أي هذا كتاب في بيان أحكام الحيض ، ولما فرغ مما ورد في بيان أحكام الطهارة من الإحداث أصلا وخلفا ، شرع في بيان ما ورد في بيان الحيض الذي هو من الأنجاس ، وقدم ما ورد فيه على ما ورد في النفاس لكثرة وقوع الحيض بالنسبة إلى وقوع النفاس .
والحيض في اللغة : السيلان ، يقال : حاضت السمرة ، وهي شجرة يسيل منها شيء كالدم ، ويقال : الحيض لغة الدم الخارج ، يقال : حاضت الأرانب إذا خرج منها الدم ، وفي ( العباب ) التحييض التسييل ، يقال : حاضت المرأة تحيض حيضا ومحاضا ومحيضا . وعن اللحياني : حاض وجاض وحاص بالمهملتين وحاد كلها بمعنى ، والمرأة حائض وهي اللغة الفصيحة الفاشية بغير تاء ، واختلف النحاة في ذلك ، فقال الخليل : لما لم يكن جاريا على الفعل كان بمنزلة المنسوب بمعنى حائضي ، أي : ذات حيض كدارع ونابل وتامر ولابن ، وكذا طالق وطامث وقاعد للآيسة ، أي : ذات طلاق ، ومذهب سيبويه أن ذلك صفة شيء مذكر ، أي شيء أو إنسان أو شخص حائض ، ومذهب الكوفيين أنه استغنى عن علامة التأنيث ; لأنه مخصوص بالمؤنث ، ونقض بجمل باذل وناقة بازل وضامر فيهما ، وأما معناه في الشرع فهو دم ينفضه رحم امرأة سليمة عن داء وصغر ، وقال الأزهري : الحيض دم يرخيه رحم المرأة بعد بلوغها في أوقات معتادة من قعر الرحم . وقال الكرخي : الحيض دم تصير به المرأة بالغة بابتداء خروجه ، وقيل : هو دم ممتد خارج عن موضع مخصوص ، وهو القيل : والاستحاضة جريان الدم في غير أوانه ، وقال أصحابنا : الاستحاضة ما تراه المرأة في أقل من ثلاثة أيام أو على أكثر من عشرة أيام .