( باب سجود السهو ) لما فرغ من ذكر الأداء والقضاء شرع في بيان يقع فيهما كذا في العناية والأولى أن يقال لما فرغ من ذكر الصلاة نفلها وفرضها أداء وقضاء شرع فيما يكون جابرا لنقصان يقع فيها فإن ما يكون جابرا النقصان وهذه الإضافة من باب إضافة الحكم إلى السبب وهي الأصل في الإضافات لأن الإضافة للاختصاص وأقوى وجوه الاختصاص اختصاص المسبب بالسبب وذكر في التحرير أنه لا فرق في اللغة بين النسيان والسهو وهو عدم الاستحضار في وقت الحاجة وفرق بينهما في السراج الوهاج بأن النسيان عزوب الشيء عن النفس بعد حضوره والسهو وقد يكون عما يكون كان الإنسان عالما به وعما لا يكون عالما به وظاهر كلام الجم الغفير أنه لا يجب السجود في العمد وإنما تجب الإعادة إذا ترك واجبا عمدا جبرا لنقصانه وذكر سجود السهو في مطلق الصلاة ولا يختص بالفرائض الولوالجي في فتاويه أن ولأنهما عرفتا جابرتين بالشرع والشرع ورد حالة السهو وجعلهما مثلا لهذا الفائت لا فوقه لأن الشيء لا يجبر بما فوقه والنقصان المتمكن بترك الواجب عامدا فوق النقصان المتمكن بتركه ساهيا وهذا الجابر إذا كان مثلا للفائت سهوا كان أدون من الفائت عمدا والشيء لا يجبر بما هو دونه ا هـ . الواجب إذا تركه عمدا لا ينجبر بسجدتي السهو
وحاصله أن الملاءمة بين السبب والمسبب شرط والعمد جناية محضة والسجدة عبادة فلا تصلح سببا لها وهذا [ ص: 99 ] بإطلاقه يفيد أنه لا فرق بين واجب وواجب فما في المجتبى من أنه لا سجود في تركه عمدا إلا في مسألتين ذكره فخر الإسلام البديعي إذا قلت له كيف يجب سجود السهو بالعمد قال ذلك سجود العذر لا سجود السهو ا هـ . ترك القعدة الأولى عمدا أو شك في بعض أفعال صلاته فتفكر عمدا حتى شغله ذلك عن ركن
وما في الينابيع عن الناطفي الأول تأخير إحدى سجدتي الركعة الأولى إلى آخر الصلاة والثاني ترك القعدة الأولى ا هـ . لا يجب سجود السهو في العمد إلا في موضعين
فتحصل أنها ثلاثة مواضع مشكل ولعلهم نظروا إلى أن هذه الواجبات الثلاثة أدنى الواجبات فصلح أن يجبرها سجود السهو حالة العمد أما القعدة الأولى فللاختلاف في وجوبها بل قد أطلق أكثر مشايخنا عليها اسم السنة كما قدمناه وكذا الثاني والثالث لم يكن لهما دليل صريح في الوجوب ( قوله يجب بعد السلام سجدتان بتشهد وتسليم بترك واجب وإن تكرر ) بيان لأحكام الأول وهو ظاهر الرواية لأنه شرع لرفع نقص تمكن في الصلاة ورفع ذلك واجب وذكر وجوب سجدتي السهو أنه سنة كذا في المحيط وصحح في الهداية وغيرها الوجوب لأنها تجب لجبر نقصان تمكن في العبادة فتكون واجبة كالدماء في الحج ويشهد له من السنة ما ورد في الأحاديث الصحيحة من الأمر بالسجود والأصل في الأمر أن يكون للوجوب ومواظبة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه على ذلك وفي معراج الدراية إنما جبر النقصان في باب الحج بالدم وفي باب الصلاة بالسجود لأن الأصل أن الجبر من جنس الكسر وللمال مدخل في باب الحج فيجبر نقصانه بالدم ولا مدخل للمال في باب الصلاة فيجبر النقصان بالسجدة . ا هـ . القدوري
وظاهر كلامهم أنه إذا لم يسجد فإنه يأثم بترك الواجب ولترك سجود السهو ثم اعلم أن الوجوب مقيد بما إذا كان الوقت صالحا حتى أن من سقط عنه السجود وكذا إذا سها في قضاء الفائتة فلم يسجد حتى احمرت وكذا في الجمعة إذا خرج وقتها وكل عليه السهو في صلاة الصبح إذا لم يسجد حتى طلعت الشمس بعد السلام الأول . ما يمنع البناء إذا وجد بعد السلام يسقط السهو