قوله : " في الأموال والحدود " يعني سواء كان اليمين الذي على المدعى عليه في الأموال أو الحدود ، وأراد به أن هذا الحكم عام ، وقال بعضهم : يشير به إلى الرد على الكوفيين في تخصيصهم اليمين على المدعى عليه في الأموال دون الحدود .
( قلت ) : هذه الترجمة مشتملة على حكمين : الأول : أن اليمين على المدعى عليه وهو يستلزم شيئين : أحدهما : أن لا يجب يمين الاستظهار ، وفيه اختلاف العلماء وهو أن المدعي إذا أثبت ما يدعيه ببينة فللحاكم أن يستحلفه أن بينته شهدت بحق ، وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي والحسن بن حي ، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى عن nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم عن الحسن أن nindex.php?page=showalam&ids=8عليا رضي الله تعالى عنه استحلف عبد الله بن الحر مع بينته ، وذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك والكوفيون nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد إلى أنه لا يمين عليه ، وقال إسحاق : إذا استراب الحاكم أوجب ذلك ، والحجة لهم حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود الذي مضى في الباب السابق من حيث إنه صلى الله تعالى عليه وسلم لم يقل للأشعث : تحلف مع البينة ، فلم [ ص: 243 ] يوجب على المدعي غير البينة ، وأيضا قوله تعالى : والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء الآية ، فأبرأه الله تعالى من الجلد بإقامة أربعة شهداء من غير يمين ، والآخر أن لا يصح القضاء بشاهد واحد ويمين المدعي ; لأن الشارع جعل اليمين على المدعى عليه ، وفيه اختلاف أيضا نذكره عن قريب .
والحكم الثاني : أن اليمين على المدعى عليه في الأموال والحدود ، وفيه اختلاف أيضا ، فذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد إلى القول بعموم ذلك في الأموال والحدود والنكاح ونحوه ، واستثنى nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك النكاح والطلاق والعتاق والفدية ، فقال : لا يجب في شيء منها اليمين حتى يقيم المدعي البينة ولو شاهدا واحدا ، وقال الكوفيون : يختص اليمين بالمدعى عليه في الأموال دون الحدود ، وفي التوضيح : قام الإجماع على استحلاف المدعى عليه في الأموال ، واختلفوا في الحدود والطلاق والنكاح والعتق ، فذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إلى أن اليمين واجبة على كل مدعى عليه إذا لم يكن للمدعي بينة ، وسواء كانت الدعوى في دم أو جراح أو طلاق أو نكاح أو عتق أو غير ذلك ، واحتج بحديث الباب : شاهداك أو يمينه ، قال : ولم يخص مدعي مال دون مدعي دم أو غيره ، بل الواجب أن يحمل على العموم ، ألا يرى أنه جعل القسامة في دعوى الدم ، وقال للأنصار : يبرئكم يهود بخمسين يمينا ، والدم أعظم حرمة من المال ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور : إذا ادعت المرأة على زوجها خلعا أو طلاقا وجحد الزوج الطلاق فعليها البينة وإلا يستحلف الزوج ، وإن ادعى الخلع على مال فأنكرت ، فإن أقام البينة لزمها المال وإلا حلفت ولزم الزوج الفراق لأنه أقر به ، وإن ادعى العبد العتق ولا بينة له يستحلف السيد ، فإن حلف برئ ، وإن ادعى السيد أنه أعتقه على مال وأنكر العبد حلف ، ولزم السيد العتق ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف ومحمد يريان بأن يستحلف على النكاح فإن أبى ألزم النكاح .
( قلت ) : مذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أن المدعى عليه لا يستحلف في النكاح بأن يدعي على امرأة نكاحا وهي تجحد ، أو ادعت هي كذلك وهو يجحد .
ولا في الرجعة بأن ادعى بعد انقضاء عدتها أنه كان راجعها في العدة وهي تجحد ، أو ادعت هي كذلك وهو يجحد ، ولا في فيء الإيلاء بأن ادعى بعد مضي مدة الإيلاء أنه فاء إليها في المدة وهي تجحد ، أو ادعت المرأة كذلك وهو يجحد .
ولا في الاستيلاد بأن ادعت الأمة على سيدها أنها ولدت منه وأنكر المولى ، ولا يتصور العكس من قبله عليها لأن الاستيلاد يثبت بإقراره .
ولا في الرق بأن ادعى على مجهول النسب أنه عبده ، أو ادعى مجهول النسب أنه معتقه .
ولا في النسب بأن ادعى الولد على الوالد أو الوالد على الولد ، وأنكر الآخر .
ولا في الولاء بأن ادعى على معروف النسب أنه معتقه ، أو ادعى معروف النسب أنه معتقه ، أو كان ذلك في الموالاة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف ومحمد : يستحلف في الكل ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد .
ولا يستحلف باتفاق أصحابنا في الحد بأن قال رجل لآخر : لي عليك حد قذف وهو ينكر لا يستحلف لأنه يندرئ بالشبهات إلا إذا تضمن حقا بأن علق عتق عبده بالزنا ، وقال : إن زنيت فأنت حر فادعى العبد أنه زنى ولا بينة له عليه ، يستحلف المولى حتى إذا نكل ثبت العتق دون الزنا ، وقال القاضي الإمام فخر الدين المعروف بقاضيخان : الفتوى على أنه يستحلف المنكر في الأشياء الستة المذكورة ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري وأصحاب الرأي أنه لا يستحلف على شيء من الحدود ولا على القذف ، وقالوا : يستحلف على السرقة فإن نكل لزمه المال ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا يمين في النكاح والطلاق والعتق والفرقة إلا أن يقيم المدعي شاهدا واحدا ، فإذا أقامه استحلف المدعى عليه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب : إذا أقامت المرأة أو العبد شاهدا واحدا على أن الزوج طلقها أو أن السيد أعتقه ، فاليمين تكون على السيد والزوج ، فإن حلفا سقط عنهما الطلاق والعتق ، وهذا قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12873وابن الماجشون وابن كنانة ، وقال في المدونة : فإن نكل قضي بالطلاق والعتق ، ثم رجع nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فقال : لا يقضى بالطلاق ويسجن ، فإن طال سجنه دين وترك ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم ، وطول السجن عنده سنة .