنع بأطراف الثياب بحرير أو كتان من فتلت الحبل أفتله أطلق الصبغ فشمل الأسود وغيره كما أطلق حمل الطعام فشمل البر والبحر ، وقيد بالأجرة لأنه لو فعل شيئا من ذلك بيده لا يضمنه ، وكذا لو تطوع متطوع بهذه أو بإعارة ، ودل كلامه على أنه يضم أجرة الغسل والخياطة ونفقة تجصيص الدار وطي البئر وكراء الأنهار والقناة والمسناة والكراب وكسح الكروم وسقيها والزرع وغرس الأشجار ، وفي المحيط وغيره يضم طعام المبيع إلا ما كان سرفا وزيادة فلا يضم وكسوته وكراءه وأجرة المخزن الذي يوضع فيه ، وأما أجرة السمسار ، والدلال فقال الشارح إن كانت مشروطة في العقد تضم ، وإلا فأكثرهم على عدم الضم في الأول ، ولا تضم أجرة الدلال بالإجماع ا هـ .
وهو تسامح فإن أجرة الأول تضم في ظاهر الرواية والتفصيل المذكور قويلة ، وفي الدلال قيل لا تضم ، والمرجع العرف كذا في فتح القدير ، وإذا حدثت زيادة من المبيع كاللبن والسمن وقد أنفق عليه في العلف ، واستهلك الزيادة فإنه يحسب ما أنفقه بقدر ما استهلكه ، ويرابح ، وإلا فلا يرابح بلا بيان ، وإذا ولدت المبيعة رابح عليهما ، ويتبعها ولدها ، وكذا لو أثمر النخيل فإن استهلك الزائد لم يرابح بلا بيان كما في الظهيرية بخلاف ما إذا أجر الدابة أو العبد أو الدار فأخذ أجرته فإنه يرابح مع ضم ما أنفق عليه لأن الغلة ليست متولدة من العين كذا في فتح القدير قوله ( ويقول قام علي بكذا ) ، ولا يقول اشتريته لأنه كذب ، وهو حرام ، ولذا قدمنا أنه إذا قوم الموروث ونحوه يقول ذلك ، وكذا إذا رقم على الثوب شيئا وباعه برقمه فإنه يقول رقمه كذا ، وسواء كان ما رقمه موافقا لما اشتراه به أو أزيد حيث كان صادقا في الرقم كما في فتح القدير .
[ ص: 118 ] ( قوله فقوله والربح إلخ ) أي قول المجمع ، وقوله شرط في القيمي فيه نظر فإن بالإشارة علما ، وإن كان المشار إليه مجهول المقدار ، ومعلومية الربح ولو بالإشارة شرط فيما إذا كان الثمن مثليا أيضا تأمل ( قوله وذلك تسعة دراهم ، وعشرة أجزاء من أحد عشر جزءا ) كذا في النسخ ، وصوابه ، وجزء واحد بدل قوله وعشرة أجزاء ، ولعل في العبارة سقطا ، والأصل هكذا ، وذلك تسعة دراهم ، وجزء من أحد عشر جزءا من درهم ، والوضيعة عشرة أجزاء من أحد عشر جزءا من درهم بدليل ذكره الوضيعة في المسألة الآتية ( قوله وإن باعه بوضيعة ده يازده ) كذا في النسخ ، وهو عين الصورة الأولى ، وهي ما إذا باعه بوضيعة أحد عشر على ثمنه ، والمراد هنا ما إذا باعه بوضيعة اثني عشر على ثمنه إذا كان ثمنه عشرة بأن يجعل كل درهم على اثني عشر جزءا فتصير العشرة مائة وعشرين جزءا من اثني عشر جزءا من الواحد ثم يطرح من [ ص: 119 ] كل سهم جزءان فيكون المطروح حينئذ عشرين يبقى مائة جزء كل اثني عشر جزءا بواحد صحيح فستة وتسعون جزءا بثمانية صحاح ، والأربعة أجزاء بثلث درهم صحيح ( قوله وأجرة المخزن ) قال في النهر ، وكأنه للعرف ، وإلا فالمخزن وبيت الحفظ على حد سواء في عدم الزيادة في العين ( قوله وأما أجرة السمسار والدلال ) قال في النهر وفي عرفنا الفرق بينهما هو أن السمسار هو الدال على مكان السلعة ، وصاحبها ، والدلال هو المصاحب للسلعة غالبا ( قوله وكذا إذا رقم على الثوب إلخ ) صدر هذا الكلام يوهم أنه يقول قام علي بكذا فكان الأولى أن يقول وأما إذا رقم الثوب إلخ ، وعبارة الفتح ، وكذا لو ملكه بهبة أو إرث أو وصية وقوم قيمته ثم باعه مرابحة يجوز ، وصورة هذه المسألة أن [ ص: 120 ] يقول قيمته كذا أو رقمه كذا فأرابحك على القيمة أو رقمه ، ومعنى الرقم أن يكتب على الثوب المشترى مقدارا سواء كان قدر الثمن أو أزيد ثم يرابحه عليه ، وهو إذا قال رقمه كذا وهو صادق لم يكن خائنا فإن غبن المشتري فيه فمن قبل جهله . ا هـ .
وظاهره أن الرقم يكون بالقيمة لا بأكثر وإن زادت على الثمن ، ويدل عليه قوله وهو صادق ، وإلا فما وجه اشتراط صدقه ، وحينئذ فيجوز أن يقول رقمه كذا أو قيمته كذا ، وينافيه ما مر عن النهاية من أنه لا يقول قام علي بكذا ، ولا قيمته ولا اشتريته بكذا تحرزا عن الكذب ، وإنما يقول رقمه كذا ، وظاهره أنه لا يشترط كون الرقم بالقيمة فليتأمل .