صاح هل رأيت وسمعت براع رد في الضرع ما بقي في الحلاب
وقال : الحلاب والمحلب بكسر الميم وعاء يملؤه قدر حلب الناقة ، ومن الدليل على أن المراد من الحلاب غير الطيب عطف الطيب عليه بكلمة " أو " ، وجعله قسيما له ، وبهذا يندفع ما قاله القاضي عياض : إن الإسماعيلي سبق إلى قلبه أن الحلاب طيب ، وكيف يسبق إلى قلبه ذلك ، وقد عطف الطيب عليه والمعطوف غير المعطوف عليه ، وكذلك دعوى البخاري الأزهري التصحيف غير صحيحة ; لأن المعروف من الرواية بالمهملة والتخفيف ، وكذلك أنكر عليه أبو عبيدة الهروي ، وقال : الحلاب بكسر المهملة لا يصح غيرها ، وقد وهم من ظنه من الطيب ، وكذا من قاله بضم الجيم على أن قوله بتشديد اللام غير صحيح ; لأن في اللغة الفارسية ماء الورد هو جلاب بضم الجيم وتخفيف اللام أصله كلاب ، فكل بضم الكاف الصماء وسكون اللام اسم للورد عندهم ، وآب بمد الهمزة وسكون الباء الموحدة اسم الماء ، والقاعدة عندهم أن المضاف إليه يتقدم على المضاف ، وكذلك الصفة تقدم على الموصوف ، وإنما الجلاب بتشديد اللام فاسم للمشروب ( فإن قلت ) : إذا ثبت أن الحلاب اسم للإناء يكون المذكور في الترجمة شيئين : أحدهما الإناء ، والآخر الطيب ، وليس في الباب ذكر الطيب فلا يطابق الحديث الذي فيه إلا بعض الترجمة . ( قلت ) : قد عقد الباب لأحد الأمرين حيث جاء بـ " أو " الفاصلة دون الواو الواصلة ، فوفى بذكر أحدهما على أنه كثيرا ما يذكر في الترجمة شيئا ، ولا يذكر في الباب حديثا متعلقا به لأمر يقتضي ذلك ( فإن قلت ) : ما المناسبة بين ظرف الماء والطيب ؟ قلت : من حيث إن كلا القرطبي [ ص: 205 ] منهما يقع في مبتدإ الغسل ويحتمل أيضا أنه أراد بالحلاب الإناء الذي فيه الطيب ، يعني به تارة يطلب ظرف الطيب ، وتارة يطلب نفس الطيب ، كذا قاله الكرماني ، ولكن يرده ما رواه من طريق الإسماعيلي عن مكي بن إبراهيم حنظلة في هذا الحديث كان يغتسل بقدح بدل قوله : بحلاب ، وزاد فيه : كان يغسل يديه ، ثم يغسل وجهه ، ثم يقول بيده ثلاث غرف .