وفي البدائع أنه يبني في الحج على الأقل في ظاهر الرواية وأفاد كلامه أن الشك كان قبل الفراغ منها فلو شك بعد الفراغ منها أنه صلى ثلاثا أو أربعا لا شيء عليه ويجعل كأنه صلى أربعا حملا لأمره على الصلاح كذا في المحيط والمراد بالفراغ منها الفراغ من أركانها سواء كان قبل السلام أو بعده كذا في الخلاصة واستثنى في فتح القدير ما إذا وقع [ ص: 118 ] الشك في التعيين ليس غير بأن تذكر بعد الفراغ أنه ترك فرضا وشك في تعيينه قالوا : يسجد سجدة واحدة ثم يقعد ثم يقوم فيصلي ركعة بسجدتين ثم يقعد ثم يسجد إلى آخره ولا حاجة إلى هذا الاستثناء لأن كلامنا في الشك بعد الفراغ وهذا قد تذكر ترك ركن يقينا إنما وقع الشك في تعيينه نعم يستثنى منه ما ذكره في الخلاصة من أنه لو أخبره رجل عدل بعد السلام أنك صليت الظهر ثلاثا وشك في صدقه وكذبه فإنه يعيد احتياطا لأن الشك في صدقه شك في الصلاة بخلاف ما إذا كان عنده أنه صلى أربعا فإنه لا يلتفت إلى قول المخبر وكذا لو وقع الاختلاف بين الإمام والقوم إن كان الإمام على يقين لا يعيد وإلا أعاد بقولهم ولو اختلف القوم قال بعضهم صلى ثلاثا وقال بعضهم صلى أربعا والإمام مع أحد الفريقين يأخذ بقول الإمام وإن كان معه واحد فإن أعاد الإمام الصلاة وأعاد القوم معه مقتدين به صح اقتداؤهم لأنه إن كان الإمام صادقا يكون هذا اقتداء المتنفل بالمتنفل
وقال فخر الإسلام أي في هذه الصلاة واختاره ابن الفضل كما في الظهيرية وكلاهما قريب كذا في غاية البيان وفائدة الخلاف بين العبارات أنه إذا سها في صلاته أول مرة واستقبله ثم وقف سنين ثم سها على قول شمس الأئمة يستأنف لأنه لم يكن من عادته وإنما حصل له مرة واحدة والعادة إنما هي من المعاودة وعلى العبارتين الأخريين يجتهد في ذلك كذا في السراج الوهاج وفيه نظر بل يستأنف على عبارة السرخسي وفخر الإسلام ويتحرى على قول الأكثر فقط لأنه أول سهو وقع له في تلك الصلاة فيستأنف على قول فخر الإسلام كما لا يخفى وهذا الاختلاف يفسر قولهم وإن كثر تحرى فعلى قول الأكثر المراد بالكثرة مرتان بعد بلوغه وعلى قول فخر الإسلام مرتان في صلاة واحدة وفي المجتبى وقيل مرتين في سنته ولعله على قول السرخسي
بخلاف ما لو شك أن هذه تكبيرة الافتتاح أو القنوت فإنه لا يصير شارعا لأنه لا يثبت له شروع بعد الجعل للقنوت ولا يعلم أنه نوى ليكون للافتتاح والمراد بالاستقبال الخروج من الصلاة بعمل مناف لها والدخول في صلاة أخرى والاستقبال بالسلام قاعدا أولى لأنه عرف محللا دون الكلام ومجرد النية لغو لا يخرج بها من الصلاة كذا قالوا وظاهره أنه لا بد من عمل فلو لم يأت بمناف وأكملها على غالب ظنه لم تبطل إلا أنها تكون نفلا ولزمه أداء الفرض لو كانت الصلاة التي شك فيها فرضا فلو كانت نفلا ينبغي أن يلزمه قضاؤه وإن أكملها لوجوب الاستئناف ولم أر هذا التفريع [ ص: 119 ] منقولا إلا أن قول الشارح وغيره أن الاستقبال لا يتصور إلا بالخروج عن الأولى وذلك بعمل مناف يدل على عدم بطلانها بمجرد الشك كما لا يخفى والتحري طلب الأحرى وهو ما يكون أكبر رأيه عليه وعبروا عنه تارة بالظن وتارة بغالب الظن
وذكروا أن الشك تساوي الأمرين والظن رجحان جهة الصواب والوهم رجحان جهة الخطأ فإن لم يترجح عنده شيء بعد الطلب فإنه يبني على الأقل فيجعلها واحدة لو شك أنها ثانية وثانية لو شك أنها ثالثة وثالثة لو شك أنها رابعة وعند البناء على الأقل يقعد في كل موضع يتوهم أنه محل قعود فرضا كان القعود أو واجبا كي لا يصير تاركا فرض القعدة أو وأحبها فإن وقع في رباعي أنها الأولى أو الثانية يجعلها الأولى ثم يقعد ثم يقوم فيصلي ركعة أخرى ويقعد ثم يقوم فيصلي ركعة أخرى ويقعد ثم يقوم فيصلي ركعة أخرى فيأتي بأربع قعدات قعدتان مفروضتان وهي الثالثة والرابعة وقعدتان واجبتان لكن اقتصر في الهداية على قوله يقعد في كل موضع يتوهم أنه آخر صلاته كي لا يصير تاركا فرض القعدة فنسبه في فتح القدير إلى القصور ، والعذر له إن قعوده في موضع يتوهم أنه محل القعود الواجب ليس متفقا عليه بل فيه اختلاف المشايخ كما نقله في المجتبى فلعل ما في الهداية مبني على أحد القولين وإن كان الظاهر خلافه وهو القعود مطلقا وظاهر كلامهم يدل على أن القعود في كل موضع يتوهم أنه آخر صلاته فرض ولو شك أنها الثانية أو الثالثة أتمها وقعد ثم قام فصلى أخرى وقعد ثم الرابعة وقعد
ولو شك في صلاة الفجر وهو في القيام أنها الثالثة أو الأولى لا يتم ركعته بل يقعد قدر التشهد وبرفض القيام ثم يقوم فيصلي ركعتين ويقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة ثم يتشهد ثم يسجد للسهو وإن شك وهو ساجد فإن شك أنها الأولى أو الثانية فإنه يمضي فيها سواء شك في السجدة الأولى أم الثانية لأنها إن كانت الأولى لزمه المضي فيها وإن كانت الثانية يلزمه تكميلها وإذا رفع رأسه من السجدة الثانية يقعد قدر التشهد ثم يقوم فيصلي ركعة ولو شك في صلاة الفجر في سجوده أنه صلى ركعتين أو ثلاثا إن كان في السجدة الأولى أمكنه إصلاح صلاته لأنه إن كان صلى ركعتين كان عليه إتمام هذه الركعة لأنها ثانية فيجوز وإن كانت ثالثة من وجه لا تفسد صلاته عند nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد لأنه كما تذكر في السجدة الأولى ارتفعت تلك السجدة وصارت كأنها لم تكن كما لو سبقه الحدث في السجدة الأولى في الركعة الخامسة وهي مسألة زه وإن كان هذا الشك في السجدة الثانية فسدت صلاته ولو شك في الفجر أنها ثانية أم ثالثة ولم يقع تحريه على شيء وكان قائما يقعد في الحال ثم يقوم ويصلي ركعة ويقعد وإن كان قاعدا والمسألة بحالها يتحرى إن وقع تحريه أنها ثانية مضى على صلاته
وإن وقع تحريه أنها ثالثة يتحرى في القعدات إن وقع تحريه أنه لم يقعد على رأس الركعتين فسدت صلاته وإن لم يقع تحريه على شيء فسدت صلاته أيضا وكذا في ذوات الأربع إذا شك أنها الرابعة أو الخامسة ولو شك أنها ثالثة أو خامسة فعلى ما ذكرنا في الفجر فيعود إلى القعدة ثم يصلي ركعة أخرى ويتشهد [ ص: 120 ] ثم يقوم فيصلي ركعة أخرى ويقعد ويسجد للسهو ولو شك في الوتر وهو قائم أنها ثانيته أو ثالثته يتم تلك الركعة ويقنت فيها ويقعد ثم يقوم فيصلي ركعة أخرى ويقنت فيها أيضا هو المختار إلى هنا عبارة الخلاصة ولم يذكر المصنف رحمه الله سجود السهو في مسائل الشك تبعا لما في الهداية وهو مما لا ينبغي إغفاله فإنه يجب السجود في جميع صور الشك سواء عمل بالتحري أو بنى على الأقل كذا في فتح القدير وترك المحقق قيدا لا بد منه مما لا ينبغي إغفاله وهو أن يشغله الشك قدر أداء ركن ولم يشتغل حالة الشك بقراءة ولا تسبيح كما قدمناه أول الباب لكن ذكره في السراج الوهاج أن في فصل البناء على الأقل يسجد للسهو وفي فصل البناء على غلبة الظن أن شغله تفكره مقدار أداء الركن وجب السهو وإلا فلا ا هـ .
وكأنه في فصل البناء على الأقل حصل النقص مطلقا باحتمال الزيادة فلا بد من جابر وفي الفصل الثاني النقصان بطول التفكير لا بمطلقه .
( قوله وصححه ) معطوف على رواه ( قوله والمراد بالفراغ منها ) قال في التتارخانية ولو شك بعد الفراغ من التشهد في الركعة الأخيرة على نحو ما بينا فكذلك الجواب يحمل على أنه أتم الصلاة هكذا روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد ا هـ .
[ ص: 119 ] ( قوله وعبروا عنه تارة بالظن وتارة بغالب الظن ) يوهم أنه لا فرق بينهما لكنه قدم في التيمم عن أصول اللامشي أن أحد الطرفين إذا قوي وترجح على الآخر ولم يأخذ القلب ما ترجح به ولم يطرح الآخر فهو الظن وإذا عقد القلب على أحدهما وترك الآخر فهو أكبر الظن وغالب الرأي ا هـ .
لكن ذكر العلامة ابن أمير حاج في أوائل شرحه على التحرير أن هذا الفرق غريب بل المعروف أن الظن هو الحكم المذكور أخذ القلب به وطرح المرجوح أو لم يأخذ ولم يطرح الآخر وأن غلبة الظن زيادة على أصل الرجحان لا تبلغ به الجزم الذي هو العلم ا هـ .
( قوله ولو شك أنها الثانية إلخ ) قال الرملي أي شك في الركعة التي قام إليها أنها الثانية أو الثالثة إلخ ولو شك في التي قام عنها أنها الثانية أو الثالثة لا يقعد وهو الصحيح لأنها إن كانت ثالثة فظاهر وإن كانت ثانية فقد تقدم أنه إذا قام عن القعدة الأولى لا يعود إلا في المغرب والوتر لاحتمال أنها ثالثة والقعود فرض فيهما فيتشهد ويقوم فيصلي ركعة أخرى لاحتمال أن تلك ركعة ثانية كذا في شرح منية المصلي للحلبي ( قوله ارتفعت تلك السجدة إلخ ) قال في الفتح وهذا أيضا يدل على خلاف ما في الهداية بما قدمناه في تذكر صلبية من أن إعادة الركن الذي فيه التذكر مستحب ولو فرعناه عليه ينبغي أن تفسد هنا لعدم ارتفاض السجدة المذكورة ( قوله فسدت ) لاحتمال أنه قيد الثالثة بالسجدة الثانية وخلط المكتوبة بالنافلة قبل إكمال المكتوبة فتفسد صلاته يعني المكتوبة كذا في التتارخانية وفي الفتح وقياس هذا أن تبطل إذا وقع الشك بعد رفعه من السجدة الأولى سجد الثانية أو لا
( قوله ثم يصلي ركعة أخرى ) ويتشهد لينظر ما الداعي إلى هذا التشهد فإن هذه الركعة إما ثالثة أو خامسة ولا تشهد فيهما بخلاف ما قبلها التي عاد إليها فإنها ثانية أو رابعة وبخلاف ما بعدها فإنها رابعة أو سادسة فليراجع ثم رأيت في الفتح قال في المسألة ولو شك أنها الرابعة [ ص: 120 ] أو الخامسة أو أنها الثالثة أو الخامسة ثم ذكر الحكم كما هنا وهو ظاهر في الأولى فقط