لقول الله عز وجل: إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله.
وقال عطاء: إذا كنت في قرية جامعة، فنودي بالصلاة من يوم الجمعة، فحق عليك أن تشهدها، سمعت النداء أو لم تسمعه.
وكان أنس بن مالك في قصره، أحيانا يجمع، وأحيانا لا يجمع، وهو بالزاوية على فرسخين.
تضمن هذا الذي ذكره مسألتين:
إحداهما: أن من هو في قرية تقام فيها الجمعة، فإنه إذا نودي فيها بالصلاة للجمعة وجب عليه السعي إلى الجمعة، وشهودها، سواء سمع النداء أو لم يسمعه، وقد حكاه عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء .
وهذا الذي في القرية، إن كان من أهلها المستوطنين بها، فلا خلاف في لزوم السعي إلى الجمعة له، وسواء سمع النداء أو لم يسمع، وقد نص على ذلك nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، ونقل بعضهم الاتفاق عليه.
وإن كان من غير أهلها، فإن كان مسافرا يباح له القصر، فأكثر العلماء على أنه لا يلزمه الجمعة مع أهل القرية، وقد ذكرنا فيما تقدم أن المسافر لا جمعة عليه.
وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ، أنه يلزمه تبعا لأهل القرية.
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء - أيضا - أنه يلزمه.
وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : إن أدركه الأذان قبل أن يرتحل فليجب.
[ ص: 404 ] وإن كان المسافر قد نوى إقامة بالقرية تمنعه من قصر الصلاة، فهل يلزمه الجمعة؟ فيه وجهان لأصحابنا.
وأوجب عليه الجمعة في هذه الحال: nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ، ولم يوجبها عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحابه.
المسألة الثانية:
أن من كان خارج القرية أو المصر الذي تقام فيه الجمعة، هل تلزمه الجمعة مع أهل القرية أو المصر، أم لا؟ هذا مما اختلف فيه العلماء:
فقالت طائفة: لا تلزم من كان خارج المصر أو القرية الجمعة مع أهله بحال، إذا كان بينهم وبين المصر فرجة، ولو كانوا من ربض المصر.
وهذا قول nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة وأصحابه، إلحاقا لهم بأهل القرى، فإن الجمعة لا تقام عندهم في القرى.
وقال أكثر أهل العلم: تلزمهم الجمعة مع أهل المصر أو القرية، مع القرب دون البعد.
ثم اختلفوا في حد ذلك: فقالت طائفة: المعتبر: إمكان سماع النداء، فمن كان من موضع الجمعة بحيث يمكنه سماع النداء لزمه، وإلا فلا. هذا قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق .
وقالت طائفة: تجب الجمعة على من بينه وبين الجمعة فرسخ، وهو ثلاثة أميال، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد بن الحسن ، وهو رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد .
ومن أصحابنا من قال: لا فرق بين هذا القول والذي قبله، لأن الفرسخ هو منتهى ما يسمع فيه النداء - غالبا - فإن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد قال: الجمعة على من سمع النداء، والنداء يسمع من فرسخ، وكذلك رواه جماعة عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، فيكون هذا القول والذي قبله واحدا.
وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15386أبو بكر النجاد nindex.php?page=showalam&ids=13332وابن عبد البر ، وفي روايتهما: " ميلين أو ثلاثة ".
ومعدي هذا، تكلم فيه nindex.php?page=showalam&ids=12013أبو زرعة وغيره، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم : شيخ.
وقالت طائفة: تجب الجمعة على من بينه وبينها أربعة أميال، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16920ابن المنكدر nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة وربيعة .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري - أيضا - تحديده بستة أميال، وهي فرسخان.
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال: تؤتى الجمعة من فرسخين .
خرجه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة بإسناد ضعيف.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق بإسناد منقطع، عن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ ، أنه كان يقوم على منبره، فيقول لقوم بينهم وبين دمشق أربع فراسخ وخمس فراسخ: إن الجمعة لزمتكم، [ ص: 407 ] وأن لا جمعة إلا معنا .
وبإسناد منقطع، عن nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية ، أنه كان يأمر بشهود الجمعة من بينه وبين دمشق أربعة عشر ميلا .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15550بقية : عن nindex.php?page=showalam&ids=16961محمد بن زياد : أدركت الناس بحمص تبعث الخيل نهار الخميس إلى جوسية وحماة والرستن يجلبون الناس إلى الجمعة، ولم يكن يجمع إلا بحمص .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، أنه سئل: من كم تؤتى الجمعة؟ قال: من سبعة أميال.
وعنه، قال: يقال: من عشرة أميال إلى بريد.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي ، قال: تؤتى الجمعة من فرسخين.
وعن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، أنه أمر أهل قباء ، وأهل ذي الحليفة ، وأهل القرى الصغار حوله: لا يجمعوا، وأن يشهدوا الجمعة بالمدينة .
وعن ربيعة - أيضا - أنه قال: تجب الجمعة على من إذا نودي بصلاة الجمعة خرج من بيته ماشيا أدرك الجمعة.
وقالت طائفة: تجب الجمعة على من آواه الليل إلى منزله.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن nindex.php?page=showalam&ids=17191ونافع مولى ابن عمر ، وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة nindex.php?page=showalam&ids=14152والحكم nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور . انتهى.
وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11997أبي خيثمة زهر بن حرب nindex.php?page=showalam&ids=16040وسليمان بن داود الهاشمي .
وحكى إسماعيل بن سعيد الشالنجي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد نحوه، واختاره nindex.php?page=showalam&ids=14031الجوزجاني .
وفيه حديث مرفوع، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
[ ص: 408 ] وقد ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، وبين ضعف إسناده، وأن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أنكره أشد الإنكار.
وفيه - أيضا - عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، وإسناده ضعيف.
وفيه - أيضا - من مراسيل nindex.php?page=showalam&ids=12134أبي قلابة ، وفي إسناده ضعف.
وقالت طائفة: تؤتى الجمعة من فرسخين، قاله nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق ، نقله عنه حرب .
لكنهما لم يصرحا بوجوب ذلك، وقد تقدم نحوه عن غير واحد.
وخرج حرب من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12514ابن أبي عروبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، أنه كان يجمع من الزاوية ، وهي فرسخان.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15603ثابت ، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، أنه كان يكون بينه وبين البصرة ثلاثة أميال، فيشهد الجمعة بالبصرة .
وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عنه، أنه كان أحيانا لا يجمع.
وكذلك روي عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، أنه كان بالشجرة - وهي ذو الحليفة - فكان أحيانا يجمع، وأحيانا لا يجمع.
وقد روي عنه الأمران جميعا.
وكذلك nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص ، كان في قصره بالعقيق ، فكان أحيانا يجمع، وأحيانا لا يجمع، وكان بينه وبين المدينة سبعة أميال أو ثمانية. وكذلك روي عن عائشة بنت سعد ، أن أباها كان يفعل.