أي : هذا باب يذكر فيه الشهادة سبع ، أي : سبعة أنواع ، وكونها سبعا باعتبار الشهداء ، ولهذا جاء في حديث جابر بن عتيك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=707701الشهداء سبعة أنواع سوى القتل في سبيل الله تعالى ; المطعون شهيد ، والغريق شهيد ، وصاحب ذات الجنب شهيد ، والمبطون شهيد ، والحريق شهيد ، والذي يموت تحت الهدم شهيد ، والمرأة تموت بجمع شهيدة . " الحديث في الموطأ . قوله : " بجمع " بضم الجيم وسكون الميم ، وفي آخره عين مهملة ، بمعنى المجموع ، كالذخر بمعنى المذخور ، وهو أن تموت المرأة وفي بطنها ولد ، وقيل : التي تموت بكرا ، وكسر nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي الجيم ، وفي حديث الباب " الشهداء خمسة " على ما يأتي ، وروى الحارث بن أبي أسامة من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : " الشهداء ثلاثة ; رجل خرج بنفسه وماله صابرا محتسبا لا يريد أن يقتل ولا يقتل ، فإن مات أو قتل غفرت له ذنوبه كلها ويجار من عذاب القبر ، ويؤمن من الفزع الأكبر ، ويزوج من الحور العين ويخلع عليه حلة الكرامة ، ويوضع على رأسه تاج الخلد ، والثاني : رجل خرج بنفسه وماله محتسبا يريد أن يقتل ولا يقتل ، فإن مات أو قتل كانت ركبته وركبة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام بين يدي الله عز وجل في مقعد صدق ، والثالث : رجل خرج بنفسه وماله محتسبا ، يريد أن يقتل أو يقتل ، فإن مات أو قتل فإنه يجيء يوم القيامة شاهرا سيفه واضعه على عاتقه ، والناس جاثون على الركب يقول : أفسحوا لنا فإنا قد بذلنا دماءنا لله عز وجل ، والذي نفسي بيده لو قال ذلك لإبراهيم عليه الصلاة والسلام أو لنبي من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لتنحى لهم عن الطريق ، لما يرى من حقهم ، ولا يسأل الله شيئا إلا أعطاه ولا يشفع في أحد إلا شفع فيه ، ويعطى في الجنة ما أحب .. " الحديث بطوله .
وهذا كما رأيت ترتقي الشهداء إلى قريب من أربعين ، فإن قلت : كيف التوفيق بين الأحاديث التي فيها العدد المختلف صريحا والأحاديث الأخر أيضا ؟ قلت : أما ذكر العدد المختلف فليس على معنى التحديد بل كل واحد من ذلك بحسب الحال وبحسب السؤال ، وبحسب ما تجدد العلم في ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم على أن التنصيص على العدد المعين لا ينافي الزيادة ومع هذا الشهيد الحقيقي هو قتيل المعركة وبه أثر أو قتله أهل الحرب أو أهل البغي أو قطاع الطريق ، سواء كان القتل مباشرة أو تسببا ، أو قتله المسلمون ظلما ولم يجب بقتله دية ، فالحكم فيه أن يكفن ويصلى عليه ولا يغسل ويدفن بدمه وثيابه ، إلا ما ليس من جنس الكفن كالفرو والحشو والسلاح المعلق عليه ، ويزاد وينقص هذا كله عند أصحابنا الحنفية ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : من مات في قتال أهل الحرب فهو شهيد سواء كان به أثر أو لا ، ومن قتل ظلما في غير قتال الكفار أو خرج في قتالهم ومات بعد انفصال القتال ، وكان بحيث يقطع بموته ففيه قولان ، في قول لم يكن شهيدا ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وفي المغني : إذا مات في المعترك فإنه لا يغسل ، [ ص: 128 ] رواية واحدة ، وهو قول أكثر أهل العلم ، ولا نعلم فيه خلافا إلا عن الحسن nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب فإنهما قالا : يغسل الشهيد ، ولا يعمل به ، وأما ما عدا ما ذكرناهم الآن فهم شهداء حكما لا حقيقة ، وهذا فضل من الله تعالى لهذه الأمة بأن جعل ما جرى عليهم تمحيصا لذنوبهم وزيادة في أجرهم بلغهم بها درجات الشهداء الحقيقية ومراتبهم فلهذا يغسلون ويعمل بهم ما يعمل بسائر أموات المسلمين ، وفي التوضيح : الشهداء ثلاثة أقسام ; شهيد في الدنيا والآخرة ، وهو المقتول في حرب الكفار بسبب من الأسباب ، وشهيد في الآخرة دون أحكام الدنيا ، وهم من ذكروا آنفا ، وشهيد في الدنيا دون الآخرة وهو من غل في الغنيمة ومن قتل مدبرا أو ما في معناه .