صفحة جزء
2829 195 - حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن أيوب ، عن محمد ، عن أنس رضي الله عنه قال : صبح النبي صلى الله عليه وسلم خيبر وقد خرجوا بالمساحي على أعناقهم ، فلما رأوه قالوا : هذا محمد والخميس ، محمد والخميس ، فلجئوا إلى الحصن فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال : الله أكبر خربت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ، وأصبنا حمرا فطبخناها فنادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر ، فأكفئت القدور بما فيها .


مطابقته للترجمة في قوله : ( الله أكبر خربت خيبر ) وعبد الله شيخه هو المسندي ، وسفيان هو ابن عيينة ، وأيوب هو السختياني ، ومحمد هو ابن سيرين ، وقد مر صدر هذا الحديث قبل هذا بعدة أبواب في باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام ، فإنه أخرجه هناك من حديث حميد عن أنس ، وأما حديث محمد بن سيرين فإنه أخرجه أيضا في علامات النبوة عن علي بن عبد الله ، وفي المغازي عن صدقة بن الفضل ، وأخرجه النسائي في الصيد عن محمد بن عبد الله بن يزيد ، وأخرجه ابن ماجه في الذبائح عن محمد بن يحيى عن عبد الرزاق .

قوله : ( وأصبنا حمرا ) بضم الحاء والميم جمع حمار ، قوله : ( فنادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم ) إلى آخره ، الذي كان نادى بالنهي عن لحوم الحمر الأهلية هو أبو طلحة كما هو المذكور عند مسلم ، قال : حدثنا محمد بن المنهال الضرير قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن أنس بن مالك قال : لما كان يوم خيبر جاء رجل فقال : يا رسول الله أكلت الحمر ، ثم جاء آخر فقال : يا رسول الله أفنيت الحمر ، فأمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أبا طلحة فنادى : إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر فإنها رجس ، أو نجس ، قال : فأكفئت القدور بما فيها .

قوله : ( والخميس ) أي الجيش وقد ذكرناه ، قوله : ( محمد والخميس ) بالتكرار وهو صحيح ، قوله : ( فلجئوا إلى الحصن ) أي تحصنوا بحصن خيبر ، وقد روى سفيان عن أيوب في هذا الحديث : حالوا إلى الحصن أي تحولوا له ، يقال : حلت عن المكان إذا تحولت عنه ، ومثله أحلت عنه ، قوله : ( ينهيانكم ) ... .

قوله : ( فأكفئت القدور بما فيها ) [ ص: 244 ] أي قلبت ونكست ، وقال ابن الأثير : يقال كفأت الإناء وأكفأته إذا كببته وإذا أملته لتفرغ ما فيها .

ويستفاد من هذا الحديث حرمة أكل لحم الحمر الأهلية ، واختلفت الأحاديث في سبب النهي على خمسة أوجه : الأول : ما ذكره مسلم في حديث أنس فإنها رجس أو نجس ، والثاني : كونها حمولة للناس على ما ذكر في حديث ابن مسعود نهى عنها لأنها كانت حمولة ، وهو وإن كان ضعيفا فهو مذكور في حديث ابن عباس المتفق عليه لا أدري أنهى عنه من أجل أنها كانت حمولة للناس فكره أن تذهب حمولتهم أو حرمه ، وفي بعض طرقه في المعجم الكبير للطبراني : حرمتها مخافة قلة الظهر ، وفي حديث ابن عمر عند مسلم : وكان الناس احتاجوا إليها ، والثالث : كونها لم تخمس ، ففي حديث ابن أبي أوفى المتفق عليه فقال فيه : ولا تأكلوا من لحوم الحمر شيئا . قال : فقال ناس : إنما نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنها لم تخمس . وقال آخرون : نهى عنها البتة ، الرابع : كونها جلالة فروى ابن ماجه في حديث ابن أبي أوفى : إنما حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم البتة من أجل أنها كانت جلالة تأكل العذرة ، وروى أبو داود في حديث غالب بن أبحر : فإنما حرمتها من جوال القرية ، والخامس : كونها انتهبت ولم تقسم ، فروى الطبراني بإسناد جيد من حديث ثعلبة بن الحكم قال : فسمعته ينهى عن النهبة فأمر بالقدور فأكفئت من لحوم الحمر الأهلية ، والتعليل بالنجاسة قاض على هذه العلل كلها فهي مؤثرة بنفسها ، وذهب قوم منهم عاصم بن عمر بن قتادة ، وعبيد بن الحسن ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى إلى إباحة أكل لحوم الحمر الأهلية واحتجوا فيه بحديث أبحر أو ابن أبحر أنه قال : يا رسول الله ، إنه لم يبق من مالي شيء أستطيع أن أطعمه أهلي إلا حمر لي ، قال : " فأطعم أهلك من سمين مالك فإنما كرهت لكم جوال القرية " رواه الطحاوي وأبو يعلى والطبراني ، وقال جمهور العلماء من التابعين ومن بعدهم منهم أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وأصحابهم : يحرم أكل لحوم الحمر الأهلية ، واحتجوا في ذلك بحديث الباب وما جاء به نحوه ، وبه قالت الظاهرية ، وحديث أبحر مختلف في إسناده اختلافا شديدا .

وقال البيهقي : هو معلول . وقال ابن حزم : هو بطرقه باطل لأنها كلها من طريق عبد الرحمن بن بشر وهو مجهول ، وعن عبد الله بن عمرو بن لؤيم وهو مجهول ومن طريق شريك وهو ضعيف .

التالي السابق


الخدمات العلمية