قوله : ذلك إشارة إلى ما ذكر من قضية مريم ، قوله : من أنباء الغيب أي أخبار الغيب نوحيه إليك أي نقصه عليك وما كنت لديهم أي وما كنت يا محمد عندهم إذ يلقون أي حين يلقون الأقلام أيهم يكفل مريم أي يضمها إلى نفسه ويربيها وذلك لرغبتهم في الأجر وما كنت لديهم إذ يختصمون أي حين يختصمون في أخذها ، وأصل القصة أن امرأة عمران ، وهي حنة بنت فاقود ، لا تحمل فرأت يوما طائرا يزق فرخه فاشتهت الولد ، فدعت الله تعالى أن يهبها ولدا ، فاستجاب الله دعاءها فواقعها زوجها فحملت منه ، فلما تحققت الحمل نذرت أن يكون محررا أي خالصا لخدمة بيت المقدس ، فلما وضعت قالت : رب إني وضعتها أنثى ثم خرجت بها في خرقتها إلى بني الكاهن بن هروة أخي موسى بن عمران ، وهم يومئذ يلون من بيت المقدس ما يلي الحجبة من الكعبة ، فقالت لهم : دونكم هذه النذيرة ، فإني حررتها وهي ابنتي ، ولا تدخل الكنيسة حائض وأنا لا أردها إلى بيتي فقالوا : هذه ابنة إمامنا ، وكان عمران يؤمهم في الصلاة وصاحب القربان ، فقال زكرياء : ادفعوها إلي فإن خالتها تحتي ، فقالوا : لا تطيب نفوسنا هي ابنة إمامنا ، فعند ذلك اقترعوا بأقلامهم عليها ، وهي الأقلام التي كانوا يكتبون بها التوراة ، فقرعهم زكرياء عليه الصلاة والسلام ، وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة وغير واحد أنهم ذهبوا إلى نهر الأردن واقترعوا هنالك على أن يلقوا أقلامهم فيه فأيهم ثبت في جرية الماء فهو كافلها ، فألقوا أقلامهم فاحتملها الماء إلا قلم زكرياء فإنه ثبت ، فأخذها فضمها إلى نفسه ، وقد ذكر المفسرون أن الأقلام هي الأقلام التي كانوا يكتبون بها التوراة كما ذكرناه ، ويقال الأقلام السهام ، وسمي السهم قلما لأنه يقلم أي يبرى ، قوله : أيهم يكفل مريم أي يأخذها بكفالتها ، قوله : ( اقترعوا ) يعني عند التنافس في كفالة مريم ، قوله : ( مع الجرية ) بكسر الجيم للنوع من الجريان ، وقال ابن التين : صوابه أقرعوا أو قارعوا لأنه رباعي ، قلت : قد جاء اقترعوا كما جاء أقرعوا فلا وجه لدعوى الصواب فيه ، قوله : ( عال ) أي غلب الجرية ، ويروى علا ، ويروى عدا ، حاصله ارتفع قلم زكرياء ، ويقال إنهم اقترعوا ثلاث مرات ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : فلما وضعت مريم في المسجد اقترع عليها أهل المصلى وهم يكتبون الوحي .