صفحة جزء
2613 26 - حدثنا هارون ، قال : حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ، قال : حدثنا صخر بن جويرية ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر تصدق بمال له على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان يقال له : ثمغ ، وكان نخلا ، فقال عمر : يا رسول الله ، إني استفدت مالا ، وهو عندي نفيس ، فأردت أن أتصدق به ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : تصدق بأصله لا يباع ، ولا يوهب ، ولا يورث ، ولكن ينفق ثمره ، فتصدق به عمر ، فصدقته ذلك في سبيل الله ، وفي الرقاب ، والمساكين ، والضيف ، وابن السبيل ; ولذي القربى ، ولا جناح على من وليه أن يأكل منه بالمعروف ، أو يوكل صديقه غير متمول به .


قيل وجه مطابقة الحديث للترجمة من حيث إن البخاري شبه الوصي بناظر الوقف ، ووجه الشبه أن النظر للموقوف عليهم من الفقراء ، وغيرهم كالنظر لليتامى ، ورد عليه بأن حديث ابن عمر هذا غير مطابق للترجمة ; لأن عمر [ ص: 60 ] رضي الله تعالى عنه هو المالك لمنافع وقفه ، ولا كذلك الوصي على أولاده ، فإنهم إنما يملكون المال بقسمة الله عز وجل وتمليكه ، ولا حق لمالكه فيه بعد موته ، فلذلك كان المختار أن وصي اليتيم ليس له الأكل من ماله إلا أن يكون فقيرا فيأكل ، واختلف في قضائه إذا أيسر . انتهى . وقال الكرماني : وجه مطابقة الحديث للترجمة من جهة أن المقصود جواز أخذ الأجر من مال اليتيم لقول عمر : لا جناح على من وليه أن يأكل بالمعروف . انتهى . ( قلت ) : هذا أوجه من غيره ، والحديث قد مضى عن قريب في باب الشروط في الوقف ، وهنا ذكره بأتم من ذاك .

وهارون هو ابن الأشعث بالشين المعجمة ، والعين المهملة ، والثاء المثلثة أبو عمر الهمداني بسكون الميم ، أصله من الكوفة ، ثم سكن بخارى ، ولم يخرج عنه البخاري في هذا الكتاب سوى هذا الموضع ، ووقع في رواية النسفي : حدثنا هارون كذا بغير نسبة ، ووقع عند أبي ذر ، وغيره : حدثنا هارون بن الأشعث ، وزعم ابن عدي أنه هارون بن يحيى المكي الزبيري ، ولم يعرف من حاله بشيء ، قيل : العمدة على رواية أبي ذر ، وغيره منسوبا ، وأبو سعيد هو عبد الرحمن بن عبد الله الحافظ ، مات سنة سبع وسبعين ومائة ، وصخر بفتح الصاد المهملة ، وسكون الخاء المعجمة ابن جويرية مصغر جارية بالجيم ، وهو من الأعلام المشتركة البصري .

قوله : ( ثمغ ) بفتح الثاء المثلثة ، وسكون الميم ، وبالغين المعجمة ، وحكى المنذري فتح الميم ، وقال أبو عبيد البكري : هي أرض تلقاء المدينة كانت لعمر رضي الله تعالى عنه . قوله : ( فصدقته ذلك ) ، وفي رواية الكشميهني فصدقته تلك ، فوجه التأنيث ظاهر ، ووجه التذكير باعتبار المذكور . قوله : ( أو يوكل صديقه ) بضم الياء ، وكسر الكاف ، وصديقه منصوب به . قوله : ( غير متمول به ) حال ، والضمير في به يرجع إلى المال الذي تصدق به عمر ، ذكر المال ، وأراد به الأرض التي تسمى ثمغ .

التالي السابق


الخدمات العلمية