قوله : إلا الذين تابوا هذا استثناء منقطع لأن التائبين غير داخلين في صدر الكلام وهو قوله : وأولئك هم الفاسقون إذ التوبة تجب ما قبلها من الذنوب فلا يكون التائب فاسقا ، وأما شهادته فلا تقبل أبدا عند الحنفية لأن رد الشهادة من تتمة الحد لأنه يصلح جزاء ، فيكون مشاركا للأول في كونه حدا ، وقوله : وأولئك هم الفاسقون لا يصلح جزاء لأنه ليس بخطاب للأئمة بل هو إخبار عن صفة قائمة بالقاذفين ، فلا يصلح أن يكون من تمام الحد لأنه كلام مبتدأ على سبيل الاستئناف منقطع عما قبله لعدم صحة عطفه على ما سبق ، لأن قوله : وأولئك هم الفاسقون جملة إخبارية ليس بخطاب للأئمة ، وما قبله جملة إنشائية خطاب للأئمة ، وكذا قوله : ولا تقبلوا جملة إنشائية خطاب للأئمة فيصلح أن يكون عطفا على قوله : فاجلدوا nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي رحمه الله قطع قوله : ولا تقبلوا عن قوله : فاجلدوا مع دليل الاتصال وهو كونه جملة إنشائية صالحة للجزاء مفوضة إلى الأئمة مثل الأولى وواصل قوله : وأولئك هم الفاسقون مع قيام دليل الانفصال وهو كونه جملة اسمية غير صالحة للجزاء ، ثم إنه إذا تاب قبلت شهادته عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رد شهادته يتعلق باستيفاء الحد ، فإذا شهد قبل الحد أو قبل تمام استيفائه قبلت شهادته ، فإذا استوفي لم تقبل شهادته أبدا وإن تاب وكان من الأبرار الأتقياء ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رد شهادته متعلق بنفس القذف ، فإذا تاب عن القذف بأن يرجع عنه عاد مقبول الشهادة ، وكلاهما متمسك بالآية على الوجه الذي ذكرناه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : التوبة من القذف إكذابه نفسه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13785الإصطخري : معناه أن يقول : كذبت فلا أعود إلى مثله ، وقال أبو إسحاق : لا يقول كذبت لأنه ربما كان صادقا فيكون قوله : كذبت كذبا ، والكذب معصية والإتيان بالمعصية لا يكون توبة عن معصية أخرى ، بل يقول : القذف باطل ندمت على ما قلت ورجعت عنه ، ولا أعود إليه .
قوله : وأصلحوا قال أصحابنا : إنه بعد التوبة لا بد [ ص: 208 ] من مضي مدة عليه في حسن الحال حتى قدروا ذلك بسنة لأن الفصول الأربعة يتغير فيها الأحوال والطبائع كما في العنين .