صفحة جزء
[ ص: 535 ] 16 - باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء

601 627 - حدثنا عبد الله بن يزيد : ثنا كهمس بن الحسن ، عن عبد الله بن بريدة ، عن عبد الله بن مغفل ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " بين كل أذانين صلاة ، بين كل أذانين صلاة ، ثم قال في الثالثة : " لمن شاء " .


لا اختلاف أن المراد بالأذانين في الحديث : الأذان والإقامة ، وليس المراد الأذانين المتواليين ، وإن كانا مشروعين كأذان الفجر إذا تكرر مرتين .

وقد توقف بعضهم في دخول الصلاة بين الأذان الأول والثاني يوم الجمعة في هذا الحديث ؛ لأنهما أذانان مشروعان ، وعلى ما قررناه : لا يدخل في الحديث ، وكما لا تدخل الصلاة بين الأذان الأول والثاني للفجر ، وإن كانت الصلاة يوم الجمعة بعد الزوال حسنة مندوبا إليها ؛ لأدلة أخرى ، تذكر في " الجمعة " - إن شاء الله .

وحديث ابن مغفل يدخل فيه : الصلاة بين الأذان والإقامة في جميع الصلوات الخمس ، فأما أذان الصبح فيشرع بعده ركعتا الفجر ، ولا يزاد عليهما عند جمهور العلماء .

حتى قال كثير منهم : إن من صلى ركعتي الفجر في بيته ، ثم دخل المسجد .

يعني أن الأظهر عنه أنه لا يصلى في أوقات النهي شيء من ذوات الأسباب ولا غيرها .

[ ص: 536 ] وعنه رواية أخرى ، أنه يصلى ذوات الأسباب ، كقول الشافعي ، فيصلي الداخل حينئذ تحية المسجد ثم يجلس .

وقد تقدمت هذه المسألة في الكلام على أحاديث النهي مستوفاة .

وأما الظهر ، فإنه يستحب التطوع قبلها بركعتين أو أربع ركعات ، وهي من الرواتب عند الأكثرين .

وقد روي في الصلاة عقب زوال الشمس أحاديث ، في أسانيد في أكثرها مقال .

وبكل حال ؛ فما بين الأذانين للظهر هو وقت صلاة ، فمن شاء استقل ومن شاء استكثر .

وأما بين الأذانين لصلاة العصر ، فهذا الحديث يدل على أنه يشرع بينهما صلاة ، وقد ورد في الأربع قبل العصر أحاديث متعددة ، وفي الركعتين - أيضا .

واختلفوا : هل يلتحق بالسنن الرواتب ؟ والجمهور على أنها لا تلتحق بها .

وأما بين الأذانين قبل المغرب ، فهذا الحديث يدل على مشروعية الصلاة فيه .

وقد اختلف العلماء في ذلك :

فمنهم من كرهه ، وقال : لا يزول وقت النهي حتى يصلى المغرب ، وهو قول الكوفيين وغيرهم .

ومنهم من قال : باستحبابها ، وهو رواية عن أحمد ، وقول طائفة من السلف ؛ لهذا الحديث ؛ ولحديث أنس في الباب الماضي .

ومنهم من قال : هي مباحة ، غير مكروهة ولا مستحبة ، والأمر بها إطلاق من محظور ، فلا يفيد أكثر من الإباحة ، وهو رواية عن أحمد ، وسيأتي القول فيها بأبسط من هذا في موضع آخر - إن شاء الله تعالى .

[ ص: 537 ] وأما الصلاة بين الأذانين للعشاء ، فهي كالصلاة بين الأذانين للعصر ودونها ؛ فإنا لا نعلم قائلا يقول بأنها تلتحق بالسنن الرواتب .

التالي السابق


الخدمات العلمية